بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
إنّ الدنيا اليوم بحاجة إلى فكر أهل البيت صلوات الله عليهم، أكثر من حاجتها إلى الطعام والدواء. فالإنسان الجائع إذا لم يجد ما يأكله يتمرّض، والمريض إذا لم يجد دواء يموت، أما المنحرف فكرياً فإنه ستضيع منه آخرته.
.
إنّ الله تعالى منح الإمام الحسين صلوات الله عليه في مقابل تضحيته وشهادته أموراً كثيرة، ثلاثة منها معروفة، وهي: الشفاء في تربته، والأئمة من ذريّته، واستجابة الدعاء تحت قبّته الشريفة صلوات الله عليه. ومنحه تبارك وتعالى أموراً أخرى، منها: ما نقرأه في زيارة الناحية المقدّسة: (ولطمت عليك الحور العين) وهذا لا يوجد إلاّ للإمام الحسين صلوات الله عليه. ومنها: إنّ كربلاء تكون أفضل ترعة في الجنّة، وهذا لا يوجدّ إلاّ للإمام الحسين صلوات الله عليه، أيضاً، وغير ذلك. ولكن لم تكن هذه كلّها هدف الإمام الحسين صلوات الله عليه، بل كان هدفه من تضحياته واستشهاده صلوات الله عليه، هو شيء واحد، وهو الذي ذكره الأئمة صلوات الله عليهم في زيارات الإمام الحسين صلوات الله عليه، وهو: (وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة) وفي زيارة أخرى: (ومن الشكّ والريب والعمّى). فقد كان هدف الإمام الحسين صلوات الله عليه هو استنقاذ الناس، واستنقاذ الكفّار من الكفر، والضالّين والمنحرفين عن أهل البيت صلوات الله عليهم، واستنقاذ المؤمنين من المعاصي.
إنّ أباذر كان من حي غفار، إحدى أحياء الجزيرة العربية، وكان مشركاً، وحسب ما كتب التاريخ (وعلى ذمّة التاريخ) بأنه كان من قطّاع الطرق عندما كان مشركاً، وقطّاع الطرق يفعلون كلّ شيء وليس النهب فقط. فسمع بخبر رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال لقومه إنّي سأذهب إلى مكّة وسأستمع إلى النبيّ، فإن اقتنعت بكلامه فسأدافع عنه بسيفي، وإن لم أقتنع بكلامه فساقتله وأريح الناس منه. فجاء إلى النبيّ صلى الله عليه وآله في مكّة واستمع إليه، فآمن، وذكر للنبيّ صلى الله عليه وآله ما وعد به قومه. فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله اذهب إلى قومك وادعوهم إلى الإسلام.
إذن، أليس كان من المؤسف حقّاً لو أن أباذر لم يهتدي بنور الإسلام؟
هناك الكثير من الكفّار في العالم، فيهم القابلية على الهداية، وكذلك الضالّين، فاهتموا كثيرا، واملأوا صحائف أعمالكم بهداية الآخرين، أكثر. وصحيح انه أحياناً لا يستطيع الإنسان أن يؤثّر على القريبين من حوله كعائلته في بيته، ولكنه يستطيع التأثير على الآخرين والبعيدين عنه، حتى مكاناً ومسافة. فرسول الله صلى الله عليه وآله، لم تتأثّر به زوجته، ولكنه صلى الله عليه وآله أثّر على الفرس والروم وأفريقيا، وأحدهم النجاشي.
اعلموا ان الإنسان دنيا من الطاقة، سواء كان شابّاً أو كبيراً أو صغيراً، والدنيا فيها مجالات كثيرة رغم كل المتاعب. وفي أي مكان يعيش الإنسان، فهو يقدر على أداء وظائفه. فكل مكان في العالم بحاجة إلى العمل. فهنيئاً لكل من يخلص لله تعالى ويتوجّه إلى أهل البيت صلوات الله عليهم