امتزج الكركم بالكثير من المكونات التي شكلت العديد من العلاجات القديمة، كما أنه أصبح شرابًا محببًا لدى البعض في الغرب، ولا يزال الهنود يضعونه مباشرًة على الجروح وقشور جروح الجدري، ولدغات الحشرات، إيمانًا بفوائده.
ويصف العاملون في المجالات الطبية الكركم لعلاج العديد من الأمراض خاصة أمراض المسالك البولية والالتهابات التي تسببها الديدان وحتى السرطانات، واعتبر التابل ذو اللون الذهبي المصفر دليلًا على صحة الطب الشعبي.
إلا أن العلماء ضاقوا ذرعًا من هذه الإشاعات، وعلى الرغم من إجراء آلاف الأوراق البحثية و120 تجربة سريرية، إلا أن مادة “الكركمين” التي يعزى لها الفضل عند البعض في العلاجات، لم تُستخدم لصنع أي دواء، على حد قولهم.
وفي مراجعة جديدة للأدلة الكيميائية، كتب العلماء أن “الكركمين”، المركب الأساسي في الكركم، هو “مركب غير متوافر حيويًا وغير مستقر وشديد التفاعل وبالتالي لا يرجح بشكل كبير بأن يتم استخدامه لتطوير الأدوية”، وسبب هذه النتيجة الصادمة هو خواص الكركم الكيميائية التي تُفسد الطرق الرائدة المستخدمة للبحث عن أدوية جديدة.
وعادًة ما يتم فحص الأدوية بناًء على قدرتها في التفاعل مع بروتينات معينة، وتبيّن أن التركيبة الكيميائية لمادة “الكركمين” تجعله يعطي ” نتيجة موجبة كاذبة” أي أنه على الرغم من أن المركب لا يتفاعل مع البروتين إلا أن نتائج الدراسات تُظهر أنه يتفاعل معها. وتؤخذ مثل هذه النتائج الموجبة الكاذبة للتجارب السريرية وتفشل بعد إنفاق مبالغ هائلة عليها.
وقال الباحث ميشيل والترز من جامعة مينيسوتا في مينيانوبولس متحدثًا لمجلة ” نايتشر” إن “الكركمين لا يعطي نتائج دقيقة لأنه يقع ضمن فئة من المركبات تسمى PAINS اختصارًا لـ (مركبات تداخلية في جميع التجارب)” معروفة بإنتاج أمثال هذه النتائج الخاطئة.
ويتم تكسير مركب “الكركمين” داخل الجسم إلى مواد كيميائية تملك خواص مختلفة، ففي بعض الأحيان تلوث هذه المواد الكيميائية بغيرها من المركبات التي تملك نشاطها الحيوي الخاص، ويعتقد خطًأ أن النشاط الحيوي يعود للكركمين، كما أن “الكركمين” يصبح مشعًا عند تسليط ضوء أشعة فوق بنفسجية عليه، ويضلل بذلك تقنية علمية سائدة مستخدمة للكشف عما إذا تفاعلت المادة الكيميائية مع بروتين محدد.
وتشير غوندا جورغوهي نائبة مدير التحرير لمجلة الكيمياء الطبية، التي نشرت البحث، متحدثًة لمجلة ” نايتشر” إلى أنه ” تم إهدار الكثير من الجهد والتمويل على البحوث حول الكركمين، وتم سحب 15 دراسة على الأقل عن الكركمين من المؤلفات العلمية، كما أجريت تعديلات على عشرات الدراسات الأخرى.
بيْد أن معظم الناس الذين يعملون في المجال العلمي والطبي غير مطلعين على الخواص المضللة التي يملكها مركب “الكركمين”، ولا تزال جورغ تتلقى طلبات لنشر أبحاث علمية أجريت على هذا مركب بشكل دوري.
ومن المحتمل أن تكون النتائج الإيجابية التي يملكها الكركم في علاج التهاب الحلق على سبيل المثال أثرًا وهميًا placebo effect، أي أن العمل على العناية الذاتية والراحة وشرب شراب ساخن هو ما يؤدي للشفاء وليس التأثير المباشر للكركم.
ولم تفقد جوليا رايان من جامعة مركز روشيستر الطبي الأمل على الرغم من أنها فشلت خلال تجربة سريرية في إظهار أن مركب “الكركمين” يعالج التهاب الجلد تمامًا مثل غيرها من الباحثين، وتعتقد أن المركب لا يزال يستحق أن تجرى المزيد من الدراسات عليه.