إنه كوكب مجهول يدور حول الشمس، والآن بات العلماء مهووسين بهذه الفكرة، وسيطرت عليهم رغبة جامحة في اكتشاف هذا الكوكب الشبح، فمثل هذه الظواهر والألغاز ليست جديدة؛ بل هي من تقاليد علم الفلك.
هو كوكب لم يره أحد إلى حد الآن؛ بل إنه كوكب ربما يكون غير موجود أصلاً. وفي حال وُجد، فإنه من المفترض أن يدور حول الشمس في مسار عشوائي وغير مفهوم، وعلى بعد مسافة كبيرة جداً يصعب تخيلها، بحسب صحيفة Zeit الألمانية.
وفي حال ثبوت وجوده، يُفترض أن يساعد هذا الكوكب الشبح على حل بعض ألغاز الفضاء والإجابة عن أسئلة من قبيل: لماذا تدور الأرض وجيرانها من كواكب المجموعة الشمسية بالشكل الحالي؟ ولماذا تقوم أجرام سماوية بعيدة بالتأثير على الفضاء بهذا الشكل.
ولكن إلى حد الآن على الأقل، أدت فكرة وجود هذا الكوكب التاسع في المجموعة الشمسية إلى فورة حماسة كبيرة داخل الأوساط الفلكية وغذت كثيراً مخيلة العلماء.
يمكن أن يكون هذا الكوكب كرة ضخمة من الغاز والثلج، تبلغ كتلته 10 أضعاف كتلة الأرض، وقطره 4 أضعاف قطرها. كما يُفترض أن يسبح هذا الكوكب العملاق في الفضاء بمكان أبعد من كوكب نبتون، في كنف الوحدة والعزلة.
ولكي يكمل هذا الكوكب المجهول دورة كاملة حول الشمس، فإنه يحتاج إلى فترة تتراوح بين 10 آلاف و20 ألف سنة، بحسب تقويم دورة كوكب الأرض، يمر خلالها هذا الكوكب بمسار طويل جداً وموحش.
وبما أن الخيال دائماً يحتاج إلى الصور لتغذيته، فإن بعض العلماء والفنانين شرعوا فعلاً في تصميم صور من وحي خيالهم لهذا الكوكب، في محاولة لرسم ملامحه، حيث تخيلوه أحياناً مظلماً مع لون مائل إلى الأزرق، وأحيانا أسود، وأحياناً مكسوّاً بالخطوط البيضاء المتموجة. كل هذه الفرضيات ظهرت على الرغم من أن هذا الجسم السماوي لم يثبت وجوده إلى حد الآن.
قاتل وعبقري وراعٍ
ولكن، ما الذي أدى إلى ظهور هذه الفرضية وتخيل وجود كوكب آخر لم يكتشف حتى الآن؟ يمكن تفسير هذا الأمر من خلال قصة طريفة تكشف الكثير عن عملية سبر أغوار النظام الشمسي الذي يوجد فيه كوكبنا.
أبطال هذه القصة “قاتل” و”عبقري”، كما أن هناك شخصية ثالثة تُدعى “الراعي” وتظهر أيضاً وسط الأحداث. ويسمى هذا العبقري كونستنتين باتيجين ويبلغ من العمر 30 سنة. كما أن هذا العالم الروسي هو أستاذ في الجامعة التقنية بكاليفورنيا، المعروفة على المستوى العالمي بإسهاماتها وتطورها، وهو يبرع بشكل كبير في علوم الرياضيات وحسابات الأجسام الفلكية بشكل لا يضاهيه أي عالم آخر.
وقد وصفت مجلة فوربس هذا العالم بأنه نجم موسيقى الروك، ليس فقط لأن لديه غيتاراً إلكترونياً يعزف عليه موسيقى الروك في أوقات فراغه مع فرقة صغيرة من أصدقائه؛ بل أيضاً لأنه أصبح نجماً في جامعة كاليفورنيا التقنية في مجال استعمال المحاكاة الحاسوبية والنمذجة الرياضية لتوقع مسارات الأجسام الفضائية، حيث إن هذه القصة تدور حول المدارات.
