من هو “غولييلمو ماركوني”؟
وُلد العالم الإيطالي الحائز على جائزة نوبل بمدينة بولونيا الإيطالية في عام 1874، وفرت لـ غولييلمو سبل العيش وهو صغير حيث تربى في كنف عائلته الثرية التي كانت توفر له تعليما منزليا خاصا، وعندما بلغ الفتى “غولييلمو” عشرون عاما قرأ عن تجربة قد قام بها عالم زميله “هنيريش هرتس” قبل سنوات قليلة وأفادت تلك التجربة بأن الهواء يحمل موجات كهرومغناطيسية تسير بسرعة الضوء.
تعلق ماركوني بهذه الفكرة تعلقا شديدا بلغ حد الإيمان، ونمت في عقله فكرة أنه بواسطة تلك الموجات سوف تتمكن البشرية من إرسال واستقبال الأصوات على مسافات بعيدة بدون الحاجة إلى الأسلاك، وبعد سنة واحدة من هذا التاريخ كان غوليلمو يرسل بالفعل أول رسالة صوتية لاسلكية عبر المُحيط الاطلسي وكان ذلك في عام 1895 بعد عملا دؤوب لم ينقطع لمدة عام كامل.
ما هي تحديدًا الموجات الكهرومغناطيسية؟
الموجات الكهرومغناطيسية أو الإشعاع الكهرومغناطيسي هما شكل من أشكال الطاقة، تمتص الجسيمات المشحونة بها أيان كان نوعها (صوتية، ضوئية وغيرهما) وتنقلها إلى مسافات بعيدة حتى إلى الفضاء، ويعد أول من اكتشف وجود هذه الإشعاعات هو العالم جيمس ماكسويل عام1864 حيث قام بفرضية تسمى نشوء الموجات الكهرو مغناطيسية ولكنه توفى قبل أن يُكمل نتائج تلك التجربة.
وبعد وفاته بنحو 7 سنوات أكمل العالم هنريك هيرتز تلك الفرضية ليؤكد على صحتها تمامًا حيث قام بتوصيل تيار كهربي إلى أحد الأسلاك ليجد تأثيره يصل إلى الأسلاك الأخرى، إذن فالصوت يمكنه أن يصل بسرعة ودقة شديدة في الفراغ المُحيط بل ويظل محتفظًا بنفس سرعته ودقته هذه حتى في الفضاء، أما العالم “فيليب ماركوني” هو أول عالم ينجح على الإطلاق في استغلال تلك الموجات لإيصال الصوت بشكلٍ عملي عبر المُحيط الأطلسي.
تجربة أول رسالة صوتية :
قبل أربع سنوات .. قام ماركوني بإنشاء محطة لا سلكية كاملة في منزله بروسلار ستراند – مقاطعة وكسفورد – أيرلندا في مُحاولة جدية منه لتطوير جهاز الإرسال والإستقبال اللاسلكي هذا .. جاعلًا من نفسهِ حلقة الوصل بين صديقيه كلفن بمقاطعة جلوي، وبولدو في بمقاطعة كورنوال اللذان ينتظران نتائج العمليات التي يقوم بها صديقهما!
وفي يوم 12 ديسمبر من عام 1901 تم إعلان أن ماركوني تمكن من إيصال رسائل صوتية بين نقطتين تبلغ المسافة بينهما نحو 3,500 كيلومتر (2,200 ميل) وهذا يُعد تقدم علمي غير مسبوق في تاريخ البشرية.
هاجم البعض هذه التجربة في البداية حيث صرح بعض العُلماء أنه ليس هناك دليل واحد واضح على نجاح ماركوني في هذه التجربة، وأن من شهدوا هذه التجربة أقروا بأن الإرسال كان شديد التقطع بحيث من الصعوبة تمييز وجود أية أصوات واضحة، كما أن العالم “نيكولا تسلا” صرح قائلًا في أحد اللقاءات “فيليب ماركوني قام باستغلال نحو 17 من براءات إختراعاتي” !
على كٌلٍ يمكننا أن نقول بان حصول ماركوني على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1909 بالاشتراك مع كارل فرديناند براون على براءة اختراعتهما هو “التلغراف اللاسلكي” قد أسكت كل الألسنة المشككة في وقتها. في السنة التالية لحصوله على تلك الجائزة تمكن من إيصال الموجات الكهرومغناطيسية لمسافة وصلت إلى ستة آلاف ميل بين دولتي أيرلندا والأرجنتين، وكانت هذه المسافة وقتها تُعد أطول مسافة يتم إيصال الصوت خلالها.
ولإختراغ “فيليب ماركوني” أهمية عظيمة حيث تجلت في عام 1909 (وهو نفس العالم الذي حصل فيه على جائزة نوبل) تحديدًا عندما غرقت السفينة الشهيرة “فكتوريا”، حيث استطاعت الموجات الكهرومغناطيسية أن توصل أصوات استغاثة عديدة للسفن المُجاورة لفكتوريا مما ادى إلى إنقاذ عشرات الرُكاب من الغرق، كما ظهرت أهمية جديدة لإختراعات ماركوني بعد ذلك في أعوام 1915 حيث تمكن الصوت وقتها من الوصول إلى مسافات لم يكن قد بلغها من قبل، وفي عام 1920 عرف العالم الإذاعة لأول مرة على نطاق تجاري واسع ولذلك كان يطلق على جميع الاختراعات التي ظهرت بفضل الموجات الكهرو مغناطيسية إسم اختراع ماركوني.
وبعد أن اكتشف واستخدم الموجات القصيرة والموجات القصيرة جدا عاد ماركوني إلى بلاده مرة أخرى، ليتوفى ويدفن في روما عام 1937 بعد حياة حافلة بالإختراعات المُفيدة والتي ظلت على نفس أهميتها حتى وقتنا الحالي، وفتحت المجال بعد ذلك للعديد من الإختراعات الحديثة.