لموظف.. الوظيفة

المشاور القانوني ////حمودي المحامي
عند التكلم عن القوانين التي تحكم الوظيفة العامة فأن جميع القوانين تنطلق من محورين المحور الأول هو الموظف والمحور الثاني هو الوظيفة فهذه القوانين تنظم خدمة الموظفين من تعيين واستقالة وإجازات وغيرها ولما كانت الإدارة تزاول نشاطها بنجاح تعتمد على كفاءة الموظفين فسوف نسلط الضوء على هذين المحورين والقوانين التي نظمت شؤون الوظيفة والموظف وشروط التعيين والحالات الخاصة بالتعيين وواجبات الموظف والعقوبات التي يتعرض لها في حالة مخالفته قوانين الوظيفة ثم الحالات التي تنتهي بها الرابطة الوظيفية وحالات التعاقد الخاصة التي تبرمها الإدارة لتأمين كادر وظيفي لحالات الضرورة وقد حاولنا في هذا البحث التركيز على أهم القرارات والقوانين التي تمس الحياة الوظيفية للموظف بشكل مباشر مع آخر التعديلات التي طرأت عليها مع ذكر أرقام وتواريخ الوقائع العراقية ليتسنى للموظف الرجوع اليها بسهولة وأخيراً الخاتمة.
1- المحور الأول: الموظف:
الموظف هو كل شخص عهدت اليه وظيفة في الملاك الخاص بالموظفين وتنظم وتحكم شؤونه في العراق (أربعة) قوانين وهي:
1-قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 المعدل[1] والذي ينظم شؤون الموظفين خلال خدمتهم بالوظيفة.
2-قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل[2] وهذا القانون ينظم الإجراءات والقواعد الواجب اتخاذها لمحاسبة الموظفين المشمولين بأحكامه عند ارتكابهم الخطأ في الوظيفة وتبسيط هذه الإجراءات لضمان تسيير أجهزة الدولة وفق المهام الموكلة اليها وتوحيد العقوبات وأثارها.
3-قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة 2008 (قانون الرواتب)[3] حيث يهدف القانون الى دعم موظفي الدولة والقطاع العام بمنحهم رواتب ومخصصات مجزية وتحقيق مستوى معاشي أفضل لهم ويسري على موظفي الدولة من الدرجة الأولى فما دون.
4-قانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 المعدل[4] حيث ينظم هذا القانون الحقوق التي يتقاضاها الموظفين عندما تنتهي خدماتهم في أجهزة الدولة مع العلم ان دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال وصندوق التقاعد والضمان الاجتماعي سوف تنتقل من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الى هيئة التقاعد الوطنية اعتباراً من 1/1/2010 استناداً لأحكام المادة (14) منه.
2-فمن هو الموظف:
ورد تعريف الموظف بأكثر من قانون فقد عرفته المادة (2) من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 بالاتي: (كل شخص عهدت اليه وظيفة دائمة داخلة في الملاك الخاص بالموظفين) اما المادة (1) الفقرة ثالثاً من قانون الانضباط رقم (14) لسنة 1991 عرفته بالاتي: (كل شخص عهدت اليه وظيفة داخل ملاك الوزارة او الجهة غير المرتبطة بوزارة). فنلاحظ ان التعريف الوارد بقانون الانضباط يختلف عن التعريف الوارد بقانون الخدمة المدنية حيث اسقط قانون الانضباط صفة الديمومة من الوظيفة ليشمل الموظف على الملاك الدائم والمؤقت[5]، والغاية من ذلك من اجل ان يدخل في نطاق العقوبة والمحاسبة للموظف المؤقت أسوة بالموظف على الملاك الدائم في هذا الشأن اصدر مجلس شورى الدولة قراره ذي العدد (99/2006) لسنة 2006 بالاتي (تطبق على الموظفين المؤقتين الأحكام القانونية المطبقة على الموظفين في دوائر الدولة التي يعملون بها) علماً ان المستخدمين وملاكهم لم يعد له وجود في قوانين الخدمة الذي كانت تنص على أحكامه قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 حيث الغي بموجب القرار (911) لسنة 1976.