أما الشخصية الثانية وهي “القاتل”، فيدعى مايكل براون البالغ من العمر 51 سنة، وهو الرجل الوحيد الذي ادعى في البداية أن هناك كوكباً، لم يكن حينها موجوداً إلا في خياله. وقد ألف براون كتاباً حول هذا الأمر، جاء فيه: “أنا الذي قمت بكشف حقيقة كوكب بلوتو وأخرجته من المجموعة الشمسية”.
وفي هذا السياق، يُذكر أن كوكب بلوتو كان في وقت سابق يُعدّ الكوكب التاسع ضمن النظام الشمسي، إلا أن براون اكتشف في سنة 2005 جسماً آخر مشابهاً له سماه لاحقاً “إيريس”.
وفي شهر أغسطس/ آب من العام التالي، اجتمع الاتحاد العالمي لعلماء الفلك، الذي يمتلك صلاحية التصديق على الاكتشافات والبحوث الفضائية، وتوصل إلى تعريف جديد للكويكبات الصغيرة على غرار إيريس وبلوتو، ووضعها ضمن تصنيف جديد يسمى “الكوكب القزم”، وبذلك أصبح النظام الشمسي مكوناً من 8 كواكب فقط بعد أن كان تسعة، وهو ما شكل صدمة لعدد كبير من هواة علوم الفضاء.
في المقابل، مثّل ذلك مصدر فخر لبراون الذي أثبت هذه المسألة، وأصبح يطلق على نفسه في حسابه بتويتر اسم “قاتل بلوتو”.
شكل هذان العالمان، المعروفان بلقبي “نجم الروك” و”القاتل”، فريقاً قبل سنتين، مهمّته البحث في هذه الفرضية الغريبة، التي كان قد طرحها قبلهما عالمان في فيزياء الفلك ضمن مجلة ساينس سنتر الأميركية، حول وجود جسم فضائي مجهول.
من جهة أخرى، بدأ كل من باتيجين وبراون عملهما بإطلاق العنان لخيالهما من أجل وضع تصورات لهذا الكوكب المجهول، وقد عبر براون عن ذلك بالقول: “أردنا أولاً أن نعترف بأن هذه الفكرة كانت مجنونة فعلاً”. وبعد ذلك، تم نشر الفرضية التي وضعاها ضمن عدد مجلة علوم الفلك الأميركية لشهر يناير/كانون الثاني، في مقال بعنوان: “دلائل على وجود كوكب عملاق وبعيد في النظام الشمسي”.
وخلال سنة 2016، استحوذ مقال العالمين على اهتمام محبي العلوم والفضاء، وحل هذا الموضوع في المرتبة الرابعة ضمن أكثر المواضيع نقاشاً واهتماماً بحسب تصنيف المؤسسة البريطانية للإحصاء والتحليل (آلتمترك)، التي أصدرت تصنيفها بناء على مقارنة بين حجم الاهتمام الذي حازه 2.7 مليون مقال حول العالم.
وقد شد المقال الذي نشره هذان العالمان اهتمام الناس؛ لأنهما لم يقدما فقط دلائل على وجود هذا الكوكب المجهول؛ بل عرضا أيضاً المدار المحتمل الذي يتحرك فيه هذا الكوكب. وبالتالي، فإنه بداية من تلك اللحظة أصبح بإمكان كل عالم فلك البحث عن هذا الكوكب المفترض، وقد ظهر فعلاً وسم على موقع توتير يحمل عبارة “الكوكب التاسع”.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك في التاريخ أحداثاً سابقة مماثلة لهذه القصة، حيث إنه بالعودة إلى الوقت الذي سبق اكتشاف الكوكبين السابع والثامن، كان العلماء في ذلك الوقت يعرفون فقط كواكب عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل. وقد كانت هذه الكواكب الخمسة المرافقة للأرض في النظام الشمسي معروفة منذ عهود قديمة جداً.
