لن تكون الإجابة “الثروة”، “الجمال” أو غيره من الصفات التي تعدّ مهمةً حقاً لكنّها لا تحدد سعادتك بالمطلق. لكن السعادة عادةً ما تحدد على متن هذا الكوكب من خلال المجتمعات!
نعم، فسعادتنا نستمدها من طبيعة علاقاتنا مع المجتمع بشكلٍ عام، والأشخاص المحيطين بنا خاصة. حتى أنّها تتحدد في كثير من الأحيان بالطريقة التي يعاملنا بها أصدقائنا، أقربائنا أو زملائنا. فعندما يعاملك أولئك الأشخاص بشكلٍ لطيف فلا تملك إلا أن تكون سعيداً لكن عندما يعاملك بطريقةٍ غير مرضية فإنّك أيضاً لا تملك من نفسك إلا أن تكون غير سعيد!

فنحن لحدٍ ما معتمدين على الأشخاص المحيطين بنا، ونتأثر بهم شئنا أم أبينا، لكن ماذا لو كان الأشخاص المحيطين بكم سلبيين ومتشائمين، فجميعنا جرّب ولو لمرة في حياته الآثار السلبية التي يتركها الصديق، الزميل أو الأخ السلبي. ويمكن أن تكون الآن تعمل مع شخصٍ لا ينفك يتذمر من عمله ومدى صعوبته لكنّه لا يقدّم أية حلول!
فهؤلاء الأشخاص سيزعجون ويتعبون جميع من حولهم بلا شك. وإذا لم تكن حذراً فيمكنهم أن يسحبوك معهم إلى عالم الفوضى السلبية، مما يعيقك من تحقيق أهدافك وطموحاتك

لكن ما الحل؟ أن نتركهم ونرحل؟!
بالطبع لا


فإليك هذه النصائح التي تساعدك في التعامل مع الأشخاص السلبيين المحيطين بك. وقد قلنا تعامل لأنّ هناك الكثير ممن يختارون الانسحاب أو أن يرحلوا بعيداً عنهم، فبحسب الكثيرين فإنّ الحل يتمحور حول الانسحاب ووضع الحدود.

لكننا اليوم، سنقدم نصائحاً للتعامل معهم وليس للانسحاب!

افهم أولاً



يجب عليك أن تبدأ بمحاولة فهم الأسباب التي دفعت هؤلاء الأشخاص ليكونوا سلبيين. فكل الأمور السلبية تملك جذوراً في النفس، وهي مرتبطة بشكلٍ خاص مع الخوف. وأكثر المخاوف التي يواجهها الإنسان اليوم هو الخوف من الأشياء السيئة التي تحدث معه، إضافةً إلى الخوف من نظرة الناس إليه أو احتقارهم له.
فهذه المخاوف هي التي تساهم في تغيير نظرته للناس حوله ليصبح ليئماً ومتشائماً، فبدل أن يفكّر بقول: “تبدو جميلاً اليوم”، تجده يفكّر “لماذا كنت أنا البارحة غير جميل ومظهري غير لائق؟؟”
أو مثلاً نجده متشائماً بشدة في كافة الأمور التي يقوم بها أو سيقوم بها مستقبلاً، حتى أنّه يقوم بالتشاؤم من صفقةٍ ما في العمل، ويعتقد كل الاعتقاد بأنّها لن تسير بشكلٍ جيد، لينشر التشاؤم بين أقرانه وزملائه.
والشيء المشترك بين جميع الأشخاص السلبيين هو لومهم لعاملٍٍ خارجي– أناسٍ آخرين، الظروف، الحظ أو غيره من الأشياء الخارجة عن إرادتهم بدلاً من قيامهم بلوم أنفسهم. فهم يفكّرون بأنّ من حولهم لا يشعرون بمدى لطافتهم، ولا يشعرون بأهميتهم. “لو أنّ أصدقائي، زملائي، أو أقاربي تصرّفوا كما أريد، فسأكون حتماً سعيداً”
فهم لا يشعرون بالمحبة والاحترام من الآخرين، ولا يشعرون بامتلاكهم زمام الأمور للتحكم في حياتهم الخاصة لذلك يطلبون الاحترام والمحبة من الآخرين وبنفس الوقت يسعون للتحكم في حياتهم!

حل سريع لكن غير فعّال



هناك حلُ مباشر وسهل، لكنّه، وفي النهاية، غير مجدي على المدى الطويل في مساعدة الأشخاص السلبيين، ألا وهو منحهم الاحترام، الحب والتحكم الذي يرغبون به. لكنّ هذا ومن ناحية أخرى، يمكن أن يكون بداية المنحدر فكلما قدّمت إليهم مزيداً من الحب والاحترام فإنّهم سيحاولون الحصول على المزيد والمزيد.. إذاً ما الحل؟
الحل يكمن في جعل الأشخاص السلبيين يرون مصدر سلبيتهم وجعلهم يدركون أنّ سلبيتهم أساسها طريقة تصرفهم وتفكيرهم وليس العالم من حولهم، أو حظهم البائس. لكنّ وبالطبع، فإنّ الحل هذا لا ينطوي على تقديم النقد السلبي لهم، فلن يستجيبوا بهذه الطريقة أبداً، إذا ما سمعوك أصلاً!
فيبقى لك الحل الوحيد للتعامل معهم، وهو بحسب الدكتور راج راغونزان الحل الأمثل، يتألف هذا الحل من ثلاثة عناصر أساسية: الشفقة والتعاطف، أن تهتم بسعادتك على الرغم من سلبية الآخرين، والنضج في طريقة تعاملك مع الشخص السلبي.

