اليابان
تعدّ اليابان من الدّول المتقدمة اقتصادياً خصوصاً في مجال تصنيع التّكنولوجيا؛ فالعقل الياباني أثبت جدارته وكفاءته بعد الحرب العالمية الثّانية، ولكن عند النّظر والتأمّل للطبيعة الجغرافية لليابان سيقف الحائر مذهولاً لهذه الجغرافية الجبلية، فما هي إلّا عبارة عن أرخبيل من الجزر، فكيف نجحت اليابان على الرّغم من هذه المساحات الضيقة في النهوض الاقتصادي؟
تضاريس اليابان
يغلب على تضاريس اليابان الطابع الجبلي بنسبةٍ كبيرة جداً؛ حيث تُشكّل 72% من المساحة وهي ذات طابع بركاني، وتشكل السّهول نسبةً قليلة جداً من مساحة الدّولة، ولهذا أثرت الطّبيعة الجغرافية التّكوينية لليابان على التّوزع والانتشار السّكاني؛ حيث تتوزع الكثافة السكانية في الجنوب الشرقي لجزيرة هونشو أي في العاصمة طوكيو ويوكاهاما، وفي جزيرة شيكوكو وكيوشو أي في السواحل الجنوبية وسهول كانتو وكانسا.
طرق إقامة المنشآت الاقتصادية في اليابان
طبيعة التّضاريس في اليابان هي الجبال التي تتخللها البراكين وتعرّضها لحدوث الزلازل؛ فالجبال هي مناطق غير آمنة لاستقرار السّكان وإقامة المشاريع السّكانية، فتبقى السّهول والسّواحل التي تشغل 16% هي مساحة آمنة لتمركز السكّان وممارسة حياتهم الطّبيعية؛ فهذه المساحة قليلة جداً أي تواجه اليابان فعلياً مشكلة حقيقية وهي مشكلة الأراضي الصّالحة لإقامة المشاريع والّنشاطات الصّناعية والتّجارية والزّراعية، مع ذلك نجحت بالنّهضة الاقتصاديّة على الرغم من حقيقة صغر المساحة الصالحة للسكّان؛ فالاكتظاظ متمركز في الجنوب الياباني في جزيرة هونشو، ولكن كيف عالج الشعب الياباني مشكلة قلة أراضيهم لإقامة المنشآت الاقتصاديّة؟ وما هي الأساليب التي قاموا بها؟
طرق حل مشكلة قلة الأراضي لإقامة المنشآت الاقتصاديّة
نجحت اليابان في إنشاء المساطب والمدرجات على التلال والجبال لزراعتها واستصلاحها من جديد، ولم تُركّز على زراعة المحاصيل التي تحتاج لمساحات واسعة مثل محاصيل الذرة، والشمندر السكري، والقمح، بل تستوردها، واعتمدت أيضاً في إنشاء البيوت الزجاجية على طوابق مرتفعة لزراعتها، وتعتمد على زراعة البذور المحسّنة وطرق الرّي الحديثة والمواد الكيمايئية؛ فاليابان مكتفية ذاتياً من الأرز الذي تقوم بزراعته في المصاطب؛ فالزراعة مورد اقتصادي لا غنى عنه في اليابان على الرّغم من حجمه المتواضع.
تنتشر في اليابان ناطحات السّحاب والأبنية المرتفعة جداً التي تتكوّن من عدد كبير من الشقق السّكنية لمواجهة واستيعاب الاكتظاظ السّكاني الذي يقارب المائة وخمسة وعشرين مليون نسمة، هذا عدا عن الأبنية المهيّأة لمواجهة الكوراث الطّبيعية.
تشتهر اليابان بالبنية التحتية القوية والمتطوّرة؛ فنظام النقل فيها هو نظام قوي ومتطوّر لمواكبة النشاط السكاني والاقتصادي بسهولة؛ فهي تمتلك سكك حديدية مشهورة عالمياً مثل الأسطول الياباني للقطارت الكهربائية السّريعة، وهذا يخدم كثيراً حيويّة المشاريع الاقتصادية حيث يتنقل السكان للعمل بسهولة وبكل أمان في أيّ وقتٍ بسبب الجسور المعلقة وشبكات القطارات، وتمتدّ وتقطع مسافات كبيرة بين جزرها.
المنشآت الاقتصاديّة تتمركز بالمناطق التي يستوطنها السكّان؛ أي محصورة داخل المدن الكبرى، وتمتدّ بشكلٍ عامودي بعمارات شاهقة الارتفاع وهي مجهزة ومهيأة للإنتاج، واعتمدت على نظام الجودة في التصنيع؛ حيث تميّزت بجودة منتجاتها التي نافست بقوة في الأسواق العالمية خصوصاً في الأسواق الأمريكية، فعلى الرّغم من شح الموارد الطبيعية قامت باستيراد المواد الخام وتصنيعها بيد العمالة اليابانية بجودة عالية؛ فاليابان لا تُركّز على الكمّ ولكن تعتمد على نوعية المنتج وجودته.