زرقاء اليمامة ، هي إمرأة عربية من من أهل اليمامة في نجد ، اشتهرت بقوة البصر وحدته حتى قيل أنها كانت ترى الناس على بعد مسير ثلاثة أيام، يطلق عليها بزرقاء اليمامة لجودة وحدة بصرها ، ويقال بانه اطلق على بلدتها اسم (اليمامة) نسبةً لها ، حيث كانت تسمى "جو" من قبل ، في يوم هوجمت حذرت زرقاء اليمامة قومها ، بأنه هناك من يقترب من بلدتها مستتراً بقطع من الأشجار ، فلم يصدقها قومها ، وبالفعل وصل الأعداء الى بلدتها ، وعملوا على هدم بيوتهم وابادتهم ، وقاموا باقتلاع عين زرقاء اليمامة ، فوجدوها محشوة بـ(الإثمد) ، وهو عبارة عن حجرٍ أسود كانت زرقاء اليمامة تدقه وتتكحل به .
ذكرت زرقاء اليمامة في العديد من الكتب القديمة ، ووصف المتنبي حدة وقوة بصرها بأنها تعادل علمه ، كما أُشير لها في عدة كتب كـ(العقد الفريد ، آثار البلاد وأخبار العباد) ، وذكرت أيضاً قصتها مع الأعداء اثناء استتارهم بفروع الأشجار في كتاب "الأغاني" للأصفهاني .
ظهر مشككون عدة لقصة حدة بصر زرقاء اليمامة ، وبنوا شكوكهم على أسسٍ علميّة مقنعة ، ومنها بأن العين البشريّة يصعب عليها أن ترى لمسافةٍ تمتد لأكثر من خمسين كم ، ويتم هذا بشرط بأن يكون الأفق (ممتداً) كأن تكون على قمة جبل مرتفع ، ولم يروى عنها صعود الجبال .
وكون الأرض كرويّة غير مسطحة ، فالبصر يستحيل بأن يمتد لأكثر من خمسة كم ، لأن الأفق بعد هذه المسافة لا يعود مرئياً ، لأنه ينحني مختفياً مع تكور الأرض ، وبالتالي لا يستطيع الضوء الإلتفاف لتلحق به الرؤيا ، لأن أشعة الشمس تسير في خطوط مستقيمة ، وكذلك الأمر بالنسبة للضوء ، وع هذه الحقيقة يستحيل رؤية أي جسم بعد تجاوز الخمس كيلومترات .
وهنا نتوصل لحقيقة بأن ما كان يميز زرقاء اليمامة ليس حدة بصرها ، كما كان معروفاً ، بل هي حدة (بصيرتها) ، والتي كانت تمكنها من الشعور ورؤية الأمور قبل حدوثها ، كما حدث مع الأعداء الذين قامو بالإختفاء وراء قطع الأشجار خوفا من أن تدركهم عينا زرقاء اليمامة ، فقاموا بهذه الطريقة بالإحتيال عليها ، ليكذبها قومها عندما أخبرتهم بأن هناك أشجاراً تقترب منهم .
ويمكن أن تكون قد تردد الى مسامع زرقاء اليمامة عبر المسافرين أو الجواسيس أخباراً عن العدو ، فقامت بتنبيه قومها ليكونوا على أتم الإستعداد لمواجهة أي هجوم ، ولكن عدم الإنصات لتلك النصيحة أودى بهم للنهاية المأساوية والتي قرأنا الكثير عنها ، والنهاية كانت أكثر مأساوية لتلك المرأه عندما قام العدو باقتلاع عينيها ، كنوعٍ من الإنتقام من تلك العيون التي أبصرتهم وحاولت مصادرة نجاحهم بالعدوان على موطنها لو أن أبناء قومها قاموا بالإصغاء لها ، لتسبح بعدها في بحور الظلام