من جهة أخرى، يمكن للإنسان العادي، عبر بعض التدريب، ملاحظة وجود هذه الكواكب بالعين المجردة في السماء. كما تمكن أيضاً المراقبون من معرفة مسار حركتها عبر مقارنتها بالنجوم التي كانت ثابتة، حيث عرفت النجوم منذ وقت طويل بتسمية “الكواكب الثابتة”. ومن جهتها، كانت الكواكب تتحرك في السماء ضمن مسارات محددة، وكان يطلق عليها حينها “الكواكب السيارة”.
ولوقتٍ طويل، ظل الاعتقاد الشائع بأن الفضاء فيه فقط كوكب الأرض وهذه الكواكب الخمسة بالإضافة إلى الشمس، وكان العلماء يعتقدون أن النظام الشمسي فيه هذه العناصر الستة فقط، حيث دام هذا الخطأ قرناً كاملاً.
هكذا تم اكتشاف نبتون
في الحضارات القديمة البابلية والمصرية والإغريقية، غفل الناس عن ملاحظة وجود كوكب آخر، وهو أورانوس الذي يميل لونه إلى الأزرق الفاتح. كان هذا الكوكب يتحرك ببطء شديد لدرجة أن لا أحد انتبه إلى ذلك.
ولكن في 13 مارس/ آذار سنة 1781، نجح الموسيقي وعالم الفلك فريديريخ فيلهيلم هيرشل، المنحدر من مدينة هانوفر الألمانية، في إنتاج جهاز تلسكوب صنعه بنفسه في منزله بجنوب ألمانيا، وعند قيامه بتجربته في ذلك اليوم اكتشف أن هناك شيئاً يتحرك.
وفي غضون أشهر قليلة، أكد علماء الفلك هذا الاكتشاف الذي حققه هيرشل بالمصادفة، وأعلنوا أن هذا الكوكب الذي يسمّى أورانوس هو الكوكب السابع.
وخلال العقود الموالية، تم تطوير معدات أكثر دقة لمشاهدة هذا الكوكب، ولكن بعد تطور أجهزة التلسكوب وتحسن أساليب مراقبة المدار الذي يتحرك فيه أورانوس حول الشمس، أصبح واضحاً أنه ينحرف قليلاً عن المسار المثالي الذي تفترضه قوانين نيوتن حول الجاذبية، ومن هنا ظهرت الفرضية بأن هناك جسماً لكوكب آخر يقوم بالتشويش عليه، وبدأ العلماء من جديد سلسلة من الأبحاث للإجابة عن هذا اللغز.
وفي الثالث والعشرين من شهر سبتمبر/أيلول سنة 1946، وصلت مراسَلة من الباحث الفرنسي إيربان لوفري إلى محطة شتيرنبارت في برلين، جاء فيها: “أنا أبحث عن مراقب فضاء عنيد يكون مستعداً لمراقبة جزء من السماء لفترة من الزمن؛ من أجل اكتشاف الكواكب”.
في ذلك الوقت، كان عالم الفيزياء الألماني يوهان غوتفريد غال قد طور جهاز تلسكوب يعد الأكثر دقة في عصره، مما دفعه إلى عرضه للاستعمال لمراقبة المنطقة التي يريد العالم الفرنسي إيربان لوفري اكتشافها. ومباشرة منذ الليلة الأولى، لاحظ فريدريخ وجود نقطة ضوء خافتة في الفضاء، تسمى إلى حد الآن نبتون.
وفي الواقع، تعد عملية البحث عن كوكب نبتون الذي كان يشوش على مدار أورانوس أمراً مدهشاً لثلاثة أسباب. أولاً، لأن ذلك أدى إلى وضع قواعد جديدة لعملية اكتشاف كوكب غير مكتشف سابقاً بالاعتماد على معلومات حول كوكب معروف من خلال دراسة التأثيرات بين الكواكب أو ما يعرف بـ”بصمة العنصر المشوش”.
ثانياً، لأن عمليات حسابية دقيقة جداً هي التي قادت هذا البحث، عوضاً عن مراقبة مساحات شاسعة من الفضاء بشكل عشوائي. وثالثاً، لأن هذه العملية كللت بالنجاح.
بعد ذلك بـ80 سنة، أي في سنة 1930، اكتشف علماء الفلك الأميركيون كوكب بلوتو بالاعتماد على هذا التمشي نفسه، حيث قالوا إن مدار كوكب نبتون كان يتعرض للتشويش من قبل كوكب آخر. ولم يمر وقت طويل قبل أن يتم اكتشاف كوكب بلوتو وإطلاق هذا الاسم عليه.
ولكن اليوم يُعدّ كوكب بلوتو الأول من بين مجموعة كبيرة من الكويكبات الأقزام البعيدة. وفي سنوات التسعينات، أظهرت أجهزة التلسكوب التي يستعملها علماء الفلك أجساماً تتحرك قرب بلوتو، حيث ظهر أول جسم منها سنة 1992 ويحمل الرقم التسلسلي 15760.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأجسام الصغيرة نسبياً والتي تتحرك في الفضاء، تلعب دوراً رئيسياً في عملية البحث عن الكوكب التاسع، على الرغم من أنها ليست في حد ذاتها كواكب.
وبشكل رسمي، يتم تعريف الكوكب على أنه الجسم الذي يمتلك مداراً يتحرك فيه بشكل دائري حول الشمس ويقوم في الأثناء بتنظيف مساره من الغبار والثلج والصخور، أي من كل المخلفات الفضائية. وفي نهاية المطاف، يصبح هذا الكوكب هو الجسم الوحيد الموجود في ذلك المدار.
وبعد مرور 20 سنة على بداية عمليات الاكتشاف، نجح عالما الفلك الأميركيان، تشاد تروخيلو وسكوت شيبرد، في اكتشاف جسم آخر في سنة 2012 يحمل الرقم “vp113”، انطلاقاً من جهاز تلسكوب موجود في تشيلي.
وبمقارنة هذا الجسم بعدد آخر من الأجسام المجاورة له، وجدوا أنفسهم أمام ظاهرة غريبة، حيث إن هذه الأجرام القريبة من بلوتو تتحرك في أثناء حركتها حول الشمس في مدارات بيضاوية الشكل، ومداراتها تنحرف بدرجات متفاوتة على الجانب نفسه، كأنها قطيع من الأغنام يدفعها الراعي في اتجاه معين. ومن هنا، جاءت عبارة “الراعي” التي أطلقها خبراء الفضاء على هذه الظاهرة الغريبة.
ولكن من هذا الراعي؟ إنه على الأرجح كوكب مجهول مثل الشبح يمتلك كتلة عملاقة. وتماماً كما فعل العلماء قبل قرنين من الزمن لوضع فرضية وجود كوكب أورانوس قبل رؤيته، فإن الحركة الغريبة لهذه الأجسام الفضائية أيضاً تطلق العنان للخيال ولحسابات علماء الفلك والرياضيات.
وبعد سنتين، بدأ العالمان تروخيلو وشيبرد الغوص في العمليات الحسابية المعقدة المتعلقة بهذا الكوكب المجهول، الذي تمتد قوة جاذبيته إلى ما بعد كوكب نبتون. هذه الفكرة المجنونة هي التي حاول مايكل براون وكونستانتين باتيجين في البداية دحضها، ولكن على العكس من ذلك فقد أدى عملهما إلى تعزيز مصداقيتها وازدياد شعبية هذين العالميْن في الأوساط العلمية والشعبية.
الخلفية مليئة بالمجرات
والآن، يريد العلماء أن يعرفوا بالضبط ما الذي يحدث في مجموعتنا الشمسية. وفي هذا السياق، قال مايكل براون إنه “بالنسبة لنا نعتبر أن الإسراع في اكتشاف هذا الكوكب التاسع هو أكثر أهمية من أن ننتظر حتى نكتشفه نحن بأنفسنا”.
