كما لو أن كل شيء بدء كأرتياب محض. متحجرتين كل منهما تُقابل الآخرى بمسافة شك, ممسكتين بأقواس مهيأة للإنطلاق في أية لحظة!
هما يخشيان أختراق السهم, خدمة للخشية نفسها, لا عن قناعة العجز على الإتيان ولو بتحريك جفن.
في طابور الصدفة, يقفان مطولاً.. بطاقتي بريد محشوتان بالفضول نفسه, باللعنة نفسها, بطابع الخراب و الدخان و السعال نفسه
ثم في ليلة يضعان قواعد اللعبة/ إتفاق مُضمر.. قتل للمكابدة.. تسريب للرغبة بالتعرف لرائحة السؤال الأوحد و الجواب الأوحد.
يحفر السهم في جسديهما الأكثر جموحاً, الأشد إتقاداً.. و الأنصع دواراً
في الصباح, من على قميص النبوءة, براحة الكف يُمحى الأثر, و يُزاول الطرفان المشي المعاكس.. لحافة الكون
وفي لحظة يتوقفان للنوستالجيا, يُصغيان لصدريهما ويرجعان بسرعة البرق للمحطة الأولى.. ويحفر السهم و ينسيان الوقت حتى يصير الصراط غائر,
يتماهيان مع الهواء حتى لم يعودا مرئيين, فيعبر من شاء أن يعبر.. كأن موسى قد لوح بعصاه..
لا بحر أمامك!
في الصباح: تتدفق الأغاني و تعبر الشمس بحرية بين الجهات/ و يتأكدان: هذه النوافذ لن تُشفى.
يُفكران فتقول: أقذف سماؤك.. لنلتحم و على أمتداد حبلنا السري نُشيّد بلاد.
- و الشك؟؟
تقول:
قتلته
تعال..
يستأجران ضباب عابر, يقولان: قف هنا يا سيد الندى.. قف ها هنا.
يحملان النبع.. يُدحرجان الضوء و المراكب و الغابات, يغوصان, ومن حيد لهاتها يستخرج وصفات و وثائق سرية:
كيف تكون ما تعبده.
يُقيدان الشمس لحديقة مخبأة.. يُجدولان الطقس, يُكرسان حبهما للولادة بإجتراح نقطة أرتكاز. يقول:
هاتِ شعركِ..
تقترب..
- هزيه
تهزه
و تسقط نجمة
يَعُدان حتى الرقم (1) ويُلقيانها للسماء, كما يُلقي مربي الحمام عند الفجر من على سطح الدار حمامه.. بفرط محبة و كأنها ثُلمة قلب أو كل روح.
تستقر هناك كطفلة من لهاث.. كوشل كحل.. كتميمة.
يوصدان أول الوعد و آخره.. يتدثران بلسعة الوجيب, بشحنة النبض العاثر و يُطعمان جراء الصبر المملوهة نجوى.
يُشيعان أبتزاز المنافي و تهمس: مهما يكن
و يهمس:
مهما يكن..