سعيد يوسف
يختصر الفنان سعيد يوسف شغفه بالعزف على آلة البزق والدافع الأكبر وراء تمكنه من العزف عليها وتعلقه بها بأنه كان يسمع أمير البزق محمد عبد الكريم عبر أثير إذاعة دمشق لدرجة بات يتمنى أن يصبح في يوم من الأيام مثله ولذلك كان يعزف على آلة الـ (صاص) أو ما يسميها البعض(الطنبورة) وهي آلة تشبه البزق أتت من تركيا إلى أن جاء يوم في عام 1967 ذهب فيه إلى تسالونيكي في اليونان لحضور حفلة وهناك كان لقاؤه مع أول آلة بزق ستدخل إلى مدينة القامشلي.
يقول يوسف في حديث خاص لوكالة سانا.. لفت نظري في تسالونيكي وجود محل لبيع الآلات الموسيقية يحتوي على الكثير من آلات البزق وعندها قررت شراء إحداها ووجدت أن مكان توضع الأصابع على الزند غربية بحيث انها تشبه (دوسات) الغيتار فأضفت عليها عدداً من الدوسات وحولتها إلى آلة شرقية تماماً وكانت تلك الآلة أول بزق يدخل إلى المنطقة الشمالية الشرقية من سورية ومن هنا ارتبط اسم آلة البزق في القامشلي باسمي.
لكن علاقة سعيد مع عزف البزق تمتد إلى فترات سابقة فهو ينتمي إلى عائلة لها اهتماماتها الموسيقية فعندما كان طالباً اشترى آلة (طنبورة) بسعر بخس وتدرب عليها كثيراً ويوما بعد يوم بدأ يتقدم بالعزف مقلداً البعض عبر ما يسمعه من تسجيلات وكان قدوته أمير البزق محمد عبد الكريم.
أما العامل المساعد له في تدريبه على العزف فأرجعه لحسن صوته في الغناء ويقول في ذلك.. كنت أغني ضمن المدرسة وكانوا يثنون على صوتي الجميل عندما أغني للفنان فريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب وكارم محمود الذي أحبه كثيراً وعندما اشتريت آلة البزق بات صوتي يساعدني في التمرن الصحيح على الآلة فكنت أغني جملة لحنية وأتمرن كثيراً حتى أستطيع عزف ما يوازيها على البزق إضافة إلى مثابرتي بكل لحن وكل جملة لحنية وكل مقام حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن.
وشكل هذا العازف والملحن أسلوباً خاصاً بالعزف مستنداً إلى خليط موسيقي بين العربي والكردي والفارسي والتركي ومنها صنع مدرسة تأثر بها أغلب فناني الجزيرة السورية واليوم أصبحت معزوفاته وأغانيه تراثاً للموسيقا السورية بحيث قال عنه أمير البزق.. لا تموت آلة البزق في سورية طالما هناك شخص يدعى سعيد يوسف وبعدها أوصى خلال مرضه بأن ينتقل بزقه إليه.
عن ذلك يقول ابن الجزيرة السورية.. ذهبت إلى نقابة الفنانين بعد وفاة أمير البزق وكانت هناك الفنانة منى واصف وحسن دكاك وقالوا لي ان ذاك البزق تحول إلى رمز وطني ولم يسمح لي بأخذه وإنما سمحوا لي بالعزف عليه لمدة نصف ساعة ضمن برنامج في التلفزيون العربي السوري.
أما عن ألحان يوسف فيرد ألقها إلى الفسيفساء الجميلة في منطقة الجزيرة السورية ويوضح.. في الجزيرة لدينا فسيفساء جميلة للقوميات تتنوع بين كردي.. أرمني.. سرياني.. آشوري.. بدوي.. عربي عادي.. ساحلي.. ومن يغني هناك ينبغي أن يعرف جميع اللهجات.
وهذا ساعدني بتقنية عزفي إذ أصبحت ألحن أغاني بكل تلك اللهجات إضافة للسريانية وبات لي نمطي الخاص للألحان.
نتيجة هذا النهل من اللهجات المحكية وتنوعها لحن سعيد لسميرة توفيق أغنية (صبوا القهوة وصبوا الشاي).. كما غنى من ألحانه كل من الفنانين شفان برور.. شيرين.. كليستان.. فاته.. آواز.. والمغني الفرنسي جوني أوبير والتركي علي شان.. وأينور دوغان..
أما أكثر ما يهم يوسف عند التلحين هو معرفة قدرة صوت المغني.. سواء أكان الغناء بالعربي أو بأي من تلك اللهجات أو حتى بالتركي.. ولهذا السبب يعزي كون ألحانه باتت شائعة جداً بكل الجزيرة وتعدت الحدود السورية قائلاً.. إنني ذهبت إلى تركيا وعرفت أن أكثر من 40 مغنياً يغنون من ألحاني مع بعض التحريفات باللحن أو مجرد إضافة كلمات تركية على ألحاني.
على صعيد آخر ألف يوسف كتاباً عن تعليم البزق اسمه بدائع تعليم آلة البزق وهو الآن قيد الطباعة في مطابع وزارة الثقافة السورية.. وعندما كان في نسخته النهائية اطلع عليه الفنان زياد الرحباني واختار منه إحدى عشرة مقطوعة ليقوم بتوزيعها أوركسترالياً وهي الآن بحسب يوسف قيد التسجيل.
يذكر أن الملحن يوسف عمل في إذاعة لبنان منذ بداية السبعينيات.. وسجلت له العديد من المعزوفات وشارك في بعض البرامج فيها كما عمل في إذاعة دمشق في أواسط السبعينيات ولا تزال بعض من أعماله محفوظة في أرشيفها وأحيا حفلات منها حفل افتتاح مسابقة العود الدولية التي يقوم بها معهد صلحي الوادي للموسيقا بدمشق عام 2008 إضافة إلى جولاته الفنية في العديد من البلدان العربية والأوروبية والأفريقية.
كرم يوسف ونال العديد من الجوائز العالمية.. أهمها طابع تذكاري عليه صورته من احدى الجمعيات السويسرية.. كما سجلت له منظمة اليونيسكو أسطوانة ذهبية أواسط السبعينيات.. عندما قام هو وعازف العود العراقي منير بشير بعدد من الحفلات في الدول الأوروبية.. بالإضافة إلى العديد من الجوائز منحتها له جمعيات ثقافية في لبنان وتركيا والعراق والدنمارك والنمسا.