سعادة زائفة...أخيرة..

كنت أظنه ممن يؤدون ثمن فناجين القهوة لأداء ضريبة الجهل ...وممن يفوزون في الانتخابات ويشرعون القوانين وهم لا يفقهون شيئا...سألته وهو يحتسي قهوة بجانبي بعد
ان ألفت ظله واستأنست بنظراته الخاطفة التي كانت تجول المكان في زمن قياسي:

قلت له-ومالك عن المحاكاة؟
قال:عدم الكفاءة..
-وماذا عن انحلال النظام الجمالي؟
قال:انه خيالي مخزني..
-هل يمتعك التبجل الادب؟
قال:انه نظام قديم للحياة...
-وهل تعيش خارج ثخوم العقل؟
فسألني:أتقول عن عقلانية تفسد الشعر؟
بادلته السؤال نفسه -أهو انفصام في تطور رغباتك؟
قال:انه شغف مذاهبي لا أطيقه...
-أليس هو ما نور جوهر طغيانك؟
قال:لا فأنا لا أطالب الا بعصر الفائدة....
-وماذا تقول عن طور فساد الأفكار؟
قال:هي التيارات المتضاربة فقط من أجل البراغماتية...
-وهل تعرف ان موقعك لا يحجب عني عاصفة الغبار لتحول الرؤيا بيننا...
قال: لأنك تعيش في مهاوي وعود وحدوية...
-لكني لا أعرف من يخالفني...
قال: ومتى تنتهي عندك فترة الحداد...؟
-أنا...أنا...لا ...لن تنتهي... انا.. سأسبح في روائح متوهجة في غوغاء التورات...
قال: ارحل قبل أن تبرم الحبال تلو الحبال لتجر ادوات هياكلك تحت لفح رذاذي...
-انت لا تعرف اني خليط مشتت ..لا اعرف كيف أضبط مفاصلي...ولا اعرف كيف اعانق اعضائي..
قال: انت تخلخل اطمئناني... وتؤجج تناقضاتي...
-سأحبو خارج مسكني لأني لا اعرف المشي بعدك وعمري اشرف على النفاذ...
قال: أنا قادر على إخراج أناس من مدينة الطين والحجارة والقصب...
-أتريدني أن أسكن تحت مظلة شمسية في صحراء شواطئك مع الضالين.. أم تريدني أن اكتري بيتا في فندق بخمس نجوم في حي شعبي ...
قال: لا اريدك ان تتسلق أدراج العاليات من أبراجي....
-وهل تريدني ان أمد إبهامي لسيارة تنقلني الى هناك...إن فرسي لا يصهل في الفنادق الناعمة الشهيرة...
قال: كيف أصنع لنفسي ظلالا تقيني حرارة حضارتك... أأنت المثقف الوحيد الذي تعيش في مأدبة الوحل..
-هل تريد أن تأخذ مدفأتي مهدا لك في هذا المكان لأحترق وحدي على ألسنة نيرانك...
قال: اصغ الي ساعة واحدة لتأخذ قرونا من الكلام...أنا أكره ما تكرهه....وأكره أن تشطر قلبي نصفين...
-لا...سأحارب السمنة كل يوم ... ولن تعتلي يوما فوق كل جسوري العائمة...
قال: لتكن الحرب ...إذن..
-لا ترتب صعودي...فأنا لا ملامح لهويتي...من فضلك ضعني في مرتبة تسعف خلقي لأغني
أمامك نشيد أسوار مناعتي...وأزين ذقني...

وبعد أن أطبق الصمت على المكان وانتهى كلامي ،شكرته على أجوبته المتمرسة وقلت له:تمنيت لو ان كل المنتخبين في بلادنا كانوا من طينتك...سيفقهون عندئد لما كتب
لهم وعنهم... ويوقعون ما يقرؤون بكل وعي...إن بلدنا تورطت معهم حتى شحمة الأذنين....



احمد انعنيعة