هل تتأثر شخصية الطفل بترتيبه الأسري؟



ترتيب الطفل في الأسرة من المواضيع التي لها أهميتها في علم النفس. ويعتبر العالم ” أدلر” أول من تحدث عن سيكيولوجية الطفل بحسب ترتيبه في الأسرة. لقد ربط بين الترتيب الأسري وخصائص الشخصية عند الانسان. فترتيب الطفل في الأسرة مسألة هامة لكن الأكثر أهمية هو درجة ترابط الأسرة وروح الحب التي تسيطر عليها. فهل حقا تتأثر شخصية الطفل حسب ترتيبه في الأسرة ؟
بين الترتيب والشخصية
إذا نحن أمام هذه المعادلة أصبح أمام الاهل اختبار جديد يرتكز على المساواة بين كل الاطفال من الناحية العاطفية والتربوية. فهناك ارتباط بين ملامح شخصية الطفل وأسلوب تعامل والديه. بحسب “أدلر” فإنّ الولد البكر يعيش صدمة عند ولادة الابن الثاني في الاسرة، وهو يميل الى تقليد والديه. كما يتميز بشخصية تسعى للمحافظة على مكانتها والتفوق، ويتمتع بثقة نفس عالية. وقد ركزت دراسته على أن الابن البكر يتفوق في الدراسة، ويسعى دائما لأن يكون الأفضل لكسب رضى والديه، مما يسبّب عنده درجة عالية من الاكتئاب.
في حين يعيش الابن الثاني منافسة مستمرة مع أخيه الأكبر ويحاول التفوّق عليه في مجالات غير مجالات التفوق عند أخيه. وهذا الامر يدفعه الى البحث عن الكمال في التفاصيل لإخفاء شعوره بالنقص. كما يتميز بشخصية مستقلة ومرتاحة، وبروح النكتة بغية لفت الانتباه.
أما الطفل الأصغر فهو يحظى بالدلال والإهتمام كونه آخر العنقود. وقد يصبح هو الامر الناهي في الأسرة لأنه يتوقع رعاية وانتباه الآخرين. كذلك يتحلى الإبن الأصغر بشخصية اجتماعية، جذابة ويملك القدرة على التواصل مع الغير.
تأثير الترتيب على الذكاء
من جهته، أصدر فرانك سالواي دراسة تحليلية ترتكز على مدى تأثير ترتيب الأبناء في الاسرة على شخصيتهم وذكائهم. ورأى أن الإبن الأكبر يسعى الى المحافظة على هرمية العائلة، بينما تتطوّر شخصية الابن الثاني والثالث لتتميز بقدرة الانفتاح وميل الى تكوين نمط تفكيري. وبذلك يحفظ نفسه ضمن الاسرة ويتحرر من سلطة الاخ الاكبر.
كذلك يتحلى الابن البكر بشخصية مسيطرة، محافظة وجدية، بيننما يتميز الابناء اللاحقون بشخصية أكثر انفتاحًا للخبرات ومهارات إجتماعية أكثر تطورًا من أخيهم البكر. فهل يتأثر يتأثر ذكاء الطفل وفقا لمكانته في العائلة؟
يبدو أنّ نظرية تفوق الابن البكر على إخوته تتأكد بناء على العوامل التالية :
– يحظى الابن البكر على النسبة الأعلى بدءا بالإهتمام العاطفي وصولا الى الموارد المادية .
– يتحمل المسؤولية لأن الوالدين يعاملانه كزميل لهما وليس كأحد الاطفال. وهذه المسؤولية تفسّر قدرته على التفوق والتألق.
– ينمو في محيط لغوي ناضج في حين ينمو الاخوة في محيط أقل نضوجًا. مما يفسّر تفوقه في المواد الأكاديمية.
ورغم كل هذه الدراسات العلمية والنفسية يبقى الجدل قائما حول تأثير الترتيب الأسري على ذكاء وشخصية الأبناء مفتوحاً. ولكن هناك شيء ثابت وأكيد أن التربية الاسرية تؤثر على شخصية الطفل سواء على الصعيد النفسي أو العلمي والاجتماعي.