في دجى الليل العميق راسه النشوان ألقوه هشيما وأراقوا دمه الصافي الكريما فوق أحجار الطريق *** وعقابيل الجريمة حمّلوا أعباءها ظهر القدر ثم ألقوه طعاما للحّفر ومتاعا وغنيمة *** وصباحا دفنوه وأهالوا حقدهم فوق ثراه عارهم ظنّوه لن يبقى شذاه ثم ساروا ونسوه *** والليالي في سراها شهدت ما كان من جهد ثقيل كلّما غطّوا على ذكرى القتيل يتحدّاهم شذاها *** حسبوا الإعصار يلوى إن تحاموه بستر أو جدار ورأوا أن يطفئوا ضوء النهار غير أنّ المجد أقوى *** ومن القبر المعطّر لم يزل منبعثا صوت الشهيد طيفه أثبت من جيش عنيد جاثم لا يتقهقر *** وسيبقى في ارتعاش في أغانينا وفي صبر النخيل في خطى أغنامنا في كلّ ميل من أراضينا العطاش *** فليجنّوا إن أرادوا دونهم..وليقتلوه ألف قتله فغدا تبعثه أمواج دجله وقرانا والحصاد *** يا لحمقى أغبياء منحوه حين أردوه شهيدا ألف عمر , وشبابا , وخلودا , وجمالا , ونقاء *** إنّه عاد نبيّا وهو قد أصبح نارا تتحرّق في أمانينا وثأرا يتشوّق وغدا يبعث حيا
للشاعرة: نازك الملائكه