يبدو كل شيء أمامك طبيعيًا ومعتادًا: هناك ذلك الرجل بقميص صيفي بينما يلتقط صورة سيلفي له مع زوجته، وهناك على مقربة ذلك الأب الذي يشارك ابنه ركوب أرجوحة التوازن، وهناك ذلك الطالب الذي يحمل حقيبة كتبه بينما يتهادي ببطء. في الواقع المكان مزدحم نوعًا بالأشخاص الغارقين بأنشطة كثيرة أخرى مختلفة.
مشهد معتاد يتكرر صبيحة كل يوم، ويظل طبيعيًا للناظر إلى أن يمر أول سرب سمك بسرعة وبطء بين الموجودين! لا هواء هنا ولا زقزقة عصافير ولا صوت إلا تيارات المياه المكتومة والممجوجة.
مرحبًا بكم في متحف ميوزيو أتلانتيكو Museo Atlantico أو متحف أتلانتيكو!
هناك بالأسفل في قاع المحيط الهادي بساحل خليج كولوراداس بجزر الكاناري، تقبع مئات المنحوتات والتماثيل الساكنة لأشخاص وكيانات تجمد الزمن بهم بينما يمارسون ما يبدو للناظرين بأنها أنشطة اعتيادية مألوفة لنا بالعالم بالأعلى. وجميعها من صنع ومخيلة الفنان والنحات البريطاني جيسون تايلور Jason deCaires Taylo.
متحف أتلانتيكو يعد الأول من نوعه كمتحف غارق تحت الماء في أوروبا؛ حيث قام تايلور بصنع ما يزيد عن 400 منحوتة وتمثالًا من الإسمنت وأسقطهم في الفراغ المخصص للمتحف بقاع المحيط الهادي في فبراير 2016. بوابة المتحف تبدو مخيفة تثير القشعريرة في الجسد كأنها بوابة لعالم الأموات أنفسهم…
لكن فكرة المتحف نفسها لا يقصد بها مجرد الاستمتاع بما يحويه أو أن يكون مجرد وجهة سياحية فريدة؛ فهناك رسالة قوية ومهمة يرسلها المتحف … وهي لفت انتباهنا لأكثر المشاكل والأحداث إثارة للجدل في عالمنا بالأعلى بإلقاء ظلالها… هناك بالأسفل!
فالتماثيل الغارقة تجسد كل ما يؤثر علينا حول العالم، بما في ذلك القلق المتنامي بشأن تغير المناخ، وقضية اللائجين والهجرة الشرعية، وممارسات البشر غير الصحية أو الاجتماعية المستحدثة! كل هذا في عرض صديق للبيئة حيث تخدم التماثيل والموجودات الإسمنتية الحياة البحرية بعملها كحيد بحري صناعي تلجأ إليه الكائنات البحرية باختلاف أنواعها.
وكما أشرنا بالأعلى، فالمتحف هو الأول من نوعه في أوروبا؛ لكنه ليس الوحيد في العالم. فلتايلور أعمال أخرى شبيهة في المكسيك وجزر الباهاما. الصور التالية لعمله المدهش المسمى “المد الصاعد The Rising Tide“، والذي يجسد فرسان سفر الرؤيا الأربعة Four Horsemen of the Apocalypse على ضفاف جسر فوكسهول Vauxhall على نهر التايمز بلندن. الفرسان الأربعة يختفون تحت مياه المد ولا يظهرون إلا مرتين فقط في اليوم مع انحسار الجزر.
هل ترغبون يومًا بزيارة متحف أتلانتيكو؟ كيف تتوقعون شعوركم بين منحوتات المعاناة والفراق والنرجسية وممارساتكم أنتم شخصيًا؟
من يدري، لربما أصبحت الأثر الباقي الذي يحكي عنا لزوار المستقبل غير الأرضيين!
مصادر: 1 2 3 4