· مقدمة
من الواضح لجميع المهتمين بموضوع الإسكان من دوائر، ومؤسسات حكومية، وأفراد كمهندسين، ومخططين، واقتصاديين الحاجة الماسة لتشييد ملايين الوحدات السكنية الجديدة لتلبية حاجة المجتمع المحلية، الأمر الذي يدعو إلى التفكير العملي والتفصيلي لإعداد تصاميم كفوءة وظيفيا واقتصاديا تلبي المتطلبات الآنية والمستقبلية .
لذلك يجب دراسة أهم العوامل التي تساعد على المساهمة في رفع المؤشرات الايجابية للمجمع السكني، وتسليط الضوء عليها، والعمل على الاستفادة منها، وان نقف عند العوامل ذات الأثر السلبي، وتحاشيها قدر المستطاع.
العوامل المؤثرة إيجابياً في التصاميم البيئية للمجمع السكني :
1) تزامن التغيير المطلوب مع التغيير العام(المرونة) نظرة من المنظار الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي المؤثر في التغييرات في المدن وما له من اثر في التغيير الداخلي، وإمكانية تنظيمه (التزامن والتوازي في التغيير) بحيث أن أي تغيير يحصل في المدن والمجتمع من إصلاحات اقتصادية ، وسياسية ، واجتماعية يجب على المجمع السكني أن يملك القدرة على التماشي مع هذا التغيير الخارجي.
2) اعتماد اللامركزية في الإدارة والخدمة للمجمع السكني في كافة النواحي، وإمكانية الاستفادة من الدراسات والتحليلات ذات الصلة.
3) الحصول على إدارة وقيادة النشاطات الخاصة بالمجمع بعد الوصول إلى نتائج فعالة، وأعتماد ملاحظات وتوجهات علماء النفس والاجتماعيين في المدينة
4) إن بعض المرونة في تبديل وظائف المسكن، وإعطاء الحيوية الدائمة له يرفع في التقييم الايجابي للمجمع .
5) التغيير في المشهد العام لطرق المشاة العامة والخاصة كأن تكون المسالك المؤدية إلى المجمع ذو ديناميكية وتجديد مستمر مع وجود محلات تجارية وفعاليات أخرى تزيده نشاطاً وحيوية.
أما العوامل التي تؤثر سلبياً في التصاميم البيئية للمجمع السكني، فهي :
1) موقع المجمع السكني ككل، وموقع المسكن ضمنه، وينعكس الموقع سلبيا أو إيجابياً، فالموقع الجيد والمناسب يرفع من القيمة الايجابية والعكس صحيح .
2) التشكيل والتكوين المعماري والجمالي للعناصر المعمارية والوظيفية، فالمواطن يقيّم مكان سكنه على وفق معايير إنسانية، وجمالية، وغالباً يقيّمون سكنهم بالسلبي.
3) تفاقم واشتداد الأوضاع المختلفة وتضييقها على القاطنين، والذي جاء نتيجة دفع الناس وتوجههم إلى السكن في الجهات السكنية الجديدة دون دراسات مسبقة أو اعتماد دراسات بيئية بهذا الخصوص .
4) تفاقم المشكلات والعوامل التي تهدد، وهددت الطبيعة وأوضاع الحياة العادية في المدن، وبعدّها تحولت الأجواء العامة في المدن إلى أجواء غير طبيعية، وغير عادية، وللاقتراب من هذا عمد الإنسان إلى خلق وسط عادي طبيعي اصطناعي.
5) المؤثرات والعوامل السلبية في الاستخدام والاستثمار الأمثل للعناصر الوظيفية والفراغية، حيث ان التوزيع المعماري للمجمعات السكنية الحديثة في اغلب المدن متناثر (مخالف) مع المحيط والنظام المعماري السائد .
ماهية المجاورة أو المحلة السكنية:
تعدّ المحلة السكنية العنصر الأساسي في التخطيط السليم، والذي من أهدافه تحقيق إشباع حاجات المجتمع الصغير بخدماته المحلية أولاً ومن ثم الإرتقاء بها للمستويات الحضرية الأعلى كالحي السكاني، والقطاع، والمدينة.
ومما تجدر الإشارة إليه إن المدينة نتاج التفاعل بين النظم الطبيعية والبشرية سوياً، وتشمل البيئة الطبيعية ما يأتي:
1) النظام المناخي.
2) النظام الطوبوغرافي.
3) النظام الهيدرولوجي.
4) النظام البايولوجي (نباتي ، وحيواني).
5) نظام القشرة الأرضية (الصخور، والتربة، والموارد الطبيعية).
أما البيئة البشرية، فتشمل:
1) النظام السياسي.
2) النظام الإداري والخدمي.
3) النظام الاجتماعي، وتكامل أجزائه.
4) النظام الاقتصادي.
5) النظام التكنولوجي.
6) النظام التعليمي.
7) النظام التخطيطي.
فكل نظام من تلك الأنظمة سواء أكان طبيعي أم بشري له آثار معينة مباشرة أو غير مباشرة في تركيبة المدينة، وان كانت تلك التأثيرات متباينة من نظام لآخر من حيث الشكل، والحجم، والوظيفة، والتطور، ولكن في النتيجة يتمخض عنها نوع المدينة، ومدى نجاحها، وتكامل خدماتها.
إن تنظيم توزيع استعمالات الأرض الحضرية التي يتم وضعها للمدينة، والتي تكون مخططات شاملة، وتفصيلية والذي يهمنا في هذا المجال هو التخطيط التفصيلي لمجاورة سكنية، والمعايير التي يجب اعتمادها في تخطيطها، والأنشطة التي تتضمنها دراسات تتوافق وهذه الاعتبارات الطبيعية والبشرية السائدة.
فـ (المحلة السكنية) عبارة عن منطقة سكنية تضم مجموعة من العوائل التي تربطها علاقات اجتماعية كثيرة كالتعارف، وتبادل الزيارات، والحاجات، والخدمات والقيام بفعاليات مشتركة في الاجتماعات، وغيرها.
وتكون (المحلة السكنية) النواة الأساسية للتخطيط السليم الذي يحقق الحياة المناسبة للإنسان، وأسرته، ومجتمعه، و (المحلة السكنية) تضم عدداً من المساكن سواء أكان ذلك سكناً أفقياً أم عمودياً مع عدد من الخدمات المجتمعية من مدارس، ومراكز صحية، وترفيهية، ودينية، وتجارية، وخدمات البنية التحتية، وبما ينسجم وعدد سكان تلك المجاورة أو المحلة، إذ يزداد عددها في المدن الكبيرة وقد يتجاوز (10) آلاف نسمة، ويقل عدد سكانها في المدن الصغيرة، وربما لا يزيد عن (2) ألف نسمة، ويكون توفير الخدمات على وفق المعايير المساحية، والاستيعابية، والمعايير الحجمية أو الوزنية، والمسافية، فلكل فرد حصة محددة من تلك الخدمات على المخطط ينبغي مراعاتها.
أما الجوانب الطبيعية المهمة للتربة، والمناخ، والمياه الجوفية أو مخاطر الفيضانات، والإنحدارات، فإنها تؤثر في المخططات ، والتصاميم وتوزيع استعمالات الأرض كما موجود عوامل موقعيه، مثل الموقع على بحر أو تحت تأثير الصحراء حيث يكون التصميم منفتح باتجاه البحر، ومغلق من جهة الصحراء التي تعد مصدر للتلوث الطبيعي وقد يتطلب ذلك تخطيط حزام اخضر يحد من تأثير الصحراء كما يجب مراعاة الأمان في التنقل بين أجزاء المحلة دون مخاطر، أو صعوبات بالنسبة للسكان.
وهذا يعني مخطط لمجاورة أو محلة سكنية يجب أن يتضمن ما يأتي :
1) خدمات تعليمية كافية حسب عدد السكان (مدرسة ابتدائية، روضة أو دار حضانة على الأقل)، وهدفت فكرة (المحلة السكنية) إلى كون الأسرة التي تخدمها مدرسة ابتدائية واحدة لأطفال لا يبعدون كثيراً عنها ، ولكل من هذه الخدمات فئة عمرية مناسبة، وحجم مدرسة ملائم.
2) خدمات صحية حسب الكثافة السكانية على الأقل مركز صحي، لأجل أن يكون المركز كفوء بالنسبة لعدد السكان أيضاً.
3) خدمات ترفيهية متنوعة تناسب كل الأعمار والجنسين (العاب أطفال، وملعب، ومقهى انترنيت، ومكتبة عامة، وحديقة عامة، ومركز ترفيهي نسائي، ومركز شباب، ومقهى عام).
4) سوق تجاري يكفي لتوفير الحاجات الأساسية للسكان.
5) مسجد يسد حاجة سكان المحلة إلى دار العبادة.
6) محطة وقود لسد حاجة السكان من الغاز، والبنزين، والنفط، وغيرها.
7) خدمات بلدية لجمع النفايات بعد أن تحدد مراكز جمع مؤقت للنفايات تخدم كل بلوك سكني أو أكثر.
8) خدمات اتصال كافية.
9) خدمات أمنية ودفاع مدني.
10) توزيع مناطق خضر وساحات للأطفال ضمن الوحدات السكنية، والتي تُعدّ متنفس للعوائل
11) توفير مواقف للسيارات كافية ضمن الوحدات السكنية وعند مراكز الخدمات.
12) منع المرور النافذ مروراً بالمحلة، ويفضل أسلوب الطرق المغلقة لتكوين بيئة مرورية سليمة.
13) توفير ممرات للمشاة تربط كل أجزاء المحلة لغرض التنقل عن طريقها نحو الخدمات دون الحاجة إلى استغلال السيارة، وفي تلك العملية فوائد عدة منها تحقيق الأمان للسكان كما تحقق منفعة صحية حيث تعد رياضة المشي شيء مهم لكل إنسان.
14) توفير خدمات البنية التحتية من ماء وكهرباء، وصرف صحي ضمن الممرات الرئيسة، وكيفية تلافي المعالجات.
عموماً يمكن القول ان عدد سكان المحلة السكنية ضمن مفاهيم التخطيط الحديث تختلف من وضع لآخر، ومن قطر لآخر، وهناك عوامل كثيرة من بينها: المعايير المعتمدة، ودرجة تطور المجتمع، وتوفر الارض، وطبيعة ملكيتها، والامكانيات المالية في الاستثمار، وتنفيذ وادارة المشاريع السكنية والأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والحضارية، وحتى السياسية، ومن هنا فإنّ كثيراُ من التجارب في كثير من بلدان العالم المختلفة اعتمدت حدود سكانية للمحلات السكنية تتراوح بين 2500 نسمة، كحد ادنى الى 7000 نسمة وبعض الحالات 1000 نسمة كحد اعلى .
أما الدراسات التخطيطية الحديثة في العراق، فتشير الى ان عدد السكان الذين تخدمهم المحلة السكنية يتراوح بين 4000-5000 الاف نسمة، والذين يسكنون على رقعة جغرافية من ارض المدينة تقدر مساحتها بـ 40-50 هكتاراً وتبعا للكثافات السكنية المعتمدة، ولمتطلبات الحياة اليومية تحوي المحلة السكنية خدمات وتسهيلات يتطلب توقيعها بالقرب من السكن ضمن مسافة لا تزيد عن 350م او مدى زمني لا يتجاوز خمس دقائق سير على الاقدام ضمن منظومة جديدة من المماشي، والشوارع، والتي توفر السلامة والامان، وسهولة الوصول لكافة السكان بما في ذلك تأمين سلامة ذهاب الاطفال، وايابهم الى المدرسة بدون القلق عليهم من قبل عوائلهم من مخاطر الطريق