ولهذا السبب، عمد هذان العالمان الملقبان بـ”القاتل” و”نجم الروك” إلى نشر عملياتهما الحسابية في مجلة علمية في شهر يناير من العام الماضي، مع ذكر كل التفاصيل الدقيقة التي توصلا إليها خلال عملهما البحثي.
وتتمثل هذه التفاصيل في مسارات محتملة بالفضاء وفرضيات حسابية لا متناهية حول موقع الكوكب الشبح الذي يؤثر على الأجسام القريبة منه في أطراف المجموعة الشمسية. وبنشرهما لهذه الحسابات، أصبح هذان العالمان معرضيْن لخسارة الشرف والشهرة التي كانا سيحوزانها إذا حققا هذا السبق، ولكن ما يهمهما فعلاً هو زيادة فرص اكتشاف هذا الكوكب سريعاً.
في المقابل، تعارض هذه الفرضية بعض قوانين الفيزياء وعلم الفرضيات.
وقد يتساءل بعض الناس حول الأسباب التي تدفع خبراء الفضاء إلى عدم إلقاء نظرة بسيطة على تلك المنطقة لاكتشاف ما إذا كان الكوكب فعلاً موجوداً.
في الحقيقة، تمثل هذه المنطقة وحتى ما أبعد منها الجزء القريب جداً من الحديقة الكونية التي يستطيع العلماء الاطلاع عليها ومراقبة كل الأجسام الموجودة فيها، والتي يسمونها تسميات غريبة، على غرار النجوم الملونة والأجسام المومضة والغبار المضيء.
ولكن، كل هذه الأجسام المتنوعة التي يستطيع العلماء رؤيتها تمثل في الحقيقة جزءاً من المشكلة؛ فالصورة التي يحاول العلماء مراقبتها تحتوي في الخلفية على عدد كبير من المجرات، حيث يقول عالم الكواكب هيرمان بونهارت من معهد ماكس بلانك لأبحاث النظام الشمسي في ألمانيا إن “الصورة مشوشة بشكل كبير والبحث فيها يمثل كابوساً بالنسبة للعلماء، ولذلك فإنه من الصعب التعرف على هذا الكوكب الشبح الذي قد يكون إما جلياً وإما غير ظاهر للعلن”.
وحول نظرية براون وباتيجين، صرح بونهارت بأن “هذين العالمين يتوقعان أن بُعد الكوكب التاسع عن الشمس أكبر من بعد الأرض بنحو 500 مرة، ولكن الإشعاع الذي يأتي من الشمس ينتشر في خطوط مستقيمة، وبالتالي فهو يصل إلى هذا الكوكب البعيد، ولكن بدرجة أضعف، ما يعني أنه بالنظر إلى المسافة الكبيرة الفاصلة بين الكوكب التاسع والشمس، فإن الضوء المنعكس على سطح هذا الكوكب قد لا يصل الكثير منه إلينا”.
بعبارة أخرى، فإننا نحن البشر على كوكب الأرض نبقى عمياناً تماماً أمام أي جسم لا ينبعث منه ضوء أو لا يكون قريباً من الشمس.
كما ينبغي بذل المزيد من الجهد قصد التمكن من رؤية الكوكب التاسع بشكل واضح. وفي هذا الإطار، نتحدث عن “مجال الرؤية” الذي يحدد عدد السماوات التي يمكننا رؤيتها في آن واحد. وفي هذا الصدد، قال بونهارت إن “مجال الرؤية يعتبر في التلسكوبات التي تسمح برؤية مثل هذه الأجسام، واسعاً بما يسمح برؤية أجسام في حجم القمر المكتمل أو أصغر منه، ولكنها لا تسمح بتحديد موضع هذا الكوكب”.
