صور ومعلومات عن تونس
تقع دولة "تونس" في شمال قارة "أفريقيا" ، يحدها من الشمال والشرق البحر الأبيض المتوسط ، ومن الغرب "الجزائر" ، ومن الجنوب الشرقي "ليبيا" ، عاصمتها مدينة "تونس" ، واسمها الرسمي الجمهورية التونسية.
- وتأتي تسمية البلاد من تسمية عاصمتها التي تمتلك نفس الاسم ، وتختلف الآراء عن تسمية هذه الدولة ، فالبعض يعتقد أن اسم تونس يعود إلى الحقبة الفينيقية حيث أن عادةً ما تسمى المدينة بآلهتها الرئيسية , وفي حالة تونس فهي تانيت ، أما بعض المدارس العربية رجحت أصل الكلمة إلى جذور عربية من خلال المدينة القديمة "ترشيش" ، كما أشار المؤرّخ التونسي "عبد الرحمن بن خلدون" إلى أصل كلمة "تونس" التي أطلقت على حاضرة شمال إفريقيّة حيث أرجع أصلها إلى ما عرف عن المدينة من ازدهار عمراني وحيوية اقتصادية وحركية ثقافية واجتماعية فقد أشار إلى أنّ اسم "تونس" اشتقّ من وصف سكانها والوافدين عليها لما عرفوا به من طيب المعاشرة وكرم الضيافة وحسن الوفادة.
- وتبلغ مساحة "الجمهورية التونسية" حوالي 162.155 كم2، وتمتد الصحراء الكبرى على 30 % من الأراضي التونسية بينما تغطي باقي المساحة تربة خصبة محاذية للبحر.
- وقد لعبت "تونس" أدواراً هامة في التاريخ القديم منذ عهد "الأمازيغ" ، "الفينيقيين" و"القرطاجيين" ، وقد عرفت باسم مقاطعة أفريقيا إبان الحكم الروماني لها ، ثم فتحها المسلمون في القرن السابع الميلادي وأسسوا فيها مدينة القيروان سنة 50 هـ لتكون أول مدينة إسلامية في شمال أفريقيا.
- تنقسم الجمهورية التونسية إدارياً إلى ستة مناطق تنمية، تتوزع عليها أربعة وعشرون ولاية ، ففي الشمال الشرقي تقع ولاية بنزرت، ولاية تونس، ولاية أريