بعد انتهاء الثورة الكبرى بأربعة أيام
سيقوم ثلاثة سكارى بنبش قبري
سيصيبهم الهلع عندما يروا آخر نبوءاتي ويفرون
ستطاردهم الشرطة فتقتل اثنين ويصاب الثالث بالجنون
كان هذا نص آخر نبوءات (ميشيل نوستراداموس)( Michel Nostradamus) أشهر عراف في تاريخ البشرية..
والذي أوصى بدفنها معه عند وفاته عام 1566م..
وقد تحققت تلك النبوءة بحذافيرها عقب انتهاء الثورة الفرنسية بأربعة أيام بالضبط..
كان ذلك عام 1799م..أي بعد وفاة (نوستراداموس) ب233 سنة ..
ليس هذا فحسب..
بل لقد تنبأ الرجل بعدد ضخم من النبوءات التي تحققت أيضا بحذافيرها بعد وفاته بقرون..
فهل اطلع الرجل الغيب ورأى الغد بالفعل؟؟
أم أنه كان مجرد أفاق مدعي؟؟
هذا ما ستجيب عنه السطور القادمة…
بداية دعوني أعرفكم بالرجل عن قرب
ولد (ميشيل دي نوستردام) ( Michel de Nostredame)- أو كما تنطق باللاتينية ( نوستراداموس) – في الرابع عشر من ديسمبر عام 1503م في (سان ريمي دي بروفانس)( St.Remy de provence )في جنوب فرنسا..
ولم تكن أسرته تنتمي إلى سلسلة الأطباء(اليهود الإيطاليين) الشهيرة التي تعمل في بلاطي الملك (رينيه) وابنه- كما كان يعتقد العامة- إنما كانت أسرة عادية من المناطق الريفية التي تحيط بمدينة (أفينيون).
في عام 1512م تخلت الأسرة عن ديانة اليهودية واعتنقت العقيدة الكاثوليكية وكان (نوستراداموس) حينها يناهز التاسعة من عمره
كان لوالديه 5 أطفال وكان (نوستراداموس) أكبرهم..ومنذ صغره ظهرت عليه إمارات الذكاء الحاد فشمله والداه بعناية خاصة وعهدا به لجده (جان)(Jean) ليتولى تعليمه..
فعلمه اللاتينية واليونانية والعبرية وأصول الرياضيات وعلم الفلك والتنجيم الذي كان (نوستراداموس) يسميه (العلم السماوي)..
بعدها توفي جده فعاد لوالديه الذين عهدا به لجده الآخر لمواصلة تعليمه..ثم أرسلاه إلى مدينة (أفينيون) للدراسة..
ومنذ صغره برع في علم الفلك والتنجيم وأيد نظرية(ديفيد كوبرنيكوس) حول كروية الأرض ودورانها حول الشمس وذلك قبل 100 عام من ظهور (جاليليو) نفسه..مما جعله عرضة للاتهام بالهرطقة..فخاف عليه والداه وأرسلاه إلى مدينة (مونبلييه) لدراسة الطب عام 1522م وكان عمره آنذاك 19 عاما
عمل كطبيب .. صورة لطبيب اوربي خلال الطاعون
وكما هو متوقع برع في الطب واستطاع أن يبتكر العديد من الوصفات الطبية الجديدة والمتفردة (التي احتواها كتابه الذي أصدره فيما بعد عام 1552م) وذلك في مواجهة الطاعون الأسود الذي كان متفشيا في (أوروبا) قاطبة في تلك الآونة والذي أودى بحياة ملايين البشر آنذاك..
ذاع صيته بين الناس فتنقل بين العديد من المدن ليواجه المرض فيها مثل (ناربورن) و (كاركاسون) و (تولوز) و (بوردو) ثم عاد إلى مسقط رأسه في (أفينيون)..وطوال تلك الفترة لم يتقاض فرنكا واحدا من أي مريض عالجه بل كان يغدق عطاياه على الفقراء منهم..ما جعله محبوبا بين الناس مكروها بين زملائه.
وبعد 4 سنوات من الترحال عاد إلى (مونبلييه) ونال الدكتوراه عام 1529م ..وكان يواجه صعوبات في شرح طرقه الجديدة في العلاج ورفضه الطرق القديمة مما جلب عليه المزيد من العداوات من أساتذته..خاصة مع نجاحه في إثبات صواب طرقه تلك..ما حدا به لجولة جديدة من الترحال..
