أقرأ في كل مرة ألماً يخيّم على سطور البعض، أتساءل في نفسي عن سببه، ثمّ أعود أدراجي لأجد بأن هذا الألم يصادقني أيضاً...
البعض منّا لا يعي تماماً قيمة هذا الألم، لذلك يعيش حالةً من الكآبة و الضجر في الوقت عينه، تحيط به ظروفاً صعبة، تدعم أفكاره بروح سلبية نتيجة يأسه من تغيّر الحال، يعيد إلى صندوق آماله الأحلام و الأمنيات التي رسمها في خياله، و يُغلقه بإحكام.... و للأسف، يعيش حياته في كومة عارمة تدّله على الطريق، و يغدو أسير هذه الظروف معلناً استسلامه.
قد يفكّر، يحلّل، و يستنتج بأن لغة القوة سوف تُثبت وجوده، إن صرخ بأعلى صوته، و دمّر ما حوله كما ساهم من حوله في تدمير أحلامه!!، ردة فعل سلبية جداً، تحدد مدى ألم هذا الآخر، عدم وعيه بأنه يؤذي من حوله نتيجة اعتقاده بأنه يمارس عليه الضغط كي يقضي عليه لأنه يعيش مرتاحاً و بطريقة إيجابية!!
و كي يرتاح من هذه السلبية يفضيها للآخر بسلبية يقضي بها على جو التآلف بين البشر،و كأنه حكم على نفسه كي يكون "هتلر" عصره، يقضي حتى على كل شيء جميل يستطيع أن يستمد منه الطاقة الإيجابية!!، لو أنه لم يُقفل هذا الصندوق، صدّقوني فإنه سوف يجد بأنه يخسر طاقةً مساعدة له كي يتحرّر من أفكاره السلبية التي تُثقل خطواته الكئيبة.
ليس علينا أن نبحث عن نتيجة الألم، بل علينا أن نعرف سببه!، لأنه لا تأتي مشكلة إلا و مفاتيحها فيها، نحتاج للعقل كي يحكم و يقرّر، و العقل لا يستطيع أن يقرر في جو متشنّج و متوتّر، لأنه يصدر أحكاماً خاطئة تجعلك تندم على ما قمت به، و خجولاً من الآخر الذي أذيته لقاء لذّة آنية تُفرغ بها غضبك على الشخص الخطأ!!! و ما إن تنتهي هذه اللحظة حتى تبحث لك عن فريسة أخرى!!!
لو أننا تعاملنا مع الألم كما نتعامل مع السعادة لكنّا أدركنا أن الطبيعة بتكوينها تحتاج لهذيْن الفصليْن كي تنتعش، و تتطوّر،و تتقدّم، و تتجمّل.... لكن العقل في حالة توقّف، يُبعد أي لحظة تستعيد فيها وعيك، و تجعلك تتصرّف بجنون شيطاني، يُخرجك من حالتك الإنسانية إلى حالتك البهيمية!!!
عندما تتألّم ، و تغضب، و تصرخ، راقب نفسك، و ابحث عن السبب، علّ الآخر على حق، و علّك على خطأ في تدبير الأمور، علّ الآخر يساعدك و أنت عنيد، علّ الآخر يحاول إسعادك و أنت تُغلق باب السعادة بتصرّفاتك، علّ الآخر يحبّك بطريقة جنونية و أنت لا تستوعب هذه الحالة، علّ الآخر يهديك عمره و أنت غافل عن بعض المواقف التي تُثبت ذلك... لا تنسَ لكل منا أسلوبه في الحياة، و لولا الإختلاف لما دامت الحياة إلى زمنك... لا ترمِ الآخر بما تخجل به من نفسك، و كُن صبوراً على نفسك الطيبة و لا تجرحها بيدك، فما من طاقة سلبية تخطو نحوها إلا و ستعكس على قلبك يوماً ما!!! فاكتب أفراحك من داخلك كي تراها أمامك..