حنكة
ريثما اتقد النهار بالضياء ليؤبن الظلمة المرصوفة الى يوم تبعث من جديد، أوشى من أوشى لوالي البلاط ان نفرا من الشعب أرادوا النيل منه و الإطاحة بعرشه تنصيبا لزعامة أخرى تفضي لهم حق العيش الرغيد، اغتم الوالي بعدما أمر حاجبه ان يستدرك الأمر على هبة التحقيق ، احكم الدرك مغاليق المدينة جيدا، أشاعوا حرية تقتضيها نية الاعتقال، أودعوا من أساؤوا الظن بهم او من اختصتهم الفعلة الى محاجر السجن، عندما ابلغوا جلالته بكم العدد الذي مارس التعدي، اطرق قليلا بعينين لا ينقصهما التأمل ثم أردف قائلا « الوقت كالسيف « علينا ان نقتص من الوقت أيما قصاص، ادعوا السيف للإنابة في مجريات التحقيق ...
حقيقة
كنت على يقينٍ مما قالته معلمة العلوم المستبشرة خيرا بما أحمله من ذكاء يشوبه نوع من المرح المحبب، « انصتوا لي يا أولاد جميع السوائل لها طعم يميزها الا الماء لا يعاني من هذه الخصيصة « ، وبعد تقاذف الأيام التي اختصتنا بالنواح أصخت السمع إلى حقيقة شائكة تبطل ما ادخرته ذاكرتنا الممنهجة والتي تقول «النهر الذي سال لعابه بالضحايا له طعم الفجيعة، أنى يكون مصدر النماء مقبرة لأولادنا ؟» غيرت وجهتي شطر ما سمعت عازما بان لا أتوانى عن مكاشفتها ليتها تعرض عن فكرتها بالصح .
مفارقة
وكمن يدخر الليل بقبلة واحدة، تعذر بمشاغله الممضة التي أربكت علاقته بحبيبته على طوال فترة الخطوبة، ولأنه على معرفة تامة بمدى ما أنجزه ذلك الحب من تواردٍ رحبٍ ، استدرك تقصيره بتعابيرٍ معسولة أراد بها التقليل من مزاجها الحانق (اعلمي يا حبيبتي أنتِ عيناي التي أبصر بهما) لكنها أصرت بعنادها الذي اشترطت زواله بخروجهما لأحد المطاعم الفاخرة، سارعها بالرضا متحينا فرصة اللقاء بيد ان الرياح التي أدارت بوجهتها بعيدا عما تتمناه السفن أتت على غير ما اكتناه القصد لما اغتمت بها عيناه بلونٍ جعلها تصطبغ بالأحمر القاني أسرف في دعكها علها تذوب ما اجتذبته من دقائق الغبار السابحة بالهواء، ساورته فكرة الاعتذار لكنه قابلها بالرفض، من الغريب ان تتصل به حبيبته لتمهل نية اللقاء إلى اجل معلوم لحالة غريبة أخذت تنهش في جسدها ...
فكرة..
ارتكن في إحدى الحدائق العامة متوسدا أرضها ملتحفا
شرشفها المخضر لتسترقه غفوة جعلته يتهيأ بأن يحلم بقطعةٍ من اللحمِ وقنينةِ خمرٍ من النوعِ الفاخر مدثرا ما علق من جسمهِ برائحةِ الدخان النتنةِ التي باتت تطفو عليهِ، انسكبت مخيلته بأفكارٍ لا عد لها متأملا ان لا تتمادى قدماه جلباب التمني حتى لا يصطدم بواقعٍ أيسره محرقة ،و يخرج خالي الوفاضِ من أحلامٍ تغدق علينا بكل شيءٍ الا الحقيقة التي أضحت ربيبة الخيالِ غير انه أطال بغفوتهِ كثيرا كثيرا لتعلو فوق جبهتهِ شاهدة .
وهم
الأرض مقبرة كبيرة، هكذا كان يهمس في سرهِ بعدما دثر بنياتِ أفكارهِ بالزاويةِ القصوى من مخيلتِه ولاذ بحرارةِ المدفأة، تيقن ان للموتى مكانا للتأملِ والركود لتلسعه زوجه أن صاحب المقبرةِ اوووووو صاحب البيت يريد الإيجار وإلا.....
ميثم الخزرجي