وبينما كان في (تولوز) يمارس عمله إذ سمع به(جوليوس سيزار سكاليجر) (Julius-Cesar scaligere) أحد أشهر فلاسفة (أوروبا) في عصره..فدعاه للإقامة في بيته في مدينة (آجن)..ولبى طبيبنا الدعوة واستقر هناك فتزوج من شابة حسناء من الطبقة الراقية اسمها (ماري جورج) وأنجب منها طفلين..
ولوهلة بدا أن الاستقرار قد عرف أخيرا طريقه إليه..
ولكن هيهات..فقد كان للقدر رأي آخر..رأي قاس إن شئتم الدقة…
إذ أصيبت زوجته وطفليه بالطاعون وسرعان ما اختطفهم الموت جميعا..
أختطف الطاعون زوجته واطفاله
بعد ذلك دخل في مشاكل قضائية مع أهل زوجته الراحلة بخصوص المهر الذي طالبوه به..فأعطاه لهم..
ثم تزوج من أرملة في العقد الخامس من العمر سرعان ما أصابها الطاعون واختطفها الموت هي الأخرى بعد عام من الزواج
بعدها تزوج للمرة الثالثة من شابة حسناء هذه المرة..ويا لسخرية القدر..فقد أصيبت كسابقتيها بالطاعون واختطفها الموت بعد شهرين من الزواج..
عندها شعر (نوستراداموس) أنه نحس.. وخاصة بعد أن بدأت العائلات تتهرب من تزويج بناتهن له فقرر الكف عن الزواج بل والكف عن ممارسة الطب كليا بعد أن عجز عن إنقاذ زوجاته مما جعله يفقد الثقة في نفسه من الأساس..
كانت القشة التي قصمت ظهره اتهامه بالهرطقة عام 1538م..
عقاب الهرطقة في اوربا القرون الوسطى
حيث كان قد أبدى ملحوظة دون قصد قبل ذلك بسنين حين علق على عامل يقوم بصب تمثال برونزي للعذراء بأنه إنما كان يصنع الشياطين.. ومع أنه كان يقصد ما يفتقر إليه التمثال من عنصر جمالي إلا أن تلك الملحوظة نقلت للسلطات..
وهكذا أرسلت محكمة التفتيش في (تولوز) في طلبه.. فشرع (نوستراداموس) في الترحال من جديد مبتعداً قدر الإمكان عن سلطات الكنيسة على مدى السنوات الست التالية..
حيث ذهب إلى (إيطاليا) وزار (لورين) و (فينيسيا) و (باليرمو) في (صقلية)..
وهناك كتب أول كتبه (رسالة في الغيبيات) (Traite des Fardmens)..كذلك بدأ بترجمة (الهورابولو) Horapollo)) التي كتبها (فيليبوس) (Philippus) من الإغريقية إلى الفرنسية وهي مجموعة من الرسائل في الأخلاق والفلسفة.. إلا أن الجدير بالذكر أن الحكايات التي تتحدث عن قدراته على التنبؤ بالظهور في تلك الأيام..
ففي أحد الأيام رأى راهباً شاباً كان يعمل مربياً للخنازير يمر به في الشارع، فركع أمامه مباشرة وناداه ب (قداستكم)..
وقد أصبح ذلك الشاب الذي يدعى (فيليتش بيرتي) (Felice Peretti) البابا (سيكستوس الخامس)(Sextus V) بابا (الفاتيكان) عام 1585م بعد وفاة (نوستراداموس) ب19 عاما..
في عام 1550م عاد (نوستراداموس) إلى (فرنسا) ودعي إلى بلاط الملكة (كاترين) بعد أن ذاعت شهرته..
عمل في بلاط كاترين ملكة فرنسا
وهناك رأى صبيا من الحاشية فدعاه إليه وطلب رؤية ظهره عاريا إلا أن الصبي استحيا وهرب فتوجه (نوستراداموس) في اليوم التالي لرؤيته وهو نائم.. ثم أعلن بعد ذلك أن هذا الصبي سيكون في يوم من الأيام ملكاً على (فرنسا) على الرغم من أن (كاترين) كان لها ولدان على قيد الحياة..
