خلق الله عزوجل على هذه الأرض ملايين الأنواع من الحشرات، منها ما هو صغير ومنها ما هو كبير الحجم، وقد ذكر جل وعلا بعض أنواع الحشرات في كتابه الكريم، وذلك ليدل الإنسان على عظمة وبديع خلقه سبحانه وتعالى، وقد قال تعالى في كتابه الحكيم : " إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِين".


ومن أكثر أنواع الحشرات انتشاراً هي النمل، وهي نوع من أنواع الحشرات التي تنتمي إلى رتبة غشائيات الأجنحة، ولها شكل مميّز بحيث يمكن التعرّف إليها من بطنها ذو الشكل البيضاوي، وخصرها النحيل جداً، ورأسها الذي يعد أكبر من جسمها نوعاً ما، كما أنّ طول النملة لا يتجاوز خمسةً وعشرين ملم، وأكثر ما يميّزها هو الفك القوي الذي تمتلكه لمساعدته لها في الحفر ومضغ الطعام، كما أنها تستخدمه في حمل كثير من الأشياء التي تكون أحياناً أكبر من حجمها بكثير.


رأس النملة لم يُخلق أكبر من جسمها عبثاً، فهذا الرأس يحتوي على دماغ كبير ومعقّد، فهو الذي يفكّر ويعمل على إجراء الحسابات اللازمة، كما أنّه بمثابة صافرة الإنذار في حال تعرّضت النملة لهجوم، فالنمل يتمتّع بذكاء خارق، ويتضمّن رأس النملة ست أرجل وقرني استشعار، كما يحتوي أيضاً على عينيها المركبتين لرؤية ما حولها من الأشياء، ولكن مشكلة النملة أنّ نظرها ضعيف فلا يمكنها رؤية الأشياء بوضوح، وذلك لأنها تمضي معظم وقتها تحت الأرض وأسفل التراب في الظلام.


ويعتبر سلوك النمل الاجتماعي من أعقد السلوكيات في عالم الحشرات، فهي تمتلك لغة تواصل خاصّة بها تُحكي فيما بينها، ومن أهم ما يميّزها أيضاً هو إمكانية التواصل عن بعد، ومن أشهر القصص حول النمل هي قصة سيدنا سليمان عليه السلام عندما كان ذاهباً هو وجنوده وصادفتهم في الطريق إحدى مجموعات النمل وهي خائفة أن يحطمها سيدنا سليمان وجنوده، وكيف استطاعت النملات تنبيه سيدنا سليمان لينتبه إلى وجودها ثم يغيّر طريقه كما ورد في سورة النمل : " حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملةٌ يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون، فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ " .


والنمل من الحشرات الاجتماعية التي تحب العيش ضمن مجموعات متعاونة في بيوت أسفل الأرض على عمق عشرة أمتار وقد ميّزها الله عز وجل بقدرة هائلة على صيانة منزلها وترتيبه بشكل ملفت للنظر، ويسمّى البيت الذي يعيش فيه النمل بقرية النمل.