إسطنبول.. جمال عريق لا يغيّره مرور السنين
احتلت إسطنبول المرتبة الأولى كأجمل مدينة في العالم على موقع “إنستغرام”، وذلك في سؤال وجّهه موقع سياحي شهير يعرف بموقع “ماتادور” تحت عنوان: “ما هي أجمل مدينة في العالم على موقع إنستغرام”، مشيرين إلى أن “إسطنبول هي جسر يمزج بين الثقافتين الأوروبية والآسيوية، بالإضافة إلى أنها صاحبة أجمل المعالم العمرانية، وأضاف الموقع أن إسطنبول تحتل المرتبة الأولى سواء بآثارها السياحية، أو بشوارعها العادية، التي تشهد على سحر هذه المدينة”.
مدينة إسطنبول لها تاريخ عريق يمتد لآلاف السنين، وحكمتها دول مختلفة، كالبيزنطية والعثمانية والرومانية واللاتينية، وعُرفت قديما ببيزنطة وقسطنطين والقسطنطينية، حتى أصبح اسمها إسلامبول ثم إسطنبول، وشهدت أعظم فتح إسلامي على يد الشاب محمد الفاتح، وأصبحت عاصمة الدولة العثمانية وقتها بدلا من أدرنة.
وتعد من أكبر مدن تركيا، تجمع ما بين العراقة الحداثة والعصرية، وفيها آلاف المساجد، خصوصا ما تشتهر به مساجد العهد العثماني وما تتميز به من معمار فريد، ومعظم هذه المساجد كان يقوم بدور تعليمي وتدريسي، واستضافة الطلبة والمشايخ والعلماء من كافة أنحاء العالم الإسلامي آنذاك، كما يوجد فيها أفضل المطاعم والأسواق والمناطق الأثرية، إضافة للحدائق والأبراج والجامعات ومضيق البسفور.
وقد تم اختيارها كأفضل خمس مناطق عالمية لقضاء الأعياد والإجازات فيها، حيث تعد مثالا للتناغم المثالي بين الطابع الغربي العصري والأصالة الشرقية، فيمكن لضيوفها زيارة متحف آيا صوفيا، كما يمكن لزوار المدينة مشاهدة مسجد السلطان أحمد، المعروف شعبيا باسم المسجد الأزرق، كما يمكن لضيوفها قيادة سياراتهم على “جسر البوسفور” أحد أكثر الجسور المعلقة شعبية، والذي يربط الجانب الأوروبي من المدينة بجانبها الآسيوي.
وجاءت مدينة إسطنبول في المرتبة الأولى في فئة “أفضل وجهة للسياحة” ضمن مسابقة نظمتها مجلة “تشيلسي مونثلي Chelsea Monthly” التي تصدر في “إنكلترا”، وقالت وزارة السياحة التركية في بيان لها إن 51,120 ألف شخص صوتوا على الشبكة العنكبوتية، وتركت إسطنبول تسع مدن منافسة وراءها واحتلت الصدارة في المسابقة. وكانت المدن الأولى على الترتيب: إسطنبول، جزيرة موريشيوس، طوكيو، بانكوك، كيب تاون، براغ، سيدني، شنغهاي، برمودا.
مساجد إسطنبول
مساجد إسطنبول متاحف فنية جميلة شيّدت بعناية وهُندِست على يد مهندسين بارعين، عشقوا الجمال وخلّدوه في بنائهم وأعمالهم، حيث لا يمكن للزائر لهذه المساجد إلا أن يلمس هذه البراعة ويشاهدها في زوايا المساجد وقبابها.
من أشهر المساجد الموجودة في إسطنبول، مسجد أبو أيوب الأنصاري، الذي يوجد به قبر الصحابي أبو ايوب الأنصاري، والذي دفن فيه أثناء محاولة المسلمين فتح القسطنطينية، ومن المساجد الشهيرة أيضا مسجد العرب بالقرب من برج “غالاطا”، وهو كنيسة قديمة، ومسجد أيا صوفيا الصغير، ومسجد السلطان أحمد، وهو من أهم المساجد التي يقصدها السياح، ويعتبر رمزا لتركيا باعتباره منافسا لكنيسة “آيا صوفيا” التاريخية المقابلة له.
ويقع مسجد الفاتح في قلب منطقة “الفاتح”، ويضم قبر السلطان “محمد الفاتح”، وبجواره المباني القديمة التي كانت خدمية في السابق؛ كالجامعة والمدرسة، التي أُغلقت مباشرة بعد إنهاء الخلافة العثمانية، ويعتبر تحفة معمارية ورمزا لمنطقة الفاتح الإسلامية، وقد تعرّض المسجد للعديد من الحرائق، وتأثر بالزلازل، وأُعيد ترميمه عدة مرات، كما تم بناء مسجد الأمير “جهانكير” (Cihangir) من قبل المعماري المشهور سنان في القرن السادس عشر، مطلّا على إحدى تلال إسطنبول القديمة وعلى مضيق البوسفور في منطقة “بي أوغلو (Beyoğlu).
أشهر الأسواق والمطاعم
تنتشر المطاعم والأسواق بكثرة في إسطنبول، منها ما هو راقٍ ومميز ومنها وسط وأخرى بسيطة، ومن أجمل وأكثر المطاعم تميزا هومطعم “كيتشينيت”، ومطعم الملك “هاس كرال”، ويقدم المأكولات التركية بنكهة الثقافة التقليدية الموجودة في أي بيت تركي، أما الطبق الأشهر في المطعم فهو وجبة الدجاج بالملح التي يجب طلبها قبل ساعتين من موعد الحجز.
ويعد مطعم “ميموليت” من أكثر مطاعم إسطنبول شهرة، يظهر من الخارج كمكان بسيط وعفوي ولكن ما إن يدخله الزائر حتى يكتشف أنه موقع ملكي فخم ذو تصميم عصري أنيق وأجواء ممتعة مشبعة بالدلال والموسيقى الهادئة، ويقدّم المطعم وجبات متنوعة من عدة مطابخ عالمية، منها مطابخ جنوب آسيا وجنوب إيطاليا.
ومن أشهر مراكز التسوق في إسطنبول، مول كانيون، وتعني “الوادي” باللغة العربية، في منطقة “ليفينت” بإسطنبول، ويحتوي المجمع، الذي يتكون من أربع طوابق، على حوالي 160 محلا تجاريا، تضم بضائع بماركات عالمية، والمطاعم الفاخرة والمقاهي المميزة، بالإضافة إلى صالات السينما وصالة رياضية، إلى جانب ذلك يضم كانيون برجا مكونا من 30 طابقا، منها 26 طابقا فوق مستوى سطح الأرض، كما يضم مجموعة سكنية مكونة من 22 وحدة.
ويقع إستنية بارك في منطقة “ساري ير” بإسطنبول، ويعد من أكبر مراكز التسوق في إسطنبول، ولذلك يجمع كل الماركات العالمية الشهيرة تحت سقف واحد، كما يقع “مول أك مركز” بمنطقة “بشيك تاش” بإسطنبول، ويتكون من أربعة طوابق، كما يحتوي في داخله دكاكين ومطاعم ومقاهٍ، ويعتبر جواهر مول، الذي يطلق عليه الأتراك اسم “مول العرب” من أكثر مراكز التسوق التي يزورها العرب، ويقع في منطقة “شيشلي” بإسطنبول.
ومن أشهر الأسواق أيضا “سوق الصحافيين” (Sahaflar Çarşısı) هو سوق لعرض وبيع الكتب والأوراق، يعود تاريخه إلى القرن الخامس عشر، ويعد من أقدم الأسواق في إسطنبول، حيث كان موقع دكاكين الصحف والورق قريب من المدرسة لأجل تأمين اللوازم المدرسية للطلاب.
حدائق ومتاحف إسطنبول
تعد حديقة “جميلة سلطان” من الممتلكات الخاصة في إسطنبول، اشتراها السلطان عبد المجيد تخليدا لذكرى ابنته “جميلة سلطان”، ولكنها أصبحت بعد مرور الوقت ملكا لأحد الأمراء العثمانيين، وتعتبر حديقة “حاجي عثمان” من أكبر الحدائق في إسطنبول، وتضم الحديقة أشجار الصنبور والبلوط وغيرها، وتقع حديقة “ايازاغا” داخل قصر “ايازاغا ” بمنطقة “ساري ير” بإسطنبول.
ومن الحدائق الشهيرة في المدينة أيضا، حديقة “والدة باغ” أو حديقة “عادلة سلطان” على مساحة 354 ألف متر مربع في داخل قصر بمنطقة أوسكودار في الطرف الآسيوي بإسطنبول، ويعود تاريخ إنشاء الحديقة إلى عهد السلطان سليم الثالث، الذي قام بإنشاء قصر داخل الحديقة لأجل والدته “مهري شاه، وتقع حديقة عثمان غازي في منطقة “العمرانية”، وباسمها القديم “أورمانية” أي “الغابة”، بإسطنبول.
ومن أشهر المتاحف في إسطنبول، متحف المدينة الذي تعرض فيه المواد التي تعكس الحياة الاجتماعية لمدينة إسطنبول في العهد العثماني، ويحتوي الكثير من التحف الفنية مثل الأقمشة، ولوحات الخطوط، والكثير من الآثار الزجاجية، وأواني المطبخ، وأطقم القهوة، والأختام، والمقاييس والموازين وما إلى هناك من التحف، وتُعرض فيه أيضا لوحات للخطوط التي رسمت من قبل السلطان عبد المجيد.
ويقع متحف الآثار الإسلامية، الذي يضم عددا كبيرا من الآثار الإسلامية التركية والمخطوطات القديمة، في ميدان السلطان أحمد بإسطنبول التركية، ويعد من أندر المتاحف في العالم من ناحية المخطوطات المعروضة، التي يعود تاريخها إلى الفترة ما بين القرن الثامن والتاسع عشر، وتصل أعدادها إلى 15 ألف مخطوطة، وإلى جانب ذلك تُعرض فيه قبعات فخمة، وسجادات، تمثل حضارات وثقافات مختلفة للشعب التركي.
أشهر شوارع إسطنبول
يعد شارع بغداد من أشهر شوارع إسطنبول وأعرقها على الإطلاق، ويمتد على مسافة 6 كم من منطقة “بوسطانجي” وحتى “كيزل طوبراك”، وتنتشر على طول هذا الشارع الأسواق والمحلات التجارية وأماكن الصلاة التي ترجع بتاريخها إلى العهد العثماني.
ومن المناطق الشهيرة أيضا ممر الزهور، الذي يعد من أقدم الأماكن المأهولة في بيوغلو التي ما زالت إلى اليوم مميزة ببصمتها الخاصة، أخذ الممر تسميته الحديثة في عهد الجمهورية التركية، حيث غدا شارعا لبيع الزهور بكل أنواعها وأصنافها، وكان يقصده الناس من كل مكان، حتى أنه وبعد الثورة الروسية كانت تأتي النساء من طبقات النبلاء خصيصا للحصول على الزهور من الممر.
واليوم يُعد الممر من أكثر الأماكن هدوءا وأكثرها أناقة ورقيّا، إذ بات في عام 1940 يضم مقاهٍ ومطاعم تقدم الطعام على الطريقة العثمانية، وتضم المطاعم فيه نخبة من الطباخين لتكون من أفضل المطاعم في إسطنبول، وتقدّم المقاهي والمطاعم الموجودة هناك أصنافا عديدة من الأطعمة.
حي سيليفري بإسطنبول
يعتبر “سيليفري” (Silivri) حيّا مشهورا في إسطنبول، ويقع على طول بحر مرمرة في تركيا، تتميز بموقعها الرائع المطل على البحر، يأتيها السياح من كل حدب وصوب، ويعد سيليفري ثاني أكبر حي في إسطنبول بعد تشاطالجا، وتبعد حوالي 65 كم عن إسطنبول، وهناك خدمات منتظمة للباص البحري من إسطنبول إلى “سيليفري”، واشتهرت هذه المنطقة كوجهة سياحية مميزة في إسطنبول لقضاء العطلات، ففيها مجمع كبير يجمع تحت سقفه كل أساليب التسلية والرفاهية حيث تجد المطاعم والنوادي التي تقدم العروض الممتعة، والمراكز الصحية، ومراكز اللياقة.
قرية “يجيك ديرة” بأسطنبول
تقع قرية “بيجيكديره” (Bıçkıdere) التابعة لمنطقة شيلة على بُعد حوالي 36 كيلومترا عن ولاية إسطنبول، و24 كيلومترا من مركز شيلة، وفيها مبانٍ خشبية من طابق واحد، أُنشئت بأسلوب تقليدي، ويعمل سكان القرية في التراب ليكسبوا قوت يومهم.
وتقع قرية “أكشا كيسه” (akça kese) الساحلية في منطقة شيلة، وتتبع لإسطنبول، وتُعد من أهم الأماكن المفضّلة من قبل سكان إسطنبول لقضاء عطلة نهاية الأسبوع. حيث تبعد القرية عن مركز شيلة 12 كيلو مترا، وتتألف القرية من 150 منزلا مصنوعا من الخشب ويعيش في القرية 400 نسمة عند موسم الشتاء، وفي موسم الصيف يَصْل هذا الرقم إلى 1000 نسمة.
حمام “شمبرليتاش” بإسطنبول
يوجد في مدينة إسطنبول الكثير من الحمامات التركية التي تقدّم أفضل الخدمات لحمام مريح ومياه ساخنة للاسترخاء والاستجمام، ولكن هناك حمام تركي مميز يقع داخل مبنى يعود تاريخه إلى عام 1584 وهو حمام “شمبرليتاش” (Çemberlitaş)، وصمّم هذا الحمام بتكليف من السلطانة “نوربانو” (Nurbanu) زوجة سليم الثاني وأم مراد الثالث، وقد تم ذلك على يد المهندس المعماري سنان العظيم ليكون من بين أجمل الحمامات في المدينة.
يقع حمام “شمبرليتاش” قبالة شارع المحكمة، وبالقرب من البازار الكبير إنه حمام مزدوج (حمامات منفصلة للرجال والنساء) يحظى بشعبية خاصة من السياح والمصورين والمخرجين على حد سواء، ومن الممكن شراء جميع لوازم الاستحمام من داخل الحمام نفسه والحصول على جلسات تدليك ومساج هندي، كما تتوفّر خزانات لوضع الأمتعة الشخصية ضمنها، وفيها أيضا كافيه صغير لشراء المشروبات الغازية.
منطقة “كيليوس” شمال إسطنبول
تقع منطقة “كيليوس” بعد منطقة “ساريير” إلى الشمال من إسطنبول، حيث تبعد عن ميدان تقسيم مسافة 30 – 35 كم تقريبا، وتعتبر منطقة “كيليوس” من المنتجعات السياحية المشهورة والقريبة من إسطنبول، وتمتلك شواطئ مطلة على البحر الأسود التي تتوجّه إليها الكثير من العائلات لتغيير الجو والاستمتاع، وكذلك غاباتها الجبلية التي تكثر فيها المنتزهات والمطاعم حيث الطبيعة الرائعة، والأماكن المفتوحة المناسبة للشواء في الهواء الطلق لذا بالإمكان قضاء يوم أو نصف يوم في تلك المنطقة الرائعة الجمال.
وتعد منطقة “كيليوس” منطقة جبلية متعرّجة يمكن الوصول إليها بسهولة بفضل اللوحات الإرشادية الموجودة على طول الطريق، وفيه من المناظر ما هو جميل وممتع لدرجة أنه لا يمكن الشعور بالملل من الطريق.