الجمال النسبي

من أكثر الأمور نسبية على الإطلاق تلك المتعلقة بمسألة الجمال والقبح، فكل إنسان يحكم على الشيء الذي يراه أمامه بمنظوره الخاصّ، وبمشروطيته وحده وليس بمنظور الآخرين، أو بمشروطياتهم، ومن هنا فإن تحديد الجميل من القبيح يختلف من شخص إلى آخر، فالجميل في عين أحدهم قد يكون قبيحاً في عيون الآخرين، والعكس صحيح.


مما سبق فإن تحديد أجمل دولة هو أمر نسبي أيضاً، فكل دولة جميلة بنظر مواطنيها، وبنظر من عاشوا على أراضيها، وأكلوا من خيراتها، وبنظر من لهم فيها ذكريات جميلة لا تنسى، غير أن هناك عدة معايير لمن أراد أن يحكم على جمال دولة معينة بشكل محايد؛ منها الجمال الطبيعي، والتاريخي، والمعماري، وجمال الشعب الذي يعيش على أرضها، وتطورها العلمي، والاقتصادي، وما إلى ذلك.


ميزات دول بلاد الشام

تقع دول بلاد الشام في القارة الآسيوية إلى الجنوب من تركيا، وإلى الشمال من شبه الجزيرة العربية، ولطالما كانت عبر التاريخ منطقة واحدة إلى أن جاء الاستعمار في القرن العشرين وقسمها إلى أربع دول هي: سوريا، والأردن، ولبنان، وفلسطين.
من الأسباب التي جعلت بلاد الشام الأجمل في العالم تاريخها الضارب جذوره في عمق التاريخ، فعدد الحضارات والأمم التي تعاقبت على هذه الأرض مهول جداً، وهذا واضح من كم الآثار الموجودة فيها، ومما يميزها أيضاً أنها البقعة التي احتضنت كافة رسل الله وأنبيائه الكرام -عليهم السلام-، فكل نبي من الأنبياء ارتبط ارتباطاً وثيقاً بهذه الأرض المباركة، ومن هنا فإن أرض الشام تعتبر من أهم الأراضي بالنسبة لنصف سكان الأرض تقريباً من أتباع الديانات السماوية المقدسة.
ومن الأسباب التي أعلت من شأن بلاد الشام أيضاً المناخ المعتدل، والتنوع الطبيعي والجغرافي فيها، ففيها بقاع تعتبر من أجمل بقاع العالم على الإطلاق كوادي رم الذي صار مقصداً رئيساً لصناع الأفلام من جماله وروعته، وصحراء النقب، ومنطقة البحر الميت والتي تعتبر النقطة الأخفض في العالم، ومغارة جعيتا، وجبال فلسطين، وشمال الأردن، والساحل الفلسطيني بمدنه: عكا، وحيفا، ويافا، وغزة.
كما وتضم منطقة بلاد الشام العديد من المدن التي لن تستطيع الكلمات أن تفيها حقها من شدة جمالها وأناقتها، ولعلَّ أهم هذه المدن: دمشق، والقدس، وبيروت، ونابلس، وعمان، وحلب، والسلط، والكرك، والخليل، وأريحا، وبيت لحم، والناصرة، وغيرها الكثير، فلكل مدينة من هذه المدن قصة خاصة لا تروى بل تعاش بين أزفتها، وحاراتها، وتحت فيء أشجارها.
وإلى جانب المدن هناك المعالم الأثرية والدينية التي نالت شهرة عالمية كالمسجد الأقصى، وكنيستي المهد، والقيامة، والبتراء، وآثار تدمر، وبعلبك، والمسجد الإبراهيمي، والمسجد الأموي في دمشق، والمساجد والكنائس الأثرية التي تعود إلى العصور القديمة، والآثار الرومانية، وجبل نيبو، والعديد من المواقع الأثرية الأخرى.
وأخيراً تمتاز أرض الشام بكثرة خيراتها وأنعُمها، وهذه ميزة اختص الله تعالى بها هذه الأرض المقدسة، فعدد النباتات التي تنمو على هذه الأرض من الصعب أن تحصى، ولعلَّ أشهر أنواع النباتات التي اشتهرت بها هذه الأرض: أشجار الزيتون، والحمضيات، والفواكه، والخضروات، عدا عن الكم الهائل من الأعشاب المتنوعة.