البتول والزهراء
يقال في اللغة العربية : تبتل عنه ، وتبتل اليه ، أي انقطع عنه ، وانقطع اليه .
والبتول: صفة للمؤنث والمذكر ، تعني الشئ التام المنقطع عن الحاجة الى غيره ، يقال صار الفسيل بتولاً أي مستقلاً عن النخلة . وسميت مريم العذراء (ع) بالبتول لأنها كانت منذورة لله تعالى أي منقطعة اليه ، أو لأنها مبتلة لم تتزوج .
أما فاطمة عليها السلام فسميت بالزهراء لأنها إذا وقفت في صلاتها يزهر نورها ، وسميت بالبتول لأنها كما أرجح كانت منذورة لله تعالى ، فتقبلها ربها وأمر النبي(ص) أن لا يزوجها ، فهذا هو التفسير الممكن لقول النبي صلى الله عليه وآله عندما كانت تخطب منه : أمرها ليس بيدي ، مع أنه ولي ابنته وأولى بكل المؤمنين من أنفسهم .
ثم أمره الله تعالى أن يزوج النور من النور فاطمة من علي(ع) . وبقيت تسميتها بالبتول لأنها منذورة لربها ، عز وجل ، ولأنها منقطعة عن غيرها ، أي متفوقة:
ففي لسان العرب:11/43 : (وأصل البتل القطع . وسئل أحمد بن يحيى عن فاطمة ، رضوان الله عليها ، بنت سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : لم قيل لها البتول ؟ فقال : لانقطاعها عن نساء أهل زمانها ونساء الأمة عفافاً وفضلاً وديناً وحسباً ، وقيل : لانقطاعها عن الدنيا إلى الله عز وجل . وامرأة مبتلة الخلق ، أي منقطعة الخلق عن النساء لها عليهن فضل ، من ذلك قول الأعشى ...).
وفي تفسير التبيان:10/164 : ( ثم قال لنبيه(ص)( واذكر اسم ربك ) يعني أسماء الله الحسنى التي تعبد بالدعاء بها ( وتبتل إليه تبتيلا ) أي انقطع إليه انقطاعا ، فالتبتل الإنقطاع إلى عبادة الله ، ومنه مريم البتول وفاطمة البتول ، لانقطاع مريم إلى عبادة الله ، وانقطاع فاطمة عن القرين )
وفي تاج العروس للزبيدي:7/220 : ( و ) لقبت ( فاطمة بنت سيد المرسلين عليهما الصلاة والسلام ) وعلى ذريتها بالبتول تشبيها بها في المنزلة عند الله تعالى قاله الزمخشري وقال ثعلب ( لانقطاعها عن نساء زمانها و ) عن ( نساء الامة ودينا وحسبا ) وعفافا وهى سيدة نساء العالمين وأم أولاده صلى الله عليه وسلم ورضي عنها وعنهم .
وقد أفرد العلماء في الأحاديث الواردة في فضلها كتاباً مستقلاً منهم شيخنا العارف بالله تعالى السيد عبد الله بن ابراهيم بن حسن الحسيني الطائفي فإنه ألف في ذلك رسالة وقرأتها عليه بالطائف في سنة 1166 . ( و ) قيل البتول من النساء ( المنقطعة عن الدنيا إلى الله تعالى ) وبه لقيت فاطمة أيضا رضي الله تعالى عنها ).
وفي علل الشرائع:1/181 : عن أمير المؤمنين (ع) أن النبي صلى الله عليه وآله سئل ما البتول ، فإنا سمعناك يارسول الله تقول إن مريم بتول وفاطمة بتول ؟ فقال صلى الله عليه وآله : البتول التي لم تر حمرة قط ، أي لم تحض فإن الحيض مكروه لبنات الانبياء