وكان ذلك الصبي هو (هنري النافاري)(Henri of Navarre) الذي أصبح فيما بعد الملك (هنري الرابع)..
بعدها انتقل (نوستراداموس) للعيش في مدينة (صالون) و أنتج تقويما سنويا عام 1550م ..
وفي أحد الأيام دعي إلى الغداء فقال لصاحب الدعوة :
لديك خنزيران أحدهما أبيض والآخر أسود وستذبح لنا الأبيض ونأكله في حين سيختطف الذئب الخنزير الأسود
فعمد صاحب الدعوة إلى خادمه وأمره بذبح الخنزير الأسود وطهيه لهم..ولما حضر الطعام قال (نوستراداموس) :
ألم أقل لك أنك ستطعمنا الخنزير الأبيض؟
فقال صاحب الدعوة : بل هو الأسود
فأصر كل منهما على كلامه واستدعى صاحب الدعوة خادمه الذي اعترف بأنه بعدما ذبح الخنزير الأسود تشاغل عنه بتحضير آنية الطهي فاختطفه الذئب فاضطر لذبح الخنزير الأبيض وتقديمه لهم..
كان (نوستراداموس) في البداية لا يؤمن بقدراته ولا يثق بها كما يقول عن نفسه..فقد تنبأ بأحداث كثيرة في عصره ولكنه لم يقم بالتصريح بها بل انتظر مترقبا إلى أن حدثت بالفعل..
بعدها شيئا فشيئا آمن بقدراته وزادت ثقته في نفسه مع ذيوع شهرته لدرجة أنه ما ترك بيتا زاره في (أوروبا) كلها إلا وترك فيه ورقة تحتوي على الأحداث المستقبلية التي ستحدث لأهل ذلك البيت!!
كان يجلس في غرفة مظلمة يحملق في كوب من الماء لدقائق..يقول بعدها إن سطح الماء يتحول بسرعة إلى صفحة متحركة يرى عليها كل ما سيحدث للشخص المنشود لعشرات السنين القادمة!!
وكالعادة أبى القدر أن يعرف (نوستراداموس) معنى الاستقرار..
ففي عام 1554م تعرضت (بروفانس) لأسوأ فيضانات في تاريخها وضرب (الطاعون) (مرسيليا) بشراسة فانتقل (نوستراداموس) إليها وقرر العودة لممارسة الطب ومواجهة الطاعون..وكان يعمل بدون توقف في الوقت الذي هرب فيه الأطباء..
ثم عاد في نفس السنة بعد انحسار الوباء إلى بلدة (صالون) وقرر الاستقرار بها بقية حياته..
حيث تزوج أرملة ثرية اسمها (آن بونسار جيميل) (Anne Ponsart Gemelle) وقطن في منزلها في ( بلاس دي لا بواسونيري) poissonnerie) Place de la) -وما زال هذا المنزل موجودا حتى اليوم-
حيث حول الغرفة العلوية منه إلى غرفة مطالعة..واعتزل الناس تقريبا بقية حياته..
كتاب نوستراداموس
وفي هذه الغرفة ألف كتابه (التكهنات) (La Prognostications)
ثم شرع في كتابة تحفته وموضوع مقالنا اليوم (التنبؤات) The prophecies))..
بدأ النقرس الذي كان يعاني منه يتحول إلى داء الاستسقاء فأدرك بوصفه طبيباً أن نهايته أصبحت وشيكة.. فكتب وصيته في السابع عشر من يونيو عام1566م ..
وفي الأول من يوليو أرسل في طلب القس المحلي ليجري له الطقوس الأخيرة.. ووجدت جثته في صباح اليوم التالي كما توقع بنفسه.. بل إنه أخبر القس قبل وفاته بأن من سيقومان بدفنه أحدهما سيموت في نفس اليوم في حين يصاب الثاني بالجنون.. وقد حدث هذا بالفعل…
وترك مبلغاً كبيراً من المال علاوة على ممتلكات عينية أخرى..
وعندما توفي دفن واقفاً في أحد جدران (كنيسة كورديلييه) في بلدة (صالون).. وقد أعيد دفن جثته إبان الثورة في (كنيسة سان لوران) في مدينة (صالون) أيضا ..وبقي هناك حتى يومنا هذا..
الشاهد الصخري لقبر نوستراداموس
الآن وقد تعرفنا على صاحب الكتاب..آن لنا أن نتعرف على الكتاب ذاته :
الكتاب يحتوي على مقطوعات شعرية رباعية..
ويتألف من أجزاء كل جزء سماه (نوستراداموس) (قرن)..والاسم ليس له علاقة ب100 سنة ولكن لأنه يتكون من 100 مقطوعة شعرية..
وكان (نوستراداموس) ينتوي كتابة 10 قرون بحيث تكون المحصلة النهائية 1000 مقطوعة شعرية..
ولكن لسبب ما توقفت المقطوعات في (القرن السابع) رغم أن هناك دلالات في أوراقه تشير إلى أنه كان بصدد إضافة القرنين ال11 و ال12 إلا أن موته حال دون ذلك..
كما يحتوي الكتاب على مقطوعات سداسية سماها (نوستراداموس) (الإنذارات)
المقطوعات كتبت بأسلوب غامض يسميه المختصون (الجناس التصحيفي) فمثلا :
1- قام بتغيير حرف أو حرفين في الكلمات..فقد ورد في رباعياته ذكر (هتلر) باسم (هسلر) و (هيستر)
أو استعمال أسماء قديمة للإشارة لأسماء أخرى :
فمثلا رمز إلى نيويورك بالمدينة الجديد ورمز إلى أميركا بإسبانيا (حيث لم تكن أميركا توجد في زمانه و قد اكتشفها البحارة الأسبان (كولومبس) و(فيسبوتشي) في حين رمز إلى العراق ببابل ورمز إلى إيران بالفرس وإلى إسرائيل بالدولة الجديدة وإلى مصر ب(ميتلين)..
أما المسلمين فقد ورد ذكرهم في 110 رباعية وبأسماء مختلفة مثل :
الإسماعيليين والمحمديين والبرابرة والأندلسيين (المور)
2- الكتابة بعدة لغات في الجملة الواحدة..فكان يكتب بالفرنسية واللاتينية واليونانية والإيطالية..
3- كما عمد إلى البعد عن التسلسل الزمني في تنبؤاته حتى يستعصي فهمها على العامة..
وقد قام (نوستراداموس) بذلك متعمدا وذلك تجنبا لاتهامه بالهرطقة والشعوذة
وقد نشر الكتاب لأول مرة عام 1555م ولم يكن قد اكتمل بعد حيث تضمن القرون الثلاثة الأولى وجزء يسير من القرن الرابع..
في ذلك الزمان كان امتلاك الكتب ترفا مقصورا على النبلاء فأحدث كتابه هذا دويا لدرجة جعلت الملكة (كاترين) تستدعيه ليكون بجانبها أثناء الثورة ويخبرها بمكان زوجها وأولادها طيلة الوقت..كذلك طالبته برسم طالع أولادها السبعة وكان كل ما صارحها به هو أن جميع أولادها سيصيرون ملوكا ولكنه لم يشأ أن يصارحها بالكوارث التي ستحل بهم
وتم طبع الكتاب منذ صدوره لآلاف المرات ..
والطبعات القديمة من الكتاب موجودة في مكتبات المتاحف الأوربية بشكل واسع .. و يوجد عدد منها في مكتبة المتحف البريطاني و(اللوفر) الفرنسي ..
و أقدم نسخة يمكن العثور عليها يعود تاريخ طبعها إلى سنة 1589 و هي موجودة في متحف اللوفر في فرنسا تحت رقم 324/1606 بحسب فهارس مكتبة المتحف.
و هناك نسخة أخرى طبعت في فرنسا أيضا سنة 1650م موجودة أيضا في اللوفر تحت رقم 20.de.1481
و نسخة ثالثة طبعت سنة 1668 تحت رقم 2009.de.20
كما توجد هناك أقدم ترجمة للكتاب إلى اللغة الإنجليزية صدرت سنة 1672 و طبعت في لندن موجودة في المتحف البريطاني رقمها 718.1.16 و قام بترجمتها و التعليق عليها طبيب اسمه ثيوفلس دي جارنسير (Theophilus de Garencieres)
وقد أثار الكتاب منذ صدوره وحتى الآن الكثير من المعارك الكلامية ما بين مؤيد ومعارض له..وبدوري هنا سأقوم بعرض وجهة نظر وبراهين كل طرف من الطرفين دون تدخل مني لترجيح رأي أحدهما على الآخر تاركا الحكم في النهاية لكم أنتم..فهيا بنا نبدأ..
يقول المؤيدون :
إن هناك ملكة يمتلكها الناس كلهم ولكن بدرجات متفاوتة..تلك الملكة تسمى (الاستبصار)(Foresight)..
وتلك الملكة تظهر في قدرة الشخص على التنبؤ بأحداث مستقبلية ستحدث خلال ساعات أو سنوات – كل حسب مقدرته – والتاريخ ملئ بأحداث مشابهة …
وكذلك الروائي (جول فيرن) (1828-1905) الذي عرف عنه سعة الخيال والفنتازيا ورؤيته لأحداث المستقبل.. فهو مثلا أول من تنبأ بالصعود فيرن جون .. سبق عصره برواياتهإلى القمر واختراع الليزر والغوص لأعماق المحيطات واستكشاف الفضاء، واختراع المنطاد والارتفاع به لحدود الغلاف الجوي.. بل إن له روايات وأفكارا لم يستطع العلم اللحاق بها
فيرن جون .. سبق عصره برواياته
حتى اليوم رسام عهد النهضة الإيطالي (ليوناردو دافنشي) (1452-1519) الذي رسم الطائرات قبل اختراعها بقرون..
مثل الحفر حتى مركز الأرض واختراع مادة مضادة للجاذبية والسفر عبر الزمن، وبناء مدن في قيعان البحار …
والعجيب أن معظم روايات (فيرن) تطابقت بدقة مع الواقع.. ففي روايته (رحلة من الأرض إلى القمر) مثلا رأى أن الأمريكان هم الأقدر على هذا الانجاز ورشح (فلوريدا) مكانا لإطلاق الصاروخ.. وتحديدا موقع الإطلاق الفعلي المشهور في قاعدة (كيب كيندي)..
أما روايته (خمسة أسابيع في بالون) فتحققت على يد المخترع السويسري (بيكارد) الذي ارتفع إلى حدود الغلاف الجوى ببالون هليوم مغلق..
أما فكرة الليزر فقد تنبأ بها في روايته الشيقة (الشعاع الأخضر)..
في حين يعترف مخترع الغواصة الحديثة (سيمون ليل) انه اقتبس فكرة اختراع الغواصة من رواية (فيرن) المشهورة (20ألف فرسخ تحت الماء)
تلك القدرة كما نرى متوفرة في كل الناس وليست قاصرة على طبقة بعينها.. ولكن هناك من ينميها ويعتني بها وهناك من يهملها نتيجة مشاغل الحياة فتضمحل ولكنها أبدا لا تختفي..
إن (نوستراداموس) ببساطة رجل امتلك قوى روحية عظيمة استطاع أن ينميها ويعتني بها مما مكنه من استشراف المستقبل واستقراء الغيب..
كما أن الباحث المدقق سيجد أن أسلوب تربية (نوستراداموس) أمكنه من إتقان علم التنجيم منذ صغره بل وبرع فيه..
وإضافة إلى كل ذلك ممارسته السحر والشعوذة ولكن ليس على المشاع بل تطويعها لخدمة الخير كما اعترف هو نفسه..حيث علمه جده أسرار سحر اليهود العتيد (الكابالا)..
علمه جده اسرار سحر الكابالا
وبهذا يرى المؤيدون أن الرجل كان صادقا مع نفسه ومع الناس حين شرح كيفية حدوث التنبؤات..
فهو يرى أنه يمتلك طاقة غير محدودة وهبها الله له ويجب عليه استخدامها في الخير ليحافظ عليها..
كذلك هو يعترف بكونه عرافا ولكنها عرافة قائمة على النور الإلهي وليس السحر الأسود الذي نهى عنه الكتاب المقدس..
وبناء على تلك المنحة الإلهية فنبوءاته ستتحقق بحذافيرها..أما ما لم يتحقق منها فهو ببساطة مدسوس عليه..
ومصداقا لهذا الرأي أقول إن تلك التنبؤات قد حدثت بالفعل وبحذافيرها بصورة أدهشت كل البشر على مر الأزمنة حتى ارتفعوا بنوستراداموس لمصاف القديسين والأنبياء الذين لا ينطقون عن الهوى بل بالوحي الإلهي