حذر ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في العتبة الحسينية المقدسة في 12/ شوال/1433هـ الموافق 31-8-2012م من معاودة الاغتيالات المنظمّة، التي تختفي وتظهر في أوقات متفاوتة من الزمن، واصفا هذه الأعمال إنها في غاية الأهمية والخطورة، حيث إنها تستهدف عناصر محددة ذات مواقع مهمة في الدولة بطريقة الغيلة والغدر والاغتيال بحيث كثرت في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى إن الإعلام لم يكن منصفاً في تغطيتها بشكل كامل ولعل له عذر في ذلك، بيد إن بصمات الواقع الخارجي لهذه الأعمال أكثر مما قد يقال وخصوصا ً في العاصمة بغداد.
وأضاف سماحته إن هذه الطريقة لا تنم إلا عن حالة من التنظيم الدقيق والمطمئن لعمله، الذي لا يخشى ولا يخاف وإنه مؤطر بغطاء بل بغطائين وأحيانا عشرة .. لكن الطريقة خطرة جداً وتحتاج إلى وقفة جادة، مطالبا المعنيين القضاء على هذه الظاهرة لأنها ظاهرة خطيرة جداً وظاهرة قد يكشف عن أمور ما بعد عمليات الاغتيال، عازيا إن هذه الطريقة المنظمّة تحتاج إلى ردة فعل أقوى منها وأفضل منها وقدرة أكثر وضوحا ومعالجة .. مذكرا إن الجهات الأمنية لم تكن معذورة في إبقاء هذه الحالة على ما هي عليه، فلابد من التصدي الجاد والحقيقي بالأفعال لا الأقوال.. معتبرا إن القضاء على هذه الظاهرة أمر لابد منه وبأسرع وقت ممكن.
وفي إطار آخر من خطبته ذكر سماحة السيد الصافي إن هيبة الدولة لا تكون بكثرة القوانين المشرّعة، فلابد أن يردف هذا التشريع قوة التطبيق بمعنى إن الناس عموماً في مجتمعاتنا تنظر إلى الجهات التنفيذية أكثر مما تنظر إلى الجهات التشريعية مع إن الجهة التشريعية هي الأساس.. لماذا ؟!! لان واقع التطبيق يكون بتماس مع الناس بخلاف واقع التشريع والذي يكون في قبة البرلمان، وأشار إلى إن هناك فجوة ما بين التشريع والتطبيق.. بمعنى إن هذا القانون عندما شرعّناه واكتسب الدرجات التي لابد أن يكتسبها وبعد أن تمت المصادقة عليها ونشرت في الجريدة الرسمية لا عذر من عدم تطبيقه.. وتساءل من يطبق هذا القانون ؟!!
قال في معرض إجابته عندما نعمل إحصائية ونستخرج القوانين التي صودق عليها ونأتي إلى الواقع التنفيذي نرى قلة التنفيذ بالقياس إلى عدد التشريع .. علما إن هيبة الدولة تكمن في تطبيق هذه القوانين .. فالقوانين التي فيها مساس بالمواطن لابد من رعاية وجدية التطبيق وإلزامية التطبيق لأنها تصب في خدمة الناس.
وتابع سماحته انا لا اعرف من المسؤول عن التطبيق هل هناك جهة محددة أو هناك لجنة في مجلس الوزراء أو لجنة رقابية وبالنتيجة لابد من وجود جهة تلاحظ تطبيق القوانين ولماذا القانون لم يطبّق أو طُبِق بشكل خاطئ .. وخلاصة القول ان تطبيق القانون هو جزء من هيبة الدولة.
وعن مساعي مجلس النواب في اصدار قانون العفو العام، قال سماحته إن دول العالم المستقرة عندما تحدث فيها مشاكل لسبب ما ويُسجن من يسجن أو يحاسب من يُحاسب وهذه مشاكل طبيعية في البلد فهناك من يسرق أو يعتدي فتكون هناك حفنة من السجناء وتكون الدولة ماسكة بزمام الأمور وتكون هناك مناسبة أو شفاعة فترى الدولة إن هناك مصلحة تربوية أولا ً وتعود بالنفع إلى الدولة فتعفو عن السجناء .. العفو عن السجناء ظاهرة جيدة في أصل القضية .. هناك سجين قد اخطأ الطريق ومر بظرف صعب وترى الدولة إن فترة السجن كانت فترة فيها صحو لهذا الضمير والدولة تطلق السراح حتى يكون هذا المواطن عضواً ومواطناً ويبني الدولة، ولكن المشكلة عندنا في العراق ليست هكذا لماذا؟
وأضاف نحن نعيش مع أجندات وجهات إرهابية لها مخطط ولها طريقة عندما تبدأ بقتل الطفل الرضيع والشيخ الكبير والمرأة المسكينة أو عندما يكون فلان يسرق من أموال الدولة ما شاء ويحتال على الدولة وبالنتيجة هناك فساد مالي سبب خسارة كبيرة للدولة وهناك جهات أباحت الدم العراقي وفترة السجن لم يُعلم إنها فترة توبة وإنها فترة رجوع عن هذه الحالة فضلا ً عن إن هذه الجرائم لا تختص بها الدولة وحدها فهناك عشرات ومئات من العوائل تنتظر الآن القصاص العادل بالقتلة والجُناة ..
وأكد سماحته إنه من غير المعقول إن هذه المرأة المسكينة التي ذُبح أولادها أمامها ترى القاتل يخرج مرفوع الرأس، الدولة تعفو عن اقتدار فهذا جيد .. والدولة تعفو عن مورد لا توجد حقوق للآخرين وتعفو عن ما يتعلق بها مثل شخص اعتدى على بناء للدولة، فالدولة صاحبة الحق تعاقب أو تعفو.. أما أن تكون هناك ضحايا وأناس أبرياء وعوائل تنتظر والناس تنتظر بل هناك حالة من الهلع والخوف من طبيعة الجرائم التي ارتكبت .. هذه المسألة أضعها بشكل واضح أمام أعضاء مجلس النواب ممثلي الشعب ..
ودعا سماحته إلى عفو لمن ظهرت منه إمارات التوبة وعفو لمن كان الحق للدولة أما الحقوق التي ترجع إلى الآخرين فهذه مشكلة حيث إن إمارات التوبة لم تظهر وعصمة هؤلاء المجرمين بيد عوائل الضحايا وليس بيد الدولة، فالرجوع إلى الصف الوطني والدخول في عملية الاندماج مع أفراد الشعب جميعاً لبناء الدولة هذه كلها مسائل يجب أن تدرس بعناية ودقّة مع العفو ولكن بشروط محددة.
وفي الختام طالب الجميع توخي العدالة في إنصاف المذنبين وضحايا الإرهاب، حيث إن القاضي بدأ يخاف في هذه المرحلة وأولاد المقتول بدؤوا يشككون في عدالة الدولة وهم ضحايا .. مخاطبا حقوق الإنسان بأن يجب أن تكون قريبة من ضحايا الإرهاب وتخفف من الآلام.. معتبرا إن هذا الموضوع يحتاج إلى عناية مجلس النواب بشكل يتناسب مع طبيعة الوضع الذي يعيشه البلد، وإننا مع العفو ولكن بشروط والشروط بيناها بشكل واضح وصريح.
وكالة نون خاص