( إن الله تعالى يقول : يا بن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسدُّ فقرك
وإلا تفعل ملأت يديك شغلا ولم أسد فقرك )
رواه الترمذي وابن ماجة
والإمام أحمد في مسنده وغيرهم
وحسنه الترمذي وصححه الألباني .

عز العبودية
عبادة الله هي المهمة العظيمة التي من أجلها خُلق الخلق
وهي بمفهومها الشامل لا تقتصر على أداء الشعائر التعبدية
من صلاة وصيام وحج وذكر وغير ذلك
فحسب
ولكنها تمتد لتنتظم حياة الإنسان كلها بشتى جوانبها وأنشطتها
بحيث لا يخرج شيء منها
عن دائرة التعبد لله رب العالمين
وتمتد كذلك لتشمل جميع ما يحبه الله ويرضاه
من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة

{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين }
(الأنعام: 162) .

ولا يبلغ الإنسان ذروة الكمال البشري في العزّة والشرف والحرية
حتى يحقق هذه الغاية
وقد وصل إلى هذا الكمال
أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام
وفي مقدمتهم نبيّنا محمَّدٌ
الذي خاطبه ربُّه جل وعلا في أعلى مقاماته
- مقامِ تلقي الوحي ومقامِ الإسراء -
بوصف العبودية
باعتبارها أرقى وأعظم وأشرف منزلة يرقى إليها الإنسان

{ الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا }
(الكهف: 1)
في مقام آخر
{ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا }
(الإسراء: 1)
وكلما ازداد العبد تحقيقاً لهذه العبودية كلما ازداد كماله وعلت درجته .

وكل من تعلّق قلبه بمخلوق وأحبَّه
وعلق عليه نفعه وضرَّه فقد وقع في ربقة الرقّ والعبودية له
شاء أم أبى
إذ الرقّ والعبودية في الحقيقة
هو رقُّ القلب وعبوديته
ولهذا يُقال: " العبد حرٌّ ما قنع ، والحرُّ عبدٌ ما طمع "
وكلّما قوي طمع العبد
في فضل الله ورحمته ورجائه في قضاء حاجاته
كلما قويت عبوديته وحريته عمَّا سواه
كما قيل
" احتج إلى من شئت تكن أسيره
واستغن عمن شئت تكن نظيره
وأحسن إلى من شئت تكن أميره " .