ما كفكفت دمعي
حين كسرني الهجر ..
وما خبأت حلمي يا سيدتي في الغار ...
كان للحمامة في عشها
أن تتلو صمتها بين فجاج العراء ؛
إذ لم تعد في منافي بلادي
سطوة أو حبور ...
وكان للعنكبوت أن تخيط فم الغار ...
لكن الصمت الآتي
من وجع الوطن الآسن
أيقظ بعض سكونه
في دوحة الغرباء ....
هو ذا الوطن الممدود
على قارعة الحلم
يأوي كاسات الحزن
والكلمات العقيمه ...
وما كان للشعراء أن يلملموا
سراب الخطيئة في بئر خفيه
أخفت حزن يوسف حين ارتوت الخطيئه ...
وحين مر العابرون على أرصفة الكلام
رأيت قميص السجين يروي القضيه
قصة الأهل في دروب هذا الدمار
إذ أعاد حجة إخوته في مهب النسيان ...
كبرت هذي البلاد وامتد الفجيعه ...
وما عاد في لفح الرمل غير
ذكرى الوافدين لهذا الألم ....
وشوارع هذي القبيلة
ما استجابت لنزوة الباسوس ...
كان النوم حليفها إذ صاحت
سيدة بين أزقة الشام :
وامعتصماه .... !!!
لكن الصدى ما ارتج بين الأخشبين
وما سمعت صوامع هذي البلاد
حفيف النخل حين احتضر ...
وحين التمس فارس القبيلة سيفه ...
مارأيت خلف الصمت غير أقنعة تغني ..
كان للطفلة أن تكبر بين سياط
النسيان وهجر القصيده..
وأن ترمي لعبتها قربانا
لمن مزق سحر الضفيره ...
وترسم من أقصى المحيط إلى أقصاه
جرحها الممتد على سرير طفولتها القصيه ...
كان للطفل أن يشرع صدره للرماد ..
لما تردد في الأفق هذا النشيد :
منسي أنت أيها العائد من سفر
الأجشان ...
طوتك غيمة البعد في طي الكتمان
ومزقوا أشرعة الحلم في بحر الأحزان
ما كان لك المضي خلف السؤال
ولا الركض في فلاة التلال
فكل خطاك بذاكرة الغرباء
محتها لحظة التيه
في حب هذا الوطن ....
علي الزاهر