في غزة مكانٌ للحب أيضاً.. مصوِّر يوثِّق الجمال وسط الحصار بكاميرته


هذا موضوع عن غزة ومن قلبها.. فهل جهزت قناع الجدية والعبوس لتستطيع قراءته؟!
ليس هذه المرة.. فهذه المرة لست بحاجة إلى عبوس أو جدية، بل حالة استرخاء وابتسامة صغيرة، لتعرف أن غزة منذورة للحب كما هي محاصرة بالحرب.

روح الصورة
استطاع المصور الشاب إبراهيم فرج "26 عاماً" أن يخلق لنفسه حالة مميزة في مجال التصوير من خلال التقاط صور للمناظر الطبيعية الخلابة التي تعبر عن جمال قطاع غزة على الرغم من الدمار والحصار اللذين يعاني منهما.




وابتكر طريقة جديدة يجمع فيها المشاهد الجميلة مع أجواء الحب والرومانسية التي تجمع بين زوجين أو حبيبين مخطوبين، وذلك من خلال خلق جو مناسب في مكان مميز يقدم نموذجاً جديداً للصور التي لم يسبق أن وجدت في قطاع غزة، متحدياً بذلك تقاليد المجتمع التي تميل إلى المحافظة.
"صوري مميزة لأنني أضع بها الروح والإحساس، لذا تكون كل واحدة مختلفة عن الأخرى ولها جمالها الخاص"، يقول فرج في حديثه لـ"هافنغتون بوست عربي".

ولادة الفكرة
أما عن فكرة تصوير الثنائيات المرتبطة بأجواء رومانسية حيث يعتبر فرج المصور الأول في القطاع الذي يسلك هذا الطريق، يقول: "لدي آلاف الأصدقاء على فيسبوك، وعندما عبّر أحد الأصدقاء -وكان متزوجاً حديثاً- عن رغبته في أن يفاجئ زوجته بهدية غير تقليدية، ودار الحوار بيننا لتبادل الأفكار، فكانت الفكرة أن نصمم قلباً كبيراً، ونضع عليه الشموع على شاطئ بحر غزة، الذي يعتبر مكان توافد المرتبطين والأصدقاء لجماله، وخاصة عند الغروب، واخترت لحظة خاصة وقمت بتصوير الزوجين بشكل جميل أعجبهم كثيراً".




"ثم سرعان ما انتشرت الفكرة بعد مشاركتي للصورة على فيسبوك، حيث حظيت بإعجاب كبير، وبدأت طلبات التصوير تكثر بسبب شدة الإعجاب بالفكرة"، يقول الشاب.

انتقادات المجتمع
لكل بلد عاداته وتقاليده التي قد تحكمه في التفكير بأي ظاهرة، لذا لم يسلم إبراهيم فرج من الانتقاد، كما وضح لـ"هافينغتون بوست عربي" قائلاً: "لم تكن إشارة الإعجاب على الصورة هي رد الفعل دائماً، بل كان هناك انتقاد من بعض المتابعين على الصورة، لاعتقادهم أن مثل هذه الصور مخالفة لعادات وتقاليد المجتمع، ولكني أحترم جميع الآراء ولكل شخص وجهة نظر".

أما عن كيفية إبراز جمال الصورة فيقول، "إن اختيار المكان والوقت الجميل الذي عادة يكون وقت الغروب وإضافة عناصر جميلة حول الصورة في المكان، بالإضافة إلى تعاون الأشخاص مع المصور خلال التصوير وفهمهم لفكرة الصورة يضمن نجاح جلسة التصوير ونتيجة مبدعة".

الحب والرومانسية توجد في جميع أماكن العالم فهي ليست حكراً على أحد وليست محرمة على غزة، التي يراها المصور الشاب موطن المحبة رغم جميع آلامها.

وعن سبب اختياره لتصوير الأشخاص بهذه الطريقة يقول مصور المحبة: "لا أحب تصوير بورتريه للوجه فقط بل أفضل تصوير الشخص بشكل كامل مع تصوير البيئة المحيطة به لكي يعرف المشاهد ما يحدث بالصورة".

وكما أن لكل مصور أفكاره الخاصة التي تميزه عن غيره من المصورين فإن كيفية استنباط الفكرة وتجسيدها هو ما تميز به إبراهيم فرج، كما يشرح لـ" هافنغتون بوست عربي": "أستنبط أفكار الصور من قصة الصورة أو وقت الحدث، بالإضافة إلى بعض المواقع العالمية حيث يكثر لدينا على مواقع التواصل الاجتماعي تجمعات كثيرة للحب والرومانسية وأنا أعتبر الصورة توقف الزمن للحظة والتقاط أجمل ما فيه".

مستقبل المشروع
أما عن هدفه في المستقبل، فيقول فرج: "طموحي أن أعزز ثقافة الفوتوغرافية وصور الحب والرومانسية وأتمنى أن ينتشر الحب في كل مكان، بالإضافة إلى أمنيتي باستكشاف أماكن جديدة لالتقاط المزيد من الصور، وأسعى لأن أنظم معرضاً لصوري التي التقطتها في 2016 و2017 في دول أوروبية كما أتمنى أن أصدر مجلة للصور التي أثارت ضجة وطباعتها ونشرها في أماكن مختلفة".

في غزة يظهر الحب بشتى الطرق إن كان بالرسم أو بالتصوير وحتى بالغناء والتمثيل، فجميعها رسائل تؤكد أن الحياة ولدت من أجل أهل غزة، على الرغم من الحصار الذي يطوق حريتهم، بل إن عشقهم للحياة جعلهم يصنعون من الدمار لوحات فنية يتغنون بها.