اما المقصود بموظفي الخدمة الجامعية هو كل موظف يقوم بممارسة التدريس الجامعي والبحث العلمي والاستشارة العلمية والفنية او العمل في ديوان وزارة التعليم العالي البحث العلمي او مؤسساتها ممن تتوفر فيه شروط الهيئة التدريسية، (المادة1/ثالثاً من قانون الخدمة الجامعية رقم 23 لسنة 2008)[6]. 3-1 شروط التوظيف (التعيين): فقد نصت المادة (7) من قانون الخدمة المدنية على عدة شروط يجب توفرها في الشخص لكي يتولى او يحصل على الوظيفة العامة وهي[7]:
1- ان يكون عراقياً او متجنساً بالجنسية العراقية.
2- أكمل الثامنة عشر من العمر وللممرضة السادسة عشرة.
3- ناجحاً في الفحص الطبي وسالماً من الأمراض المعدية ومن الأمراض والعاهات الجسمية والعقلية التي تمنعه من القيام بالوظيفة المعين لها بموجب قرار من سلطة طبية مختصة وفقاً لنظام خاص، اما النظام الخاص الذي أشارت اليه الفقرة آنفاً هو نظام اللياقة الصحية[8]، رقم (5) لسنة 1992 الذي عرف اللياقة الصحية هي القابلية البدنية والعقلية والنفسية التي يجب توافرها في الشخص ليكون لائقاً للخدمة في دوائر الدولة[9].
4- حسن الأخلاق وغير محكوم عليه بجناية غير سياسية او أجنحة تمس الشرف كالسرقة والاختلاس والتزوير والاحتيال*، اما المقصود بحسن الأخلاق هو مجموعة الصفات التي يتحلى بها الشخص وتوحي للثقة فيه وتدعو الى الاطمئنان اليه والى تصرفاته بالوظيفة ولا تؤدي الى ما يمس ويحط من قدره في الوسط الذي يعيش فيه.
5- حائز على شهادة دراسية معترف بها. هذه هي الشروط الوظيفية التي نص عليها القانون ولا يجوز للإدارة أحداث شروط جديدة لم ينص عليها القانون (شروط إضافية) مثل الموافقة الأمنية (سابقاً) والسلامة الفكرية والانتماء الحزبي.. الخ، لان إضافتها تتعارض ومبدأ المساواة في التوظيف، اما في حالة وجود مثل هذه الشروط لغرض التعيين فانه يبطل الشرط ويعمل بالشروط القانونية وفي هذا الشأن أصدرت الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة بصفتها التمييزية قرارها الآتي: (يعد تعيين الموظف صحيحا ويستحق رواتبه كاملة اذا كان الموظف مستوفيا لشروط التعيين القانونية وان تخلف فيه شرطاً مضاف من الإدارة لان هذا الشرط يتعارض ومبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة)[10]، وتراعى في التوظيف الشروط التي نصت عليها المادة (8) من قانون الخدمة المدنية وهي:
1-وجود وظيفة شاغرة في الملاك.
2-ان يكون التعيين او إعادة التعيين من قبل الوزراء المختصون او من يخولهم من موظفي الدرجات الخاصة[11]، علما ان الشروط التي تحكم التعيين لأول مرة هي نفسها التي تحكم إعادة التعيين.
3-لا يجوز التعيين لأول مرة الا في الدرجة المبينة إزاء كل وظيفة وحسب المستوى العلمي*.
عليه فان مراعاة هذه الشروط يعتبر مخالف للقانون مثل صدور أمر تعيين من موظف لا يملك صلاحية التعيين، وفي هذا الشأن اصدر مجلس شورى الدولة قراره الآتي (تعيين الموظف يجب ان يكون وفقا لأصول التعيين المنصوص عليها قانونا وان يصدر أمر التعيين من شخص يملك صلاحية التعيين)[12].
