الاختلاف والنزاعات
لا يتصوّر الإنسان بحالٍ أن يسير مركب هذه الحياة بدون أن تحدث النّزاعات والخلافات بين الفينة والأخرى بين من يركبون هذا المركب الكبير الذي يمخر عباب الأمواج المتلاطمة ويواجه الرّياح الشّديدة العاتية، فالاختلاف بين النّاس الذي يسبّب الخلاف أحيانًا هو سنّة من سنن الله تعالى في الكون، قال تعالى: "ولو شاء ربّك لجعل النّاس أمّةً واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربّك "(هود: 118،119).


طرق حلّ النزاعات
إنّ التّحدي الأكبر في هذه الحياة ليس عدم وجود خلافات بل أن لا تتحوّل تلك الخلافات والاختلافات والنّزاعات إلى تصادم بين أطراف المجتمع الواحد أو بين الدّول والحضارات المختلفة، فما هي أبرز طرق حل النّزاعات بين النّاس والدول قديمًا وحديثًا:

طريقة الحوار: فالحوار هو من أجلّ الأساليب وأنفعها في حل النّزاعات والمشاكل بين النّاس والدّول ابتداء من الأسرة الصّغيرة التي تتكوّن من زوج وزوجة وانتهاء بالدّول العظيمة الكبيرة، فكلّنا يحتاج إلى الحوار ليجلس مع من يختلف معه ويتبادلوا النقاش حو المسائل المختلفة ليستمع كل فريق إلى الآخر ضمن منهجيّة حوار مدروسة تعتمد على العقلانيّة والموضوعيّة وحسن الاستماع والإنصات والاستعداد النّفسي لدى المتنازعين لقبول الحقّ والصّواب، وهذه الطّريقة قد تأخذ أشكالًا مختلفة منها عقد جلسات حواريّة أو محادثات سلام .
الوسطاء: فاستخدام الوسيط الذي تتوفّر فيه صفات الموضوعيّة والحياديّة بحيث يكون قادرًا على جمع الفرقاء المتنازعين على طاولةٍ واحدة من أنفع الوسائل لحلّ النّزاعات، وإنّ مشاكل الدّول العربيّة والإسلاميّة ونزاعاتها فيما بينها وبين غيرها تعود في إحدى أسبابها إلى عدم وجود الوسيط المحايد وغير المنحاز إلى طرف دون الآخر، فبعد أن تأسّست الأمم المتحدة اضلعت بدورٍ هام وهو حلّ النّزاعات بين الدّول من خلال إرسال مبعوثين دوليّين، ولكن للأسف وفي كثيرٍ من الأحيان لم تفلح تلك الوساطات في جسر الهوّة بين الفرقاء بسبب عدم وجود الإرادة الحقيقيّة لدى الوسيط لحلّ الخلاف أو بسبب الإنحياز الفاضح لطرف دون الآخر.
الاحتكام إلى مجالس التّحكيم المحليّة أو الدّوليّة: فمجلس التّحكيم الدّولي الذي توجد له فروع منتشرة عبر العالم يضطّلع بدور تقديم الاستشارة القانونيّة للمتنازعين والسّعي لحلّ النّزاعات والخلافات بين الفرقاء المختلفين وفق أسسٍ قانونيّة موضوعيّة تعتمد على معايير معيّنة ومنهجيّة واضحة، كما توجد في بعض الدول العربيّة والإسلاميّة مراكز تحكيم يشرف عليها متخصّصون تكون مهمّتها تسوية النّزاعات وحلّها.
إرسال قوّات حفظ سلام: تكون مهمّتها الفصل بن المتنازعين، وهذه الطّريقة نرى استخدامها كثيراً من قبل الأمم المتحدة عند حدوث النّزاعات العرقيّة أو الطّائفيّة التي يتعذّر حلّها في بلدٍ من البلدان.