TODAY - July 21, 2010
شركات التلفزيون تضخ أموالاً طائلة لتطوير هذه الرياضة
انضمام هنري إلى "الدوري الكبير" يؤكد تقدم الكرة الأميركية
روميو روفائيل
موناكو، يوفنتوس، ارسنال، برشلونة والآن نيويورك ريد بولز، هذا هو المسار التاريخي لأفضل هداف في منتخب فرنسا لكرة القدم في كل العصور تيري هنري الذي شارك خلال هذه المسيرة في بعض من الأندية الألمع والأشهر في العالم، وأنهى مسيرته الدولية في مونديال 2010 بجنوب أفريقيا بشكل مخيب للآمال بخروج بلاده من الدور الأول في العرس العالمي.
على الرغم من أنه بلغ الثانية والثلاثين من العمر ومع الاشاعات أن الكثير من الأندية الأوروبية الكبرى كانت حريصة على استثمار خدماته، إلا أن اسطورة ارسنال اختار انهاء حياته الرياضية في الدوري الكبير لكرة القدم في الولايات المتحدة. وقد دعم قرار هنري هذا بقوة العلامة التجارية لهذا الدوري ليضاف إلى اسم ديفيد بيكهام الذي انتقل إلى لوس انجليس غالاكسي في عام 2007.
وفي حين لم تحقق وصول مهاجم برشلونة السابق إلى ريد بولز الضجة نفسها عندما وصل بيكهام إلى غالاكسي قبل ثلاث سنوات، إلى أنه كان هناك مقداراً كبيراً جداً من التغطية في وسائل الإعلام الرياضية الأميركية المشبعة.
وعلى رغم أنه من المستبعد أن تصل كرة القدم إلى المرتفعات الشعبية في الولايات المتحدة التي تتمتع بها الرياضات الرئيسية الثلاث: دوري كرة القدم الأميركية (NFL) ودوري البيسبول الرئيسي وكرة السلة للمحترفين، إلا أنها قد تكون في متناول اليد لتصبح المنشأة الرياضية الخامسة الأكثر شعبية حتى أكثر من شعبية دوري الهوكي.
وأشرف سونيل غوتالي، رئيس اتحاد الولايات المتحدة لكرة القدم، على فترة النمو الثابتة جداً للعبة الجميلة والدوري الكبير لكرة القدم، فمتوسط الحضور إلى مباراياته هذا الموسم وصل إلى ما يقرب من 16 ألف مشجع للمباراة الواحدة، ومبيعات التذاكر نمت بنسبة عشرة في المئة تقريباً بالمقارنة مع أرقام عام 2009
وبالنظر إلى أن هذا الدوري لم ينطلق إلا في عام 1993، لذا فإن هذا النمو مثير للإعجاب. وعلى رغم أنه لا يستطيع الالحاق بشعبية البيسبول ودوري كرة القدم، إلا أن غوتالي يعبر عن سعادته عندما تطرح عليه جماهير الكرة السؤال المفضل لديه: كم من الوقت سيستغرق لإزدهار كرة القدم في أميركا؟ لأنه يجيب بكل بساطة: "التقليد يستغرق وقتاً"!
وكرة القدم محظوظة لحصولها على دعم استثماري ممتاز من شركات التلفزيون في الولايات المتحدة، فيتم تقريباً عرض كل مباريات الدوري الكبير مباشرة على التلفزيون، وسبق لمباريات كأس العالم أن حققت نجاحاً كبيراً للمؤسسة الإعلامية للرياضة والترفيه ESPN. فقد استثمرت هذه المؤسسة أموالاً ضخمة لتغطيتها لمباريات كأس العالم الأخيرة أكثر من أي حدث رياضي آخر في تاريخها منذ 30 عاماً، وكانت نسبة المشاهدة خلال مونديال جنوب افريقيا مؤثراً جداً.
فقد شاهد 19.4 مليون شخص مباراة خسارة الولايات المتحدة أمام غانا في الدور الثاني من البطولة، في حين بلغ عدد المشاهدين للمباراة النهائية بين اسبانيا وهولندا 24.3 مليون نسمة. هذا بالمقارنة مع 22.3 مليون شخص الذين شاهدوا المباراة النهائية الحاسمة للبيسبول. أما بطولة كأس ستانلي لهوكي الجليد فقد جذبت 8.3 مليون مشاهد فقط.
