الحصول على معدل يؤهلك لدخول كلية الطب هو أحد أصعب التحديات التي تواجه الطلاب، فما بالك إذا كان هذا الطالب يعيش في خيمة تفتقر إلى أبسط ظروف العيش الكريم.
التميز ليس حكراً على من يعيش حياة كريمة فقط، بل لأصحاب المعاناة نصيب أيضاً من النجاح.
ومثالاً على ذلك الشاب خضر أحمد طالب عراقي نازح استطاع الحصول على معدل 97% في الثانوية العامة، ما أهله لدخول كلية الطب.
إذ روى خضر لـ”هافينغتون بوست عربي” تفاصيل قصته ابتداءً من رحلة النزوح وصولاً إلى كلية الطب.
رحلة النزوح
خضر هو من سكان مدينة بابل جنوب العاصمة بغداد، فيما أجبرتهم الظروف الأمنية على ترك منزلهم ومزرعتهم منذ عام 2014، لتبدأ رحلة المجهول للبحث عن مكان يتوفر فيه الأمان، وتنتهي رحلتهم في إحدى مخيمات العاصمة بغداد.
ثلاثة أخوة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وعائلة تخلت عن كل ما تملك بسبب الحرب، هذه كانت ظروف خضر الأسرية، لكن والديه لم يطالباه بترك الدراسة والعمل لأجل إعانتهم، وإنما شجعاه على التوفيق بين الاثنين، إذ كان يعينهم في بعض الأعمال لسد حاجاتهم الأساسية.
بين الدراسة والعمل
قال خضر لـ”هافينغتون بوست عربي” إنه كان يخصص ما بين 5 و6 ساعات يومياً للدراسة، ويستثمر أوقات الصباح، إذ كان يستيقظ الساعة السادسة وينهي يومه على الساعة الحادية عشرة، ويوزان خلال تلك الساعات الطويلة المرهقة بين العمل والدراسة.
خيمة العائلة هي الخيمة التي يدرس بها خضر، حيث كان يضطر للدراسة خارج الخيمة عندما يجتمع أهله فيها، ليتمكن من التحصيل بشكل جيد.
بدون كهرباء
الدراسة نهاراً كانت الحل الأمثل أمام خضر، أما عندما تنقطع الكهرباء ليلاً -وهذا الأمر يتكرر كثيراً في الخيام- فإنه كان يستخدم الفانوس الذي كان يعمل على الوقود حتى يتمكن من الدراسة.
كانت العواصف الرملية والمطر والبرد القارص أصعب الأمور التي تعيق خضر عن دراسته، لكن الشاب الذي لا يتجاوز عمره 18عاماً، يؤمن أن من يحدد هدفاً في الحياة يمكنه الوصول إليه رغم الصعاب.
إذ قال خضر لـ”هافينغتون بوست عربي: “لم أتحجج يوماً بالظروف الصعبة في تلك الخيمة المهترئة، التي كانت تكون أصعب في فصل الصيف الذي تسجل العراق أعلى درجات الحرارة”.
لا حاجة للدروس الإضافية
دون الاعتماد على الدروس الخصوصية استطاع خضر، الذي كان يدرس في شعبة العلوم، أن يحصل على معدل 97% ، في الوقت الذي يعرف فيه التعليم العراقي تراجعاً كبيراً حتى أصبح الاعتماد على الدروس الخصوصية حلاً يلجأ له أغلب الطلاب حتى يحققوا المعدلات العالية.
وقال خضر لـ”هافينغتون بوست عربي”: “لا أترك الواجبات تتراكم وأقرأ المادة أكثر من مرة حتى أستطيع الفهم، وعندما يحين موعد الامتحانات لا أجد صعوبة في مراجعتها”.
ماذا يتمنى خضر؟!
إن أبرز ما يعانيه خضر هي الحالة المادية الصعبة، حتى أنه يفكر أن يترك الدراسة هذه السنة لأنه لا يملك حتى أجرة المواصلات للذهاب إلى الجامعة ناهيك عن مصاريفها الجامعة.
ورغم ذلك، فإن الشاب مُصر على توصيل رسالة إلى الشباب النازحين، وهي “ألا ييئسوا”.. “وأن التعليم هو الأمل الوحيد”.