الطفل المبدع.. الأسرة والمدرسة اليد التي تكتشف وترعى ولكن!!
تسعد كل أسرة، وتريد أن يكون أبناؤها متميزين بالخلق والدين والعلم، وترتفع هذه الرغبة والسعادة لتصل للذروة في أن يكون الابن مبدعا، خارجا بقدراته وموهبته عن المألوف والاعتيادي في النجاح والتفوق.
وبعيدًا عن الصراخ والعويل أن البيئة العربية غير مناسبة وغير داعمة للإبداع والمبدعين، يجب أن يدرك أولياء الأمور المسؤولية والأهمية في دعم وإخراج الأبناء الموهوبين إلى هذا العالم، بغض النظر عن اهتمام الدولة من عدمه، حيث يقع على عاتق الأسرة اكتشاف تلك المواهب والإبداعات وتنميتها بشكل صحيح، كونها هي المحضن الأول للطفل، وللأسف أن أغلب الأسر العربية لا تقوم بدور إيجابي يكتشف ويدعم الإبداع عند أطفالها؛ وذلك بسبب نقص الخبرة، أو عدم الإدراك لموهبة الطفل أو سوء التعامل معه، مما يقضى على ما يمتلك من مواهب وإبداعات، أو حتى عدم الثقة بأن يكون أطفالها مبدعين متميزين.
ويؤكد المختصون أن الطفل المبدع ليس من الصعب اكتشافه وتميزه، بل يجب عدم تجاهله أو إحباطه إذا ما أراد إظهار شخصيته المميزة. وعلى الأسرة أن تتيح لابنها مجالاً واسعاً للتعلم، من خلال مصادر التعلم والمعلومات داخل وخارج البيت، ولابد من المحافظة على دافعية الطفل لينمي موهبته وهذه مسؤولية الأسرة بالدرجة الأولى.
"لها أون لاين" تحاور الأخصائية النفسية و منسقة برنامج الإرشاد في جمعية المرأة العاملة الأستاذة وصال بدوي لتقف على آلية اكتشاف ودعم الطفل المبدع.
- بداية أستاذة وصال، كيف نكتشف الطفل المبدع وما هي سماته؟
بداية يجب أن يكون هناك ثقة بين وبينه أمه وأبيه، ثم عليهما أن يلاحظان إبداعاته ومهاراته، وأين يتميز عن الآخرين، يجب أن تكون متابعة الطفل دائمة، نلاحظ من خلالها سلوكه، ونعمل على تنمية السلوك الإيجابي الذي ينم عن موهبة أو إبداع علمي أو أدبي أو فني، ثم علينا تعزيز هذا السلوك الإيجابي، هناك بعض السلوكيات التي قد لا تكون إيجابية في ظاهرها، لكنها تنم عن طاقة وإبداع ويجب تحويلها إلى سلوك إيجابي، باستخدام عدة أساليب، كالكلام والماديات للتعزيز النفسي والمعنوي والمادي وهنا تظهر موهبته وإبداعاته، كما أن المدرسة قد تفاجأ الأهل بإبداع طفلهم إذا اكتشف ذلك في نشاطات المدرسة، ولكن الأهم أن يكون البيت هو الأول في اكتشاف تلك الإبداعات.
من أهم سمات الطفل المبدع أنه يتعلم القراءة مبكراً ليكون لديه ثروة مفردات كبيرة، كما أنه يتعلم المهارات الأساسية أفضل من غيره وبسرعة، لا يأخذ الأمور على علاتها، غالباً ما يسأل كثيرًا، فالمبدع يتميز بأنه كثيرة الأسئلة، وهذا دليل ممتاز على التفكير الإبداعي، ويتمتع بطاقة غير محدودة، كما أنه يكره الأنظمة والقوانين الصارمة التي تحكمه، لا ييأس ولا يستسلم بسهولة، ولديه استعداد لتكرار التجربة، كما أنه خيالي يستمتع بالحكايات والقصص الخيالية، ويحب سردها والإضافة عليها.
- هل يُقصر الأم والأب في رعاية الأطفال المبدعين في مجتمعاتنا العربية؟
نعم، ضغوط الحياة النفسية والاجتماعية تأثر على نفسية الأم والأب، وبالتالي هم لا يدركون أهمية رعاية الموهبة لدي ابنهم، بل قد يكونون غير متوقعين لوجود موهبة أو إبداع لدي أبنائهن، أو بعضهم قد تكون ظروف الحياة قد قضت على موهبته أو إبداعه، وبالتالي لا أمل لديه أن يستفيد ابنه من موهبة أو إبداع ما يمتلكه، على الرغم من أن بعضهم قد تكون هذه الظروف حافزا له؛ ليتفهم ويتفاعل مع مواهب الأبناء.