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل لمجالس المحافظات المؤسسة بموجب الأمر (71) لسنة 2004 صلاحية او رأي في قضايا التعيين؟ أجاب على هذا التساؤل قرار مجلس شورى الدولة بالاتي (ان صلاحية مجلس المحافظة في التعيين تقتصر على الموظف المحلي الذي يتقاضى راتبه من ميزانية الإدارة المحلية او البلدية وان تعيين وعزل موظفي الوزارة الاتحادية في المحافظة يتم بقرار من الوزير المختص بالتنسيق مع مجلس المحافظة المعنية وان تعيين وعزل المديرين العامين في المحافظة يتم وفق الآلية المرسومة بالقوانين العراقية النافذة ولمجلس المحافظة المصادقة او الرفض بأغلبية عدد أصوات المجلس)[13].
هذا وان قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (1177) لسنة 1975[14]، قد اشترط تقديم إقرار تحريري من قبل الشخص الذي يروم التعيين لدى دوائر الدولة بعدم اشتغاله بصفة موظف في أي جهة رسمية او شبه رسمية وخلاف ذلك تعتبر أوامر التعيين باطلة ولا يترتب عليها أي حقوق ولا تعتبر مدة الخدمة من الخدمات التقاعدية وتتخذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.
حالات خاصة بالتعيين:
وكيل الوزارة:
حيث تقوم الوزارة المعنية بعرض الموضوع (اسم المرشح للمنصب) على الأمانة العامة لمجلس الوزراء وبعد ذلك تقوم الأمانة بمفاتحة كل من هيئة النزاهة والهيئة العامة للمساءلة والعدالة وعند ورود أجابة هذه الجهات يتم عرض الموضوع على مجلس الوزراء والذي بدوره يوصي بالتعيين بموجب قرار يرسله الى مجلس النواب استنادا الى أحكام المادة (80/خامساً) من الدستور ليقرر موافقته او عدم موافقته على اسم المرشح استنادا لأحكام المادة (61/خامسا/ب) من الدستور النافذ وبعد ذلك يصدر مرسوم جمهوري بالتعيين من قبل رئاسة الجمهورية (هيئة الرئاسة).
المدير العام:
اما تعيين المدراء العامين على ملاك مؤسسات ودوائر الدولة والنظر في طلبات نقلهم وإحالتهم على التقاعد فهي من صلاحية رئيس الوزراء وذلك استنادا الى إعمام الأمانة العامة لمجلس الوزراء/دائرة شؤون الوزارات المرقم (ش و/8/1/1883) في 29/6/2006 بعد ان تقوم الوزارة المعنية او الجهة غير المرتبطة بوزارة بعرض اسم مرشحها على الأمانة العامة لمجلس الوزراء ليقرر رئيس الوزراء بالنظر بالمرشح (بالتعيين او النقل او الإحالة على التقاعد) وان تعيين الموظف بوظيفة مدير عام بأمر وزاري يعد باطلاً[15].
اما مفهوم الدرجات الخاصة وأنواعها فقد ورد في قرار مجلس قيادة الثورة رقم (1077) لسنة[16]1981 وقواعد الخدمة والأنظمة والقوانين ذات العلاقة ومن هذه الدرجات (سكرتير خاص لرئيس الجمهورية، رئيس جامعة، مستشار في رئاسة ديوان الرئاسة..الخ) وقد نص الدستور العراقي النافذ على نفس المفهوم في المادة (61/خامسا/ب) لان الموافقة على تعيين هذه الدرجات من اختصاص مجلس النواب بعد الاقتراح من مجلس الوزراء. ومن الجدير بالذكر ان العلاقة التي تربط الموظف بالدولة أي تحديد المركز القانوني للموظف في العراق هي علاقة (تنظيمية) وليست علاقة (تعاقدية) بمعنى ان القانون هو الذي ينشئ العلاقة بين الموظف والدولة وهو الذي يحدد حقوقه وواجباته وهو الذي يقرر كيف تنتهي العلاقة بين الموظف والدولة وبذلك يكتسب الشخص صفة (موظف) من تاريخ صدور الأمر الإداري استنادا لأحكام المادة (14) من قانون الخدمة، حيث يوضع تحت التجربة لمدة سنة في خدمة فعلية ويستحق الموظف الراتب ابتداءً من تاريخ مباشرته بالوظيفة المادة (16/1) من قانون الخدمة وان مدة المباشرة هي 10 أيام من تاريخ تبلغه بالتعيين عدا أيام السفر، وان عدم مباشرة الموظف الوظيفة التي عين فيها خلال المدة القانونية يسقط حقه في التمسك بتلك الوظيفة ويخضع تعيينه مجددا لضوابط التعيين المقررة قانونا الا إذا كان له عذر مشروع فيمهل 30 يوماً.
إعادة تعيين الموظف:
تحكمه أحكام المادة (21) و (22) من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 وقرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (220) لسنة 2002 وتعليماته رقم (5) لسنة 2003[17]، حيث بينت الأحكام الواردة في قانون الخدمة المدنية عند إعادة تعيين الموظف المثبت الذي انتهت خدمته لأي سبب كان بدرجة أدنى من درجته السابقة فيمنح راتب الدرجة المذكورة مع علاواتها وتحسب المدة التي قضاها في الدرجة الأدنى لغرض الترفيع ولم تجز المادة (22) إعادة تعيين الموظف بدرجة أعلى من الدرجة التي كان يشغلها إلا إذا أكمل الشروط القانونية للترفيع، اما أحكام القرار (220) وتعليماته التي منحت الوزير أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أعادة تعيين الموظف المستقيل أو الذي اعتبر مستقيلاً أو المحال على التقاعد من دون إكمال السن القانونية، فنلاحظ هنا أن الفرق بين أحكام قانون الخدمة المدنية وأحكام القرار المذكور حيث تجيز إعادة التعيين لأي سبب كان (مطلقة من دون تقييد) بينما أحكام القرار حددت إعادة التعيين لثلاث حالات فقط، واشترط القرار لغرض الإعادة وجود حاجة لخدماته وتوفر الوظيفة الشاغرة من دون التقيد بعنوان وظيفته السابق، ونلاحظ ان حكم القرار يختلف مع أحكام قانون الخدمة المدنية حيث المادة (22) تكلمت بشأن الدرجة بينما القرار تكلم عن العنوان، إضافة الى اشتراط القرار عدم وجود مانع من تعيينه سواء كان مانع قانوني أو يعود الى حالته الصحية كما اشترطت التعليمات رقم (5) لسنة 2003 مفاتحة دائرة الموظف السابقة للوقوف على رأيها بشأن إعادة تعيينه مع طلب اضبارته الشخصية.
اما المقصود بالخدمة الوظيفية التي وردت بالفقرة (2) من القرار هي الخدمة الوظيفية الصافية المقضية على الملاك الدائم في الدائرة وهذه نقطة اختلاف بين أحكام قانون الخدمة والقرار لأن القانون أخذ بإعادة الموظف بالدرجة المتوفرة مع جميع خدماته السابقة سواء كانت على الملاك الدائم أو المؤقت أو العقد أو العمالية.. الخ، اما القرار فحصرها بالخدمة على الملاك الدائم فقط.
وأخيراً فأن احتساب راتب الموظف يتم وفق شهادة واحدة وهي التي تحقق له راتب أفضل اما قانون الخدمة فحدد راتب الدرجة المعاد اليها من دون النظر الى الشهادة التي قد يحصل عليها، علماً ان في الوقت الحاضر فإن قانون رقم (22) لسنة 2008 قد ربط بين الدرجة والعنوان الوظيفي أي خلاف ما ورد في أعلاه علماً ان إعادة التعيين هي سلطة تقديرية للإدارة تقدرها حسب الحاجة وتوفر الشاغر استناداً لأحكام القرار المذكور[18]، كما ان إعادة التعيين تخضع للشروط والضوابط الخاصة بالتعيين لأول مرة منها توفر الدرجة الشاغرة في الملاك والحاجة[19].
علماً أن إعادة تعيين المتقاعد يختلف عن إعادة التعيين لأن هذا الموضوع نصت على أحكامه المواد (9 و10) من قانون التقاعد الموحد حيث تقوم دائرته المعاد اليها بإشعار دائرة التقاعد لقطع راتبه التقاعدي اعتباراً من تاريخ المباشرة وله ان يحيل نفسه في أي وقت يشاء، اما إذا كان المعاد تعيينه بدرجة مدير عام أو بدرجات خاصة فيراعى أحكام المادة (1/سادساً) من قانون التقاعد[20]



حمودي المحامي