#سورة_طه
( مناشئ الخوف والاطمئنان )
إن ما يخافه الانسان من الطواغيت والظلّام هو ما خافه موسى وهارون عليهما السلام من فرعون ، وهو خوف الإفراط عليهما والطغيان ، وهي مناشئ طبيعية لدى أي إنسان ، لأن من طبيعة البشر وفطرته أن يتجنب الأذى من الغير من دون مبرر ، أو ربما يوجد مبرر شرعي وعقلي ولكن يوجد طريق آخر يؤدي نفس الغرض بأقل تضحية .
مناشئ الخوف هذه قد بددها الله تعالى فقال لموسى وهارون عليهما السلام ( إنني معكما أسمع وأرى ) ، فما دام الله يسمع ويرى وما دام الله هو الحافظ وبيده كل شيء وبيده الخير كله وقد تسببت بلطفه الأسباب فلا داعي للخوف رغم أنه أمر طبيعي ، خاصة لمن يتصدى لمسؤولية الإصلاح والدعوة الى الله ومواجهة الجبابرة والطغاة ، إلا أن الله لا يترك عبده لقمة سائغة لعدوه .
وهنا لا بد من ذكر أمر مهم ، وهو أن حفظ الله للمؤمن باعتباره يسمع ويرى لا يعني بالضرورة أن بقاء ذلك العبد على قيد الحياة هي النتيجة دائماً ، لأن الانسان لم يخلق ليعيش ، ولكن ما دام الله يسمع ويرى ما يقوم به العبد من إجل إحياء كلمة الله وفق ما أراده الله أسلوباً وغاية فلا خوف على ذلك العبد ، لأن المؤمن لا يتوقع من الله أن يراه ويسمعه وهو في خطر ولا يقدّم له ما هو خير له ، وقد يكون الخير له هو حسن العاقبة والموت على الإيمان ، لذلك قد يتعرض المؤمن الساعي لرفع كلمة التوحيد وإقامة دين الله في الأرض الى خطر تحت مرأى ومسمع الباري عز وجل ولكنه - اي العبد - في مأمن من عقوبات الآخرة وحسابها فيدخل الجنة بإذنه تعالى .