سمة الحب التطرف ، عندما تحب حقاً ستتألم كثيراً من أصغر التفاصيل التي تحول أكبر جنات الدنيا إلى أضيق جحيم ، أو ستؤول المحبة إلى كراهية غير قابلة للغفران .
أجل .. الحب قابل لأن يتحول لكراهية وإن كان أصدق ما خُلق على وجه الأرض.
لكن المزعج حقاً ليس هذا أو ذاك ، لأن التطرف في المشاعر قادر على إعطائك القرار المناسب ، إن كرهت ترحل ، وإن تألمت قد تقرر أن تصبر ، وإن كان هنالك أي معطيات أخرى ستخلق لكَ إجابات تناسب حالتك العاطفية ..
المُثير للأسى حقاً هو وقوفك بين هذا وذاك ، تارة تشعر بأنك ما عدت تهون على نفسك ، وتارة تشفق على الآخر لأنه ببساطة ليس من مسببات الألم الذي يدور بينكما ، تارة تُحب ، وتارة تُجحف ، تارة تُصدِّق وتارة تُكذِّب ، تارة تُعطى وتارة تُسلب .
كل هذه التناقضات تجعلك ببساطة غير قادر على تحديد شعور معين ، إن كنتَ بأفضل حالاتك وتعيش كل معطيات السعادة لن يسعك إبداء أي فعل فرح أكثر من الإبتسام .. وإن سد العالم جميع أبوابه في وجهك ستظل واقفاً بِلا دهشة أو دمع ، هكذا ، تاركاً الأمور تسير كما قُدر لها دون تدخل منك ، دون صراخ أو بكاء أو سحق أو شتم .. صامتاً .. كأنك عشت جميع هذه الأحداث قبلاً ، مُدركاً أن أقسى ردود الفعل لن تغير شيئاً ، وألطفها لن يداوي جرحاً مكث في قاع وجدانك ، جرحاً لا يُمكنك قوله ولا يُمكن لأحد أن يمد يده إليه حتى يتوقف عن كونه عميقاً وبشعاً إلى الحد الذي يجعلك راكداً كالمياه الآسنة.
كل ما أود قوله أن هذا الوسط قد لا يحركنا فعلياً ، لكنه يجعلنا متبلدي الاحساس ، نقلل من قيمتنا ككيان بشري له الحق في التعاطي مع الأشياء ، وأننا إن صبرنا عليه اليوم .. فهذا يعني تخلينا عن إمكانية الإحساس بأي عواطف متطرفة فيما بعد .
هديل غسان ... منقول