فمثلا بعض النساء ترفض أن تقضى وقتا مع ابنها وهو يرسم، وتفضل أن تقضى هذا الوقت في تعليمه حل الواجبات المدرسية، رغم أن المهم هو التوفيق بين المنهج الدراسي، وحاجة الطفل لإشباع موهبته ورغبته في نمو موهبته.
- لماذا لا تقرأ الأمهات العربيات عن كيفية رعاية أطفالهن الموهوبين؟
بالإشارة إلى أنه هذا الأمر غير خاص بالأم الجامعية، فالثقافة لا تخصها وحدها، للأسف أنا أجد الأمهات الجامعيات تفكيرهم محدود حول المواد العلمية للأطفال بالدراسة، أما بعض الأمهات تجدهن مطلعات بشكل جيد على الإنترنت والمكتبات، ولديهن دراية جيدة عن التعامل مع الأطفال المبدعين والعاديين.
على الأم والأب أن يقرؤوا، ويلجؤوا إلى المؤسسات التي ترعي المواهب؛ لمعرفة كيف الاستفادة والتنمية لموهبة أبنائهم، نحن في مؤسستنا نواجه استفسارات عن آلية التوجيه لتلك الموهبة أو غيرها.
- ما الآلية لدعم الطفل الموهوب؟
بداية نؤكد على دور الأسرة في ذلك، وأن الدور مشترك بين الأم والأب سويا، يجب على كليهما أن يتواصل مع الطفل بطريقة تحفزه لإظهار وتطوير مواهبه وإبداعه، وعلينا أن نُعرف الطفل بموهبته وقدراته، ولابد أن يتاح للطفل الاستمتاع بموهبته دون أن تغدو مجالاً للضغط النفسي عليه، فلا يطالب بحجة أنه موهوب بإنجازات متعددة، فهذا قد يدفع الطفل للتخلص من موهبته بسبب الضغط عليه.
وأؤكد على أن أسلوب التعزيز للأطفال مهم جدًا في تطوير المواهب، كما أن هناك ضرورة لعدم تشتيت الطفل بتدخل أشخاص في تربيته، خاصة في الأسر الممتدة في مجتمعاتنا العربية.
ولا بد من التأكيد على دور المدرسة فهو مهم، علي الأم والأب التواصل مع المدرسة في حالة ملاحظة الموهبة والإبداع من قبل الابن؛ لأن بعض الأطفال يخجلون من إظهار الموهبة في المدرسة.
في المدرسة يمكن تعزيز الطفل أمام أقرانه، بعض المدارس تقوم بمسابقات للموهوبين، كما أن هناك دورا للمؤسسات المهتمة بشؤون الطفل في تعزيز السلوك الإيجابي، واستغلال ذلك في حل أي مشكلة يعاني منها الطفل، وتخدم مواهبه وإبداعاته، تفاجئا في مؤسساتنا بوجود موهوبين كُثر لم تكن الأسرة نفسها تدرك إبداعاتهم، وقد يتم تحويل هذه المواهب للأماكن الأفضل والأنسب للرعاية والتطوير.
- ما الضغوطات التي من الممكن أن تطمس الموهبة والإبداع لدي أبنائنا؟
أعتقد أن الأسوء أن يقف الخوف والرهبة من الأسرة و المدرسة حاجزا أمام إظهار هذا الإبداع، فالطفل المبدع قد يخاف من إظهار موهبته أو إبداعه بسبب عدم الثقة في أمه أو مدرسته، خاصة أن الأسرة والمدرسة تعتقد أن المطلوب من الطفل هو الحصول على درجات مناسبة والاجتهاد في المواد العملية, لذا من المهم كسر حاجز الخوف بالتحفيز و التركيز على مواهب وإبداعات الطفل.
ـ هل تعتقدين أن المرأة العربية مهتمة وصبورة في مسألة دعم مواهب وإبداع أبنائها؟
للأسف في الغالب لا يحدث ذلك، فالاهتمام بالأطفال المبدعين يبدأ باكرًا أي منذ الثالثة من العمر، وأولياء الأمور لدينا في الغالب لا يهتمون بالمبدع إلا إذا ظهر إبداعه بشكل كبير في سن متأخرة.
وأنا أيضًا انتقد المدارس لدينا، فهي للأسف بيئة حارقة للإبداع، رغم أن الطفل المبدع كنز لها، ومن صميم عملها أن تهتم به، وتصقل موهبته كونها الأدرى علميًا بآلية التعامل مع الطفل المبدع.