وفي هذه الحالة، ستكون الرؤية مجرد صدفة، ما سيفقدها قيمتها. وقد أضاف بونهارت قائلاً: “نحتاج إلى التقاط 3 صور مختلفة لتحديد مدار كوكب معين”، وهنا يكمن دور الرياضيات في تحديد مدار الكوكب. وفي هذا السياق، قال بونهارت إن “تحديد المدار من شأنه أن يضعف احتمال رؤيته”.
وفي هذه الحالة، لا يمكن لعالم الفلك، مايك براون، نشر النتائج التي توصل إليها . وقد صرح بونهارت قائلاً: “لدينا الوقت الكافي لرؤية الكوكب باستخدام تلسكوب (هاواي)، لكننا نأمل إدراج هذا الاكتشاف ضمن قائمة الاكتشافات”. والجدير بالذكر أنه يمكن رؤية الكوكب “الشبح” بالفعل دون أن يلاحظه أحد عند النظر إلى السماء في الليل.
ومنذ فترة طويلة، يسعى باحثون آخرون إلى رؤية الكوكب التاسع باستخدام وسائل أخرى. كما اتجه باحثون خلال السنوات الأخيرة إلى قمة جبل سيرو باشون بتشيلي، الذي يبلغ ارتفاعه 2862 متراً؛ قصد الإطلاع على هذا الكوكب باستخدام تليسكوب “سينوبتيك سيرفاي” الذي يمكن من مشاهدة هذا الكوكب نظراً لوضوح رؤيته.
وتعتبر رؤية هذا “الكوكب الشبح العملاق” حلاً للغز غامض، حيث تدور الكواكب الثمانية حول الشمس في شكل قرص.
ويرى الباحثون أن دوران الكواكب حول الشمس يعود إلى نشأة الشمس. فمنذ نحو 4 مليارات سنة، يدور حول الشمس الغبار والصخور الصغيرة المتناثرة، التي تتشكل منها تدريجياً الكواكب.
في المقابل، لا يبوح ذلك بكل أسرار عالمنا. وفي هذا السياق، تساءل بونهارت قائلاً: “علينا أن نطرح السؤال التالي: لماذا تدور الشمس حول نفسها عكس مدار دوران الكواكب حولها؟”.
تبدو الإجابة عن هذا السؤال غير واضحة. ولكن، قد يظهر عملاق أسود آخر في مدار عشوائي، هو الكوكب التاسع المجهول ليقدّم إجابة حول هذا التساؤل.
كوكب في مدار عشوائي
أفاد بونهارت بأنه “بالنظر إلى تاريخ التكهنات المتعلقة بالكواكب البعيدة، يمكن أن يكون الكوكب التاسع مجرّد فكرة من شأنها أن تلقى في سلّة المهملات”. كما أطلق الباحثون سابقاً على كوكب نبتون تسمية “كوكب إكس” أو كوكب “فولكان” الموجود بين كوكب المريخ والشمس. إلى جانب ذلك، أطلق الباحثون تسميتي “نيميسيس” و”تيشه” على كوكبين آخرين موجودين خارج المجموعة الشمسية.
وعلى الرغم من ذلك، لم يتمكن أي باحث من رؤية هذين الكوكبين المجهولين. وبقيت التسمية غامضة نظراً إلى أن التسمية الصحيحة لهما هي “أورانوس ونبتون”.
لم يتمكن أحد من رؤية هذا الكوكب الذي يقع في مدار عشوائي ضمن مسافة لا يمكن تقديرها. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الكوكب يمثل لغزاً ويثير الفضول والغريزة. كما أنه يعيد إلى ذاكرتنا اكتشاف الكواكب الأخرى.
وهنا، يجب علينا أن نكون على يقين بأن هذا الكوكب الشبح الذي يحمل رقم 9 سيحمل اسماً في المستقبل.
وإلى حد الآن، ستمنح فكرة الكوكب التاسع فرصة لإعادة النظر في 3 أفكار تتمثل في السنة الفلكية 2016، والاكتشافات الفلكية الحديثة، واكتشاف الكوكب المظلم نبتون، حتى وإن لم يشاهده أحد.