TODAY - July 21, 2010
قال إن المطلوب معرفة رأي الشعب في خلاف الكتل لأن القوى الإقليمية والدولية لم تنجح في حل الأزمة
خبير عراقي: العودة إلى الناخب مرة أخرى مخرج شرعي وحيد بعد فشل الكتل السياسية في الاتفاق على تشكيل الحكومة
بغداد – سرمد الطائي
دعا خبير عراقي بارز، النخب السياسية إلى تفكير جاد بخيار إعادة الانتخابات البرلمانية كأسلوب معتمد في الأعراف الديمقراطية لمعالجة ما اسماه "انسداد طريق الحل" بعد نحو 4 شهور ونصف من الاقتراع الذي لم يفرز فائزا واضحا، وتسبب بفراغ سياسي ودستوري عميق.
وفي حوار مع "العالم" قال الباحث هشام داوود وهو انثروبولوجي عراقي مقيم في باريس، ان العملية السياسية لا بد ان تحاط "بتقاليد تضبط أداء الكتل، فليس من المعقول ان تواجه البلاد شهورا من الفراغ الدستوري والسياسي مرة كل 4 اعوام" مشيرا الى اننا بحاجة الى "معرفة رأي الشعب" في الخلافات العميقة التي شهدتها الأشهر الماضية منذ انتخابات آذار (مارس).
وقال داوود وهو باحث يعمل في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، وهو احد ابرز المؤسسات الأكاديمية في أوروبا والعالم، ان "العرف الدارج في الديمقراطيات العريقة، يمهل الأحزاب والكتل الفائزة بضعة أسابيع إلى ثلاثة أشهر، وإذا فشلت في تشكيل حكومة فإنها تلجأ لإعادة الانتخابات، أي العودة إلى المصدر الأساسي للشرعية وهو الشعب".
ويعتقد داوود انه ووفق تجارب العديد من الديمقراطيات في العالم، فإن الوقت قد حان لطرح فكرة الرجوع إلى الشعب "ليحسم أمر مستقبله بنفسه، أمام خرق مستمر للدستور، وتناسي حاجة الناس الملحة، كالخدمات والأمن، وأمام استشراء الفساد، ومواجهة الوطن قريبا لاستحقاقات سيادية كبيرة، رغم انه يتوقع أن العديد من الأحزاب والقوائم الفائزة ستواجه المقترح هذا بالرفض "متسترة تارة بعزوف محتمل للناخب العراقي، أو التحجج بأجواء أمنية غير مستقرة، او متطلبات لوجستية غير متوفرة، الخ من الحجج" على حد تعبيره.
ويتساءل داوود "أمام هذا العجز، لا يبقى هناك إلا سؤال واحد ذو قيمة للمواطنين: كيف يمكن الخروج من المأزق ومن يحسم الأمر في النهاية؟ هل طلب المزيد من التدخل الخارجي مثلما يحصل اليوم لدرجة استورد معها العراق جلّ صراعات المنطقة دون أن يعينه ذلك في الخروج من الأزمة؟ أم المراوغة حتى انسحاب القوات الأمريكية المقاتلة نهاية آب (اغسطس) القادم لفرض واقع حال عسكري- سياسي جديد؟ أم البحث عن تحالفات سياسية قلقة وجزئية تفكك أكثر النسيج العراقي الهش أصلا بدلا من أن تجمعه؟".
ويعرب داوود عن اعتقاده بأنه لو استمرت الأزمة أياما أو أسابيع أخرى "عندها لا وجود لمخرج جدي وشرعي للخلافات الحالية، غير الدعوة لانتخابات نيابية جديدة، وهي ممارسة دستورية تحصل في أغلب الديمقراطيات في العالم، فعندما نكون أمام مشكلة تهم البلد ومستقبله، فعلى الشعب أن يعطي رأيه حيالها".
ويرى داوود أن الأحزاب والكتل العراقية الفائزة لم تنجح حتى اليوم في بلورة مقترح حكومة متماسكة وقادرة على وضع برنامج عملي يضع المواطن في مركز اهتماماته، بل إن القوى الإقليمية والدولية نفسها لم تحرز أي نجاح يذكر منذ آذار الماضي إن لم تكن قد عقدت المشهد أكثر، ولم يبق لنا سوى الرجوع إلى الشعب، اذ علينا ان نعرف رأيه، ونطلب منه ان يحسم الجهة التي ستكلف بتشكيل الحكومة". وعن الطريقة التي يمكن ان يتحول بموجبها هذا المقترح الى خيار عملي وسط رفض متوقع من معظم الفائزين في الانتخابات الماضية، لخيار إعادة الاقتراع، قال داوود "المهم ان يستخدم التقليد الديمقراطي المذكور، كورقة ضغط أولا، وتعبئة المواطنين ثانيا، وعلينا ان نتخيل مدى تأثيره لو قمنا بسنه كتقليد معترف به في العراق، فحين يأتي الساسة للمفاوضات بعد اي انتخابات، سيعرفون إن أمامهم وقت محدد بشهرين على سبيل المثال كي يتفقوا، وإلا فإن أصواتهم تذهب وسيتعرضون لاختبار جديد امام الناخب".
وقال ان عنصر القوة في هذا المقترح ان اي حزب "يخشى من مواجهة الناخب مرتين خلال بضعة اشهر، فلا توجد ضمانة بالحصول على الأصوات ذاتها، اذا عدنا الى الناخب فاشلين في تشكيل الحكومة، اذ سيكون الجمهور اكثر وعيا بالمرشحين وربما يقوم بمحاسبة بعضهم على مواقفه خلال المفاوضات التي لم تنجح بتشكيل الحكومة. تذكروا فقط المقاومة التي وجه بها قانون الانتخابات الجديد، من القائمة المغلقة نحو القائمة المفتوحة. علينا العمل والتفكير بتكريس حقوق المواطن الدستورية وليس الحد منها".
ويعرب داوود عن اعتقاده بأن اعادة الانتخابات ومهما بدت خطيرة وحساسة "فإنها أقل كلفة من مواصلة خرق الدستور المستمر والتعايش غير المفهوم وغير المبرر مع الفراغ السياسي الخطير منذ أربعة أشهر ونصف".
وعن التكييف القانوني الممكن لهذا الخيار، يقول داوود ان من السهل على الخبراء ان يجدوا حلا لهذا الأمر خاصة وأن القضية باتت عرفا في اعرق الديمقراطيات.
ويتابع "الشعب لا يشعر فقط بالملل بل وصل الأمر مرحلة القرف بسبب ممارسات الطبقة السياسية، يدعم ذلك الحس العام بفشل الحكومة في الجانب الخدمي والتدهور الأمني الأخير والصورة التي احتفظ بها المواطن من أن تشبث البعض بالسلطة أساء لصورة الحكومة ولشخوصها الأساسيين بعدما كانوا يشكلون بالأمس القريب الديناميكية السياسية الصاعدة والجامعة للتعددية العراقية".
alalem