ولا يتوقع غوتالي أن حدثاً واحداً ونسبة المشاهدة الكبيرة الطارئة سيغيران من كرة القدم في أميركا بين ليلة وضحاها. ولكن هذه اللعبة بدأت بالاتجاه التصاعدي الجيد لبعض من الوقت. والفرق بين عام 1994 (عندما استضافت أميركا نهائيات كأس العالم) والآن هو أن للدوري الكبير 16 فريقاً وعشرة ملاعب ضخمة محددة لكرة القدم ويشاهدها الجمهور على شاشات التلفزيون وبدأ يتعرف على لاعبيه المفضلين.
ويروي تشاك كالبيبر، الكاتب والمراسل السابق للرياضة في "لوس انجليس تايمز" محادثة جرت مؤخراً على متن طائرة التي أصبحت نهائيات كأس العالم موضوعاً للحور: "جلست بجوار رجل قال إن ابنه (20 عاماً) وهو طالب في جامعة أوبورن في ألاباما (ولاية ماردفة لكرة القدم الأميركية)، كان يستيقظ مبكراً خلال نهائيات كأس العالم، يغسل وجهه بسرعة لينضم إلى مجموعة من رفاقه في حانة لمشاهدة المباريات خلال ساعة الإفطار".
وأضاف تشاك: "لو قلت لي هذا في عام 2002 عندما بلغت الولايات المتحدة الدور ربع النهائي وليس ما حدث في ولاية ألاباما في عام 2010 حتى عندما لم يصل المنتخب الأميركي إلى أبعد من الدور الثاني، لكنت صدقت ذلك. السبب الوحيد لهذا الإقبال الكبير في هذه الولاية هو التغطية التلفزيونية".
والآثار المترتبة على هذا هو أن هناك العديد من المشجعين العفويين لكرة القدم الذين يحبون الرياضة بصورة عامة والذين من المحتمل أن يتحولون إلى مشجعين دائميين للدوري الكبير لكرة القدم.
ومن خلال توقيع لاعبين من أمثال هنري، فإن الولايات المتحدة تعتزم فعل ذلك على المدين القصير والبعيد. وبالتأكيد يتمثل التحدي الأول على تحويل انظار الذين يشاهدون مباريات الفريق الوطني الأميركي فقط إلى متابعة الدوري الكبير. ويدعي غوتالي، الذي أصبح مسؤولاً عن كرة القدم في أميركا منذ عام 2006: "على المدى القصير، هنري هو اللاعب الذي اختار كرة القدم في أميركا بدلاً من الدوري الممتاز الانكليزي، فهو شخصية عظيمة ليكون على أرض الملعب وسيثير الجماهير. على المدى الطويل، نأمل أن يساعد هذا على حضو الناس إلى الملاعب لمشاهدة هنري للمرة الأولى، ثم مرة ثانية، ثم للمرة الثالثة... ونأمل أن نرى علاقتهم بين الحديث عن برودة المياه وبين الذهاب لمشاهدة المباريات".
ويتفق جين تشانغ، رئيس تحرير كرة القدم في "الرياضة المصورة"، مع وجهة نظر هذه. ويعتقد بأن على مر السنين ستقل شهية وجود لاعبين أجانب مخضرمين، باستثناء إذا كان هؤلاء مازالوا يقدمون أفضل عروضهم، ولكن في نهاية المطاف يريد الأميركيون أن يشعروا كما لو أنهم يشاهدون أفضل منتج، ولهذا السبب ستحتاج أميركا دائماً إلى جلب الأسماء الكبيرة".
فالدوري الكبير لكرة القدم بحاجة إلى مواصلة توفير الأسماء الكبيرة حتى لو كانت في نهاية مسيرتها الكروية. وفي حال هنري، فعلى رغم أنه خسر بعض من وتيرته، إلا أنه مازال هناك من يتوقع منه أن يهيمن على الكرة الأميركية، وربما يكون أفضل لاعب في الدوري.
وما يمكن تأكيده هو أن الدوري الكبير سوف لن يكون مثل انطلاق أول محاولة للكرة في الولايات المتحدة – دوري أميركا الشمالية لكرة القدم – عندما إنهار في وقت مبكر في ثمانينات القرن الماضي.
ولكن إلى متى سيكون سونيل غوتالي، وأمثاله، على الاستعداد للانتظار إلى أن تنفجر كرة القدم في أميركا؟ يجيب: "إلى أجل غير مسمى"!
elaph