الكثير من الأدباء لم يبدأوا حياتهم مع الكتابة؛ بل تفرغوا لهذه المهنة لاحقاً، والكثير منهم -وعلى الرغم من احترافه الكتابة ونيله التقدير الذي يستحقه- تابعوا مهنهم السابقة، أو مارسوا مهناً أخرى لفترات متراوحة.
بعض المهن قد تبدو منطقيّة، كألبير كامو الذي عمل محرراً في دار غاليمارد، وبعضها لا يتماشى مع مهنة “الكتابة” بصورة كاملة، في حين أن البعض منهم احترف الكتابة وترك مهنته السابقة، كالكاتب الفرنسي فيردينايد سيلين، الذي كان يقول دوماً إنه ترك مهنة الطب وأصبح كاتباً؛ لأنه يريد شراء شقة من إيرادات الكتاب.
يقدم لكم موقع “هافينغتون بوست عربي” قائمة بأشهر الكتّاب الذين عملوا ومارسوا مهناً أخرى غريبة نوعاً ما قبل أو في أثناء عملهم كتّاباً:
1- جورج أورويل
الكاتب البريطاني الشهير صاحب رواية “1984”، و”مزرعة الحيوان”، كان معروفاً بكونه اشتراكياً، وكتبه توضح موقفه المناهض للسلطة، ولطالما حضر مخبرو الحكومة ورجال الشرطة في رواياته بصورة مرعبة، ومثيرة للسخرية والكراهية.
لكن، يقال إن أورويل، وبعد الحرب العالميّة الثانية عمل مخبراً للحكومة البريطانيّة، وساعدهم في التجسس على الشعب؛ إذ يقال إنه عام 1949 شارك مع الحكومة في اختيار قائمة بالشيوعيين والمتعاطفين مع الشيوعية، مرشِّحاً أسماء كتّاب وشعراء ومثقفين، من بينهم تشارلي تشابلن.
وقد وُجهت لأوريل الكثير من الانتقادات بسبب هذا، وطالته الاتهامات بالعنصرية ومعاداة الساميّة، رغم أنه لا إثبات على أن القائمة التي أعدّها أورويل تم استخدامها.
2- ميغيل دي ثيربانتس
الكاتب والشاعر الإسباني ثيربانتس، صاحب رواية دون كيخوته التي تعتبر نقطة بارزة في تاريخ الرواية العالميّة، لم يكن فقط كاتباً؛ بل كان جامع ضرائب أيضاً، ويطبق تعليمات الحكومة القاسية المتعلقة بجمع الضرائب من الفقراء.
ففي القرن السادس عشر، كانت إسبانيا تعاني نتيجة هزيمتها من قبل الإنكليز، وكان الملك فيليب يجاهد للحفاظ على إمبراطوريته وغزوه العالم الجديد، وفي هذه الأثناء كان ثيرفانتس موظفاً رسمياً في مصلحة الضرائب.
وقد واجه الكثير من المشكلات بسبب ذلك، فقد كان مكروهاً في كثير من الأماكن والمقاطعات، واعتُقل مرتين، هذه المعاناة في الوظيفة انعكست في كتاباته، وخصوصاً في “دون كيخوته”.
3- إدغار آلان بو
رغم أن “بو“ يعتبر عبقرياً في عالم الأدب، فإنه عاش أغلب حياته في فقر مدقع، فيما كانت حياته متخبطة جداً، فقد كان يتيماً، كما توفيت المرأة التي ترعاه إلى جانب عدم إيجاده أي عمل، إلى أن تم تعيينه في المحكمة العسكرية ملازماً.
ورغم أنه ظن أن أنه سيصبح ملازماً خلال 6 أشهر، فإنه لم يتمكن من ذلك، فإدمانه الكحول وصراعه مع من هم أعلى رتبةً منه، أديا إلى تسريحه من الجيش الأميركي.
4- رينيه ديكارت
الفيلسوف الفرنسي الشهير، الذي يعتبر من المؤسسين للعقلانية الأوروبية، وصاحب العبارة الشهيرة “أنا أفكّر، إذاً أنا موجود”، كان لديه قناعة بأن الحيوانات لا تمتلك مشاعر، وأنها لا تشعر بالألم؛ بل فقط تمثّل أعراضه.
ولإثبات نظريته، قام بتشريح الحيوانات وهي حيّة أمام الطلاب، إلا أن ديكارت لم يقم بذلك للأهداف “العلميّة” فقط؛ إذ كان يقوم بذلك كهواية له في أغلب الأوقات؛ إذ قام بتشريح الكلاب والثديات الصغيرة؛ بل حتى حيوانات زوجته الأليفة.
الواضح، أن العقلاني الشهير لم يتوانَ عن إثبات نظريته بخصوص مشاعر الحيوانات مراراً وتكراراً، رغم أن معرفته بعلوم البيولوجيا لم تكن متقدمة.
5- غابريل غارسيا ماركيز
الكاتب والصحفي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب، يعتبر من الذين كتبوا أعظم الروايات في تاريخ الأدب، أما عن عمله صحفياً فقد كان يقف ضد العنف في أميركا الجنوبيّة، مؤمناً بدور الصحافة في تغيير حياة الأفراد؛ إذ كان معادياً للدكتاتوريّة بكل وضوح، وخصوصاً حكم بينوتشه.
وهذا ما جعل علاقته وإعجابه بفيديل كاسترو غريبين نوعاً ما؛ إذ كان يكتب المقالات عن أن كوبا جنة شيوعية وأن كاسترو هو باني الدولة وقائدها، فيما يشوه البروباغندا، ما جعل صحيفة The Economistتقول إن لماركيز مهنة أخرى، وهي “السفير غير الرسمي لكوبا”؛ لكونه يداهن للسلطة، ويتغاضى عن البطش الذي تمارسه في كوبا.
6- إيزرا باوند
يعتبر الشاعر الأميركي إيرزا باوند من أكثر الكتّاب المعاصرين تأثيراً؛ إذ يمكن أن نرى تأثيره في أعمال هيمنغواي، وجيمس جويس، و تي إس إليوت، إلا أن نشاط بانود لم يتوقف على عالم الأب ومساعدة شخوصه.
فإبان الحرب العالمية الثانية، قرر باوند مساعدة بينتو موسوليني، فباوند كان مؤمناً بأن الربا داء خطير على المجتمع، وأن اليهود الذين يعملون به هم سبب فساد أوروبا وأميركا، وحين وصل إلى إيطاليا وبعد لقائه موسوليني كان يقدم عدداً من برامج الإذاعة الناقدة الموجهة ضد اليهود وسياسة روزفلت.
وبعد هزيمة إيطاليا، تمكن من الهرب والنجاة من السجن وعقوبة الإعدام بادعائه الجنون، وبعد إطلاقه من المصحة النفسية لاحقاً، لم يعتذر عن تاريخه الفاشي؛ بل تابع خطبه العنصريّة، وقام بالتحية الفاشية حين زار إيطاليا مرة أخرى.
7- يوكيو ميشيما
نال الكاتب الياباني يوكيو ميشيما شهرة عالمية، وخصوصاً مع روايته “اعترافات قناع”، وقد رُشح 4 مرات لجائزة نوبل، إلا أن نشاطه لم يقتصر على الأدب.
إذ إنه بعد الحرب العالمية الثانية أحس بأن اليابان فقدت هيبتها، ولم يكن عليهم الاستسلام، وأن على الجميع أن يعيش وفق تعاليم الساموراي والتمسك بالهوية اليابانيّة، وعام 1968 شكّل ميشيما ميليشيا خاصة به.
فيما بلغ به الحد عام 1970 أن حاول تنفيذ انقلاب عسكري على السلطة القائمة مع أربعة من أصدقائه، وإثر فشل الانقلاب وضحك الجنود على خطابه، قام بقتل نفسه على الطريقة التقليدية اليابانيّة بسيف الساموراي، الذي قام بغرزه في أحشائه ثم قام أًصدقاؤه المشاركون بقطع رأسه.
8- فرانز كافكا
الشاب التشيكي العبقري الذي أذهل الساحة الأدبية بنتاجه الأدبي، وعلى الرغم من أنه حاصل على شهادة في الحقوق، كان يعمل مستشاراً لقاضٍ في براغ دون أجر، ثم عمل في مكتب للتأمين، ثم ترك الوظيفة بسبب ساعات العمل الطويلة التي لم تترك له وقتاً طويلاً للكتابة.
ثم عمل بعدها في مؤسسة للإصابات الصناعة، حيث عمل في تقدير الخسائر والإصابات. كافكا كان يكره أعماله هذه، ويراها مقيتة وبيروقراطية، وهذا ما انعكس في رواياته وقصصه، وعلى الرغم من ذلك كان موظفاً نجيباً وقد نال الترقيات عدة مرات.