الانغماس في العمل قد لا يستحق الإعجاب.. ربما يحولك إلى مدمن
أصبحنا نعيش اليوم في عصر تغلب عليه نظرة الأشخاص المادية للحياة، وبالطبع انعكس ذلك على حياتهم العملية، ولذلك نجد الكثير منهم يتباهون بانغماسهم في عملهم، إلى حد عدم أخذ العطلات، ويتعاملون مع أي شيء يبعدهم عن عملهم على أنه عدو لهم.
في الواقع، يساعدهم على الاندماج في تلك الممارسات، رؤية المجتمع للشخص الذي يقضي ساعات طويلة في عمله، ويجني الكثير من الأموال، على أنه شخص ناجح، ويستحق الثناء.
ولكن في بعض الأحيان يتجاوز الأمر الحدود المعقولة، ويتحول إلى سلوك إدماني، يصل إلى حد الهوس بالعمل، ويدفع مدمن العمل حينها الثمن غاليًا، بتدهور صحته، وعلاقاته العائلية، ويعتبر «إدمان العمل»، مثل أي إدمان آخر، وغالبًا ينبع من حاجة إلزامية لتحقيق النجاح، أو للهروب من الضغط النفسي، ولأن هذا النوع من الإدمان لا ينتشر الوعي به في عالمنا العربي، فسنتطرق له بالتفصيل في هذا التقرير.
مدمنو العمل أقل إنتاجية من غيرهم
تسيطر على مدمني العمل حاجة إلزامية داخلهم لإرهاق أنفسهم، ونادرًا ما يحظون بالشعور بالارتياح، أو يحصلون على أوقات للاسترخاء، وهم ببساطة ينهمكون في العمل للحد من شعورهم بالقلق، والخوف من الفشل، ولا ينضم إليهم الأشخاص الذين يبذلون جهدًا غير عادي خلال فترة محدودة لاستكمال مشروع بعينه، فمدمن العمل تكون الرغبة في العمل عنده، رغبة قهرية مستمرة، وليست صحية على الإطلاق.
والمفاجأة أن بعض الدراسات وجدت أن مدمني العمل هم في الواقع أقل إنتاجية من أولئك الذين يعملون بشكل طبيعي، فقد وجد الباحثون أن السلوك الإدماني لهؤلاء الأشخاص، لا يرتبط مع تحسن الوضع الوظيفي الخاص بهم.
وبالنسبة لمدى انتشار ظاهرة إدمان العمل في العالم، نجد مجموعة واسعة من التقديرات، وربما يرجع ذلك إلى عدم الاتفاق على كيفية تحديد المفهوم، وقياس هذا الاضطراب، فعلى سبيل المثال في عام 2011، نشرت جامعتا جنوب كاليفورنيا الأمريكية، ونوتنجهامترنت البريطانية، دراسة علمية أكدا من خلالها أن نسبة انتشار إدمان العمل بين العاملين في الولايات المتحدة الأمريكية، تقدر بحوالي 10%، وتوصلوا أيضًا استنادًا لدراسات أخرى إلى أن 200% من مدمني العمل، قد انخرطوا في سلوكيات إدمانية أخرى، مثل إدمان الجنس.