(الصفر)
هو الرقم الذي يرمز في الحساب ب
( 0 )
ثم إن إسهامات المسلمين في علم الرياضيات قامت على نظريات واضحة وخطط محددة، فمنهج كتابة الأرقام من اليمين إلى اليسار يعكس منشأه العربي بلا جدال.
ومن أهم وأخطر ما أدخله العرب إلى علم الرياضيات هو الرقم صفر على يد العالم العربي محمد بن أحمد عام 967م، والصفر لم يعرفه الغرب إلا في القرن الثالث عشر الميلادي.
الرجوع إلى تاريخ الصفر !
إن بعض المؤرخين العلميين يدّعون أن اكتشاف الصفر هو اكتشاف هندي، لكن الدراسة المتأنية والمحايدة تظهر أن هذا الإدّعاء ليس له أساس من الصحة، فالعلماء الهنود كان لهم باع طويل في علم الرياضيات حقاً بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية التي لم تسهم من قريب أو من بعيد في هذا العلم، وقد بدأت إسهاماتهم في علم الرياضيات في زمن مبكر، حوالي 600م، بإدخال النظام العشري في الحساب، ويعود إلى الهنود الفضل بدون شك في استخدام الأرقام السالبة، وقد بدأ الهنود محاولات أولية لحل المعادلات الجبرية في أكثر من مجهول، وكان كل مجهول يميز بلون مختلف، وهذه المحاولات الأولية والبدائية لا ترقى لتكون أساس العلم، إلا أنها مجهود علمي لا يجب أن ينكر.
تأملات مدهشة حول الصفر !
· الصفر ليس سالباً أو موجباً
الصفر هو الرقم الوحيد الذي لا يعد سالبا أو موجبا، بل هو يمثل الحد بين الأرقام السالبة والموجبة.
وهذه السمة تجعل الصفر نقطة البداية الطبيعية أو الأصل في أي تدريج مثل محاور الإحداثيات أو الترمومتر.
· الصفر ترتكز عليه جميع الأعداد
ويمتاز الصفر بصفات خاصّة استثنائيّة لا يتمتّع بها أيّ عدد آخر، إذ بعد انتهاء العدد تسعة، لا بد من اللجوء إلى الصّفر لكي تدخل الأعداد دورة جديدة ، وحين يصل العدّ إلى التّسعة عشر ، يتدخّل واحد ثان مع الصّفر ، من أجل ابتداء دورة جديدة ثانية .
ومن هنا ، فالصّفر السّر الذي ترتكز عليه كل الأعداد ، وإليه تعود في النهاية لتتنامى وتعظم .
لذلك يرمز الصّفر إلى الاستمرارية ، به يبدأ العد ، وبه ينتهي وبه تنتقل الأعداد من دورة عددية إلى أخرى ، ويستحيل على الأعداد الاستمرار من دونه .
فالصفر هو رمز الاستمرارية والخلود ، هو رمز الغموض والمجهول أيضا. لأن السر الكبير يكمن في معرفة كنه الصفر، وكيف يعمل !
· الصفر طاقة حيادية
قد تتعجب من قولنا "إن الصفر طاقة" فكيف يكون الصفر طاقة؟
إن للصفر قدرة على إحداث التغيير وبالتالي نقول أنه طاقة ولكن ما خصائص هذه الطاقة, إن الخاصية الأولى والأكثر أهمية في هذه الطاقة أنها طاقة حيادية يمكنها أن تكون سالبة إذا ما استعملت لأهداف سالبة ؛ كما يمكنها أن تكون موجبة ، إذا ما استعملت لأهداف موجبة. بعبارة أخرى ، يمكن للصفر أن يكون الانتهاء أو الفراغ ، إذا ما أريد له كذلك ؛ مثلما يمكن له أن يكون نهاية دورة وبداية أخرى ؛ إذا ما استُعمل لأجل هذا الهدف .
لهذا السبب شبّه الأقدمون الصفر بالطاقة اللاواعية التي باستطاعتها أن تبني أو تدمر !
فالطاقة اللاواعية تفتقر إلى عنصر الحكمة ، أو حكمة العدل !
فكما يمكن للصفر أن يكون انتهاء ، تلاشياً ، أو ضياعاً ... كذلك يمكنه أن يكون بداية ايجابية جديدة .
· الصفر عديم القيمة في ذاته ويمنح الأرقام الأخرى قيمتها:
الخاصية الثانية من خصائص الصفر كون الصفر طاقة عديمة القيمة في ذاتها قوية التأثير إذا أضيفت إلى سواها,
بمعنى أن الصفر في ذاته يعني "لا شيء" ومن ثم فإنه عديم التأثير عديم القيمة إذا نظرنا إليه من ناحية القيمة الذاتية له كعدد.
بينما هو طاقة عظيمة التأثير إذا أضيف لغيره من الأعداد, فلا يمكن الانتقال من الآحاد إلى العشرات دون وجود الصفر وكذلك لا يمكننا الانتقال من العشرات إلى المئات دون الصفر, وهكذا بالنسبة لباقي الدورات العددية. فالصفر خال من القيمة .
لذلك ، فهو يعتبر (لا شيء) ، أو (عدم) ، حين يكون وحيداً . لكنه يعني الكثير حين يتواجد إلى جانب أرقام أخرى .
إذن فالأرقام بأجمعها تعتمد على سرّ الصفر ... ويستحيل على الأعداد الاستمرار دون الصفر !
مرة أخرى نقول أن الصفر هو اللاوعي ... لكن كل رقم يضاف إليه الصفر ، أو يتواجد إلى جانبه ، يكتسب درجة وعي أسمى !
ترى ، أنّى للصفر هذا الوعي الذي يضيفه إلى الأرقام ؟!
الصفر تقوم عليه علوم الاتصالات والحسابات:
نعم تقوم علوم الحاسب والمعلومات أساساً على الصفر:
لعلك تستبعد هذه الحقيقة!
ولكن لا تتسرع في الحكم واليك الإجابة:
يتعامل الحاسب مع البيانات بصورة رقمية فما معنى ذلك؟
يتعامل الحاسب مع البيانات ويقوم بتحليلها واسترجاعها وتخزينها باستخدام "النظام الثنائي" وهذا النظام يمكن أن نسميه
تجاوزاً "اللغة" التي يعمل بها الحاسب ويفهمها هذا النظام أو هذه اللغة تتكون فقط من حرفين هما"الواحد والصفر" بمعنى أن البيانات داخل الحاسب تأخذ الشكل التالي: 011000010111000001101111 وتقرأ من
اليسار إلى اليمين.
وهو ما يعني أن الصفر يكون نصف مفردات اللغة التي يفهمها الحاسب فإذا كان الأمر كذلك فكم يساوي الصفر في ثورة الحاسبات والمعلومات.
هذه الثورة الهائلة في الشبكة المعلوماتية "الإنترنت" تعتمد تبعاً لما سبق على الصفر وإليك التفسير:
بشكل عام في عالم الإلكترونيات إذا أردنا نقل بيانات من مكان إلى آخر بغض النظر عن بعد هذين المكانين عن بعضهما فلا بد من أن :
أولاً : يجب أن يتم تحويل هذه البيانات إلى إشارات قابلة للنقل .
ثانياً : تنقل هذه البيانات إلى الطرف الآخر على شكل إشارات إلكترونية .
ثالثاً : يقوم الطرف الآخر بتحويل هذه الإشارة إلى بيانات مرة أخرى .
إن عملية نقل البيانات ( الخطوة الثانية ) يمكن أن تتم باستخدام الطريقة الرقمية:
الطريقة الرقمية : وفيها ترسل المعلومات من طرف إلى آخر على شكل سلسلة من الإشارات كل إشارة قيمتها 1 أو صفر ، مثلاً قد تكون سلسلة الإشارات على الشكل التالي : 001101101010111001000010110
وهذا الأسلوب يقوم عليه عمليات نقل البيانات بين الحاسبات المختلفة على شبكة المعلومات "الإنترنت" وبالتالي هل ترى أنه يمكن أن تقوم ثورة الاتصالات بمعزل عن الصفر.
هل عرفت قيمة الصفر الآن!