الطائفالطائف، ارض التين والزيتون والعنب والرمان، بستان مكة، مدينة العلماء والصحابة، وعاصمة الثقافة والفن والأدب، وحاضرة الدولة الأموية، وأحد أقدم مدن العالم بعد المدينة ومكة.
كانت الطائف مركزاً كبيراً للتجارة والعلوم والصناعة في الشرق وكانت لمدرستها الطبية ومرصدها الفلكي وقصورها ومساجدها شهرة عالمية، كما كانت ملتقى الادباء والشعراء والوجهاء والعلماء والتجار، الذين يفدون إليها من كل مكان.
كان أهل الطائف أكثر العرب عناية بالكتب والتدوين، وكان العرب يرسلون أبناءهم إلى الطائف لينالوا من العلوم والفنون.
كانت حضارة الطائف تجربة حضارية إنسانية لا مثيل لها، استمرت تنير ظلمات العالم زهاء ٨ قرون من الزمان
وقد لفتت الطائف أنظار الرحالة والمؤرخين بفضل غابتها اليانعة وموقع المدينة على سفوح جبال الحجاز والأودية السبعة التي تغذيها، حتى أنها وصفت بأنها البلد الذي تمت محاسنه، ووافق ظاهره باطنه، فحيثما مشيت شممت طيباً وأينما توجهت رأيت منظراً عجيباً.
وتتميز الطائف باعتدال جوها طوال العام، فلايصيبها حر شديد و لا برد قارس، وهذا ماجعل سكانها يتمتعون بحرية في ارتداء الملابس، فلم يكونوا مضطرين لارتداء ملابس شتوية تدفئهم من البرد ولا ملابس تقيهم من الحر، بل كانت ازيائهم خفيفة تتميز بالتحرر، وكانوا حاسرين الرؤوس.
الطائف في العصر الحميري
في العصر الحميري (قبل الميلاد) كانت الطائف مركزً لملوك حمير وعاصمة دولتهم، انطلقت منها تجارتهم ورحلاتهم وجيوشهم وفتوحاتهم، ومنها انطلق افريقيس الحميري وفتح شرق افريقيا، وجميع الآثار الحميرية تدل على ان الطائف هي مركز الثقافة والعلوم والفلك والطب والفنون والادب والتجارة.
انجبت الطائف خليل الله ورسوله ابراهيم عليه السلام، وكانت منطلق دعوته، قبل ان يرحل الى مكة المكرمة ويرفع قواعد البيت العتيق، وتبدأ قصة حضارة عظيمة في مكة.
جبل ابراهيم عليه السلام جنوب الطائف، حيث ولد خليل الله ابراهيم
الحمامات: شيدت في الطائف في العصر الحميري (قبل الميلاد) على يد الحميريين، مبنية من حجر وكان العرب يستحمون بها للتخلص من الاوساخ والزيوت والعرق تحت درجات حرارة مرتفعة وماء حار وبخار ومواد عربية الصنع تقليدية منها : الأشنان والخزامى والسدر والملح والليف النباتي.
الطائف في العصر الكندي
كانت الطائف ملتقى التجار والعلماء في الشرق وكانت ممر التجارة بين اليمن ويثرب، وكانت ممر لطريق البخور الممتد من البتراء الى ظفار، كما كانت ملتقى العلماء والادباء والحكماء والنسابة والشعراء والتجار الوافدين من مكة المكرمة والمدينة واليمامة واليمن وظفار.
كما شهدت الطائف مولد العديد من العلماء والاطباء والادباء والحكماء والقضاة والفرسان، منهم الحكيم ابن الظرب العدواني، الذي قنن العديد من القوانين منها قانون الخلع، ففرق بين الزوج وزوجته التي عافته ونفرت منه، ورد عليه الصداق
دار الحكمة : مؤسسة علمية اسسها الاديب ابن الظرب العداوني قبل عام الفيل، و تعد «أول جامعة في التاريخ» تتكون الدار من طابقين، الطابق العلوي يضم قاعات خاصة بخزائن الكتب واقسام النسخ والتاليف والتوثيق والمطالعة والدراسة في كل مجال من مجالات المعرفة والعلوم والاداب اما قاعات الطابق السفلي فكانت خاصة باجتماع الادباء والنسابة والمؤرخين والاطباء والدارسين.
دار الحكمة التي اسسها عامر بن الظرب
الطائف في العصر العدناني
ازدهرت الطائف وزاد عدد سكانها بعد ان وفدت اليها قبائل مكة المكرمة واستوطنت بها، منها قبائل عدوان وبطون تغلب وبعض هوازن مثل ثقيف ونصر.
كانت دكاكين الوراقين والمكتبات فى الطائف أكثر من دكاكين بيع الخضار والفواكه.
عكاظ : مسرح وسوق سياسي وادبي، اسسه الملك تيم اللات التغلبي قبل عام الفيل بمائة عام، وفيه كان يخطب كل خطيب مصقع، وفيه علقت القصائد السبع الشهيرة، وكان يرتاده الادباء والحكماء والوجهاء والتجار.
عكاظ لم تكن مجرد سوق تجارية بل كانت مناسبة سنوية لاستعراض الوقائع والتاريخ للتسلية واللهو والمرح والسرح والتفريج عن النفس، وهذا الذي اجتذب العرب إليه.
و قد لاقى مسرح عكاظ، شهرة واسعة وكان ادباء العرب وشعرائهم يلقون فيه ادبهم وشعرهم ويتفاخرون بحروبهم وأيامهم ووقائعهم وانسابهم.
وشهدت الطائف خلال العصر العدناني مولد العديد من العلماء والاطباء والادباء والحكماء والقضاة والفرسان، منهم انس بن مدرك الاكلبي والاديب ابن ابي الصلت والطبيب الحارث بن كلدة.
آثار سوق عكاظ الذي بناه الملك تيم اللات التغلبي في العصر العدناني – قبل عام الفيل بقرن
الطائف في العصر القرشي
في صدر الاسلام كانت العديد من القبائل العربية تقطن الطائف: قبائل بجيلة وقبائل عدوان وبطون تغلب من اكلب، وثقيف ونصر من هوازن، وكان منهم الاطباء والعلماء والحكماء والادباء والقضاة والتجار والفلاحين والصناع.
قبل الهجرة كانت الطائف أحد المحطات المهمة لدعوة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فكان يقف في سوق عكاظ وسط حشود الزائرين ويدعوا الناس الى الاسلام، فدخل بعض اهل الطائف الاسلام قبل الهجرة، وهاجر بعضهم الى المدينة المنورة.
وبعد فتح مكه بأسابيع، فتح رسول الله عليه الصلاة والسلام الطائف في السنة الثامنة من الهجرة، فدخل اهل الطائف في الاسلام (عددهم نحو مائة الف) وبايعوا رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم شهدوا حجة الوداع.
بعد فتح الطائف امّر رسول الله عليه الصلاة والسلام الصحابي الجليل الحكم بن أَبي العاص الاموي العبشمي القرشي على الطائف.
وفي عصر الخلفاء الراشدين تولى امارة الطائف 3 امراء: سهيل بن عمرو / عتبة بن ابي سفيان / عبدالرحمن بن خالد بن الوليد
اشجار اللوز في الطائف، كان رسول الله يستظل تحت اغصانها
سد الصحابي الجليل معاوية بن ابي سفيانرضي الله عنه في الطائف
الطائف في العصر الأموي
انجبت الطائف المجاهد العظيم الحجاج بن يوسف الثقفي، أحد ابرز الامراء والقادة العسكريين للدولة الاموية، الذي نشأ وترعرع بين جبالها ومراعيها الخلابة، ونهل من علوم علمائها وادب ادبائها.
القصور القديمة في الطائف
الطائف في العصر العباسي
تولى بنو مخزوم على الطائف بعد وفاة ابوالعباس السفاح وضموها الى سلطانهم، ونصبوا بنو عدي امراء على الطائف، فأعتنوا بسوق عكاظ ودار الحكمة، وكانت الندوات والخطب تقام كل شهر.
انجبت الطائف العديد من العلماء، أحد ابرز العلماء قدم إسهامات كبيرة في الرياضيات والبصريات والفيزياء وعلم الفلك والهندسة وطب العيون والفلسفة العلمية والإدراك البصري والعلوم بصفة عامة.