الشفقة والتعاطف



لا يتضمن هذا العنصر أبداً، أن تقوم بإلقاء المحاضرات المطوّلة وتقديم النصائح الكثيرة للأشخاص السلبيين. فكما ذكرنا سابقاً فهم لا يمتلكون هذا التسامح ليستمعوا إليك وأنت تنقضهم أو تُمطرهم بوابلٍ من المواعظ والحكم، حتى لو كنت على حق وكان كل ما تنطق به صحيحاً ومفيداً. وعلى الرغم من كونه صعباً بالنسبة إليك ألا ترد أو تتفاعل مع الشخص السلبي، لكن تذكّر دائماً أنّ قيامك بالرد عليهم حسب تصرفاتهم سيزيد المشكلة حتماً، ولو قام ردّك لبرهةٍ بإبعاده عنك وإراحتك مؤقتاً.

اهتم بسعادتك أنت



يعدّ هذا من أهم العناصر في سياق تعاملك مع الأشخاص السلبيين، فهو يتضمن قيامك بكل ما يضمن حماية سعادتك وعدم تأثرها بهم. وفي مقالة له قام الدكتور راج بعرض بعض النصائح عن كيفية الاهتمام بسعادتك، لكن كاختصارٍ لذلك، تتضمن هذه النصائح تكييف نفسك مع بعض من التصرفات الإيجابية، لكنّ ذلك وحده قد لا يكون كافٍ للتعامل مع أشخاصٍ سلبيين باستمرار. قد يساعدك أخذ بعض من الوقت بعيداً عنهم على فتراتٍ متقطعة للحفاظ على تعاطفك معهم. وإذا ما أخذت وقتاً بعيداً عنهم عليك أن تقوم بتحضير قصةٍ منطقيةٍ تغطي غيابك وابتعادك، فلا ينبغي أن يشعروا أنّك تقوم بالهروب منهم!

كن ناضجاً



يتضمن هذا العنصر الأخير من العملية فهمك لأن أكثر طريقة موثوقة لتحويل هذا الشخص من السلبية إلى الإيجابية هي أن تقوم بإظهار الإيجابية بنفسك. فلا تقم أبداً بلوم الشخص السلبي على جعلك تشعر بالسلبية والتشاؤم، لأنّ هذا لن يساعد حتماً.
لكن كيف تستطيع أن تظهر الإيجابية والتفاؤل دون أن تصدر الأحكام عليهم؟!
تكمن الحيلة في قيامك بالتصرف كشخصٍ محبوبٍ ومحترمٍ من الآخرين، ويمتلك زمام الأمور فيما يتعلق بالأمور المهمة في حياته. هذا يعني ألا تدع سلبية الأشخاص الآخرين تؤثر عليك وتمنعك من اللحاق بأحلامك أو ما إلى ذلك.
فعلى سبيل المثال، إذا قام الشخص السلبي بتحذيرك من متابعة عملك للحاق بأحلامك، دعه يعلم أنّك تشعر بأمر مختلف فيما يتعلق بفرصك أنت، أو أخبرهم بهدوء وثقة أنّك تفضل المحاولة والفشل على عدم المحاولة أبداً. وبنفس الأسلوب، إذا أخبرك هذا الشخص أنّ هناك كثير من التأثيرات السلبية على صحتك إذا تابعت ملاحقة أحلامك، فأخبره بكل بساطة وهدوء “سنرى ماذا سيحصل”، إذا قمت بهذه الأمور فستظهر غير متأثر ومتفائل، مع حصولك على مهاراتٍ جديدة في التعامل معه.
ومع الوقت، فإنّ هذا الشخص السلبي سيلاحظ أنّك على الرغم من إقبالك على “المخاطر” أكثر منه لكنّك لست متهور. وأنّ ثقتك الكبيرة بالأشخاص المحيطين بك لم تؤثر عليك في أي منحى من مناحي حياتك. أخبره أنّ الثقة هي الأساس الذي تقوم عليه كل العلاقات الاجتماعية المهمة.
وتذكّر دائماً أنّ هذا الأمر يأخذ الوقت الطويل جداً لتثمر نتائجه، لكنّ وعلى الرغم من ذلك فإنّك ستجد النتائج لا محالة. فمعدل التغيير سيكون بطيئاً لكن متى حدث التغيير سيكون بلا أدنى شك دائماً ونحو الاتجاه الصحيح. فالناس تحب ان تتواجد حول الأشخاص الإيجابين، وحتى الأشخاص السلبيين يحبون ذلك، فهم وعلى الرغم من تواجدهم حولك على مضضٍ في البداية، سيقدّرون مظهرك المتفائل والإيجابي. وكذلك الأمر بالنسبة لكافة الأشخاص فهم يحبون أن يشعروا بالتفاؤل والإيجابية بأنفسهم، لذلك فإنّ هذا الشخص السلبي سيمتص مع الوقت الإيجابية والتفاؤل من وجودك معه، مما يساهم في تحسين نفسيته، ويقود إلى دائرةً أكبر من الثقة في الآخرين والتفاؤل بالمستقبل!