دعونا في البداية نوضّح هل التهذيب يعني الأكثر لطفًا؟ أم كرم الضيافة؟ أو ربما يشير إلى الإتيكيت والأخلاق التي يتحلّى بها الناس في دولة معينة؟ تبيّن أن كل من المصطلحات السابقة قائمة بذاتها، وليس هناك شيئ من هذا القبيل كدولة مهذبة تفوز في مسابقة الدولة الأكثر تهذيبًا في العالم!
هل هناك تصنيفات أخرى قد تفي بالغرض؟
هناك العديد من المصادر التي تصنّف الدول من حيث التهذيب استنادًا إلى معايير مختلفة. في حين أنه ليس هناك من فائز يحتل المرتبة الأولى طيلة الوقت، لكن بإمكاننا معرفة ماهية “التهذيب” في السياقات المختلفة. على سبيل المثال، مسح العمالة الوافدة التابع لـ “إتش إس بي سي” والذي طلب من المقيمين تقييم نوعية الحياة والاقتصاد في الدول الجديدة التي انتقلوا إليها. بالنظر إلى سياق التهذيب الذي تضمنّه المسح، فقد كان يعني سهولة تكوين صداقات في البلد الجديد، ومدى الترحاب في العمل، والتكيّف مع الثقافة الجديدة ككل. حصلت كل من نيوزيلندا، وإيرلندا، وأستراليا على المراتب الثلاث الأولى على التوالي.
وبحسب مسح أجراه منتدى الاقتصاد العالمي عام 2013 حول المناطق السياحية الصديقة، كانت النتيجة أن آيسلندا هي المكان السياحي الأكثر صداقة، تليها نيوزيلندا، فيما جاءت المغرب ثالثة. بالطبع، ذلك ليس المعيار الدقيق في مقياس التهذيب، لكن سلوك المواطنين تجاه الزوار شيئ لا يمكن إغفاله.
وإن تحدثنا عن الدول الأفضل سمعة، فتحتل السويد المرتبة الأولى حسب تقرير معهد السمعة عام 2016، فقد تم تصنيفها من جديد كأفضل البلدان سمعة في العالم، متفوقة بذلك على كندا، التي كانت تحمل هذا اللقب سابقًا. وتتوفر في السويد كل الخصائص والمعايير التي حددها الباحثون مسبقًا، فهي دولة آمنة، وجميلة، وترحب بزائريها، حسب ما يقوله مواطنوها. كما تتميز من بين بلدان أوروبا الغربية بأنها لم تتأثر بالحرب العالمية الثانية، وبقيت محايدة حتى اليوم.
بطبيعة الحال سمعة البلاد ليست هي الوصف الدقيق للتهذيب لكن يتم اتخاذ معايير لها علاقة في هذا الجانب عند إعداد تقرير الدول الأفضل سمعة. يقوم الباحثون بتحديد 16 عاملًا مختلفًا من العوامل التي تؤثر في ذلك، ويشمل ذلك ما إذا كان البلد جميلًا، وآمنًا للزيارة، وكان مواطنوه ودودين، ويتعاملون بترحاب مع الزائرين، وكان في البلد سياسات تقدمية وحكم رشيد.