الغّدّة الدّرقيّة

هي غدّة صغيرة فى مقدّمة الرّقبة، تحيط الحنجرة والقصبة الهوائيّة، وملتصق بها زوجان من الغدد الجاردرقيّة، والمختصّة بتنظيم الكالسيوم فى الدّم، كما يمرّ من خلف الغدّة الدّرقية عصبان هامّان جدّاً، يغذيان الأحبال الصّوتية فى الحنجرة على النّاحيتين. وهي تتحكّم فى عمليات الأيض الحيويّ لكل خلايا الجسم، بمعنى أنّها تدخل في عمل كل خلية بالجسم. وتعتبر هذه الغدّة من الغدد الصّماء، أي التي تدخل إفرازاتها مباشرةً إلى الدّم، من دون الحاجة إلى قنواتٍ خاصّةٍ لنقله.


سرطان الغدّة الدّرقيّة

إنّ سرطان الغدّة الدّرقيّة هو ورمٌ أو نموٌ سرطانيّ في هذه الغدّة، وإنّ عملية استبدال الخلايا الدّرقيّة القديمة بأخرى جديدة هي عادةً عمليةٌ مستمرةٌ ومنظّمةٌ، وقد تتحوّل بعض هذه الخلايا أحياناً إلى خلايا شاذّة، فلا تتبع دورة النّمو المعتادة. وعندما تستمر هذه الخلايا في النّمو وتتكاثر من دون سيطرة، تتحوّل إلى خلايا سرطانيّة. ومن الملاحظ في السّنوات الأخيرة أنّ نسبة المصابين بسرطان الغدّة الدّرقيّة في ازدياد مستمرّ، الأمر الذي يحصل بحسب آراء الأطبّاء نتيجةً لتطوير تقنياتٍ جديدةٍ، تُمكّن من اكتشاف أورامٍ سرطانيّةٍ صغيرةٍ جدّاً في الغدّة الدّرقيّة، لم يكن في الإمكان اكتشافها قبل الآن.


أنواعه

السّرطانة الحليميّة: وهي الأكثر شيوعاً، ونسبتها 60 - 70 بالمئة من سرطان الغدّة الدّرقيّة، وتصاب النّساء بها أكثر من الرّجال، وهي أكثر الأنواع خبثاً، وأسرعها نمواً، وتنتشر عن طريق الأوعية اللّمفاويّة.
السّرطانة الجريبيّة: عبارة عن تجمّع للخلايا، ويوجد بداخلها سائل، ونسبتها 20 بالمئة من سرطان الغدّة الدّرقية، وتنتشر بين النّساء، وخاصّةً في سنّ الكهولة.
السّرطانة اللّبيّة الصّلبة: تشكّل حوالي 10 بالمئة من سرطان الغدّة الدّرقيّة.
السّرطانة الكشميّة: تشكّل حوالي 5 بالمئة من سرطان الغدّة الدّرقيّة، وتحدث في سنّ الكهولة، ويكثر انتشارها بين النّساء بشكلٍ كبيرٍ.

تشخيصه

التّاريخ المرضيّ: عادةً ما يشتكي المريض من ورمٍ في مقدّمة الرّقبة، ومن الممكن حدوث تغيّر في الصّوت، أو صعوبةٍ في البلع، أو حدوث التهابِ في القصبات الهوائيّة.
الفحص السّريريّ: يتمّ من قبل الطّبيب المختصّ، حيث أنّه يستطيع بمجرد فحص رقبة المريض أن يعرف إذا كان الورم موجود بالغدّة الدّرقيّة أم لا، ويحدّد عدد الأورام.
التّصوير بالموجات الصوتيّة: وهذا الفحص يبيّن حجم، وعدد، وتكوين الأورام.
الفحص المخبريّ: لمعرفة نشاط الغدّة.
عمل خزعة: عن طريق أخد عيّنة من الورم للفصّ النّسيجي للخلايا.

أعراضه

غالباً لا تظهر أعراض سرطان الغدّة الدّرقيّة في مراحلِ المرض المبكّرة، لكنّ الورم السّرطاني في الغدّة الدّرقيّة قد يسبّب الأعراض التّالية:

ظهور كتلة تحت الجلد يمكن تحسّسها عند لمس منطقة الرّقبة.
ظهور تغيّرات في الصّوت، تشمل بحةً قد تتفاقم باستمرارٍ.
وجود مشاكلٍ في البلع.
وجود آلام في الرّقبة والحلق.
ظهور انتفاخ الغدد اللّمفاوية في منطقة الرّقبة.

أسبابه

التعرّض لتغيرات جينيّة وجسميّة.
تعرّض الغدّة للإشعاعات وخاصّةً في فترة الطّفولة، والخطر النّاتج عن ذلك يتناسب طرديّاً مع كميّة الأشعّة، ومن الجدير بالذّكر أنّ الأشعة المُستعملة في تشخيص أمراض الأسنان غير كبيرة، ولا تُشكّل عامل خطر بتاتاً.
العوامل الوراثيّة، ومنها السّرطان الغدديّ الصّمي المتعدّد.

مضاعفاته

على الرّغم من العلاج فقد يعود سرطان الغدّة الدّرقيّة إلى الظّهور مرةً أخرى، حتّى وإن تمّ استئصال الغدّة الدّرقيّة جراحيّاً. وقد يحدث هذا الأمر إذا ما انتشرت خلايا بحجم ميكروسكوبيّ إلى أعضاءٍ ومناطق أخرى في الجسم قبل استئصال الغدّة الدّرقيّة. وقد يعود سرطان الغدّة الدّرقيّة إلى الظّهور بعد عشراتِ السّنوات من العلاج. ومن الممكن معالجة سرطان الغدّة الدّرقيّة الرّاجع، وربّما يوصي الطّبيب بإجراء فحوصات دمّ دوريّة، أو فحوصات مسح للغدّة الدّرقيّة، بهدف البحث عن علامات تدلّ على عودة السّرطان.


علاجه

الأورام الحميدة: عن طريق الجراحة واستئصال الفصّ المصاب، وهذا العلاج ليس حتميّاً، إلا إذا كان الورم أحاديّاً، أو يسبب صعوبةً في البلع، أو التّنفس، أو بسبب النّاحية الجماليّة.
الأورام الخبيثة: بعد عمل فحصٍ للأنسجة، وثبوت وجود خلايا سرطانيّة فالعلاج يكون عن طريق:
اليود المشعّ: ويستخدم للنّساء بعد سنّ اليأس وانقطاع الطّمث.
الجراحة: وتتطلّب استئصال الفصّين، وبعد مرور شهر على العمليّة يتمّ عمل فحص باليود المشعّ، للتّأكد من أنّ جميع خلايا الغدّه قد استئصلت، ونسبة الشّفاء التّام من الأورام الخبيثة للغدة الدّرقيّة عالية جدّاً، خاصّةً عند الاكتشاف والعلاج المبكّر.

الفحوصات بعد علاجه

الفحص الجسديّ: يشمل تحسّس الغدّة الدّرقيّة، فيمكن أن يجد الطّبيب درنةً جديدةً.
الفحص فوق الصوتيّ: بحثاً عن نموّ الغدّة الدّرقيّة، كدلالةٍ على عودة المرض.
فحص التقاط اليود المشعّ: ويُبيّن وجود خلايا درقيّة.

الوقاية منه

لم يُعلم حتى الآن السّبب الحقيقيّ والمباشر لتكوّن سرطان الغدّة الدّرقيّة، لذلك ليس ثمّة طريقةٌ موثوقةٌ للوقاية، ومنع ظهور المرض لدى الأشخاص المعرّضين للإصابة به بدرجة خطورة متوسّطة. أمّا الأشخاص الذين يحملون طفرةً جينيّةً وراثيّة، فتزيد نسبة خطر إصابتهم بسرطان الغدّة الدّرقيّة، وقد يختارون إجراء عمليّة جراحيّة لاستئصال الغدّة الدّرقيّة، كإجراءٍ وقائيّ واحترازيّ.

أمّا الهيال وهو الغبار الذريّ المتساقط، النّاجم عن حادثةٍ في منشأةٍ نووية، فقد يؤدّي إلى تفشّي سرطان الغدّة الدّرقيّة لدى الأشخاص المقيمين قرب المكان. وإن كان بُعد مكان السّكن عن المنشأة النوويّة 15 كيلومتراً أو أقلّ، فيحقّ للسّكان تناول علاجٍ دوائيّ وقائيّ، وظيفته حجب تأثيرات الإشعاع عن الغدّة الدّرقيّة. وفي حال وقوع حالة طوارئ، يوصى السّكان بتناول حبوب يوديد البوتاسيوم، للحيلولة دون تكوّن سرطان الغدّة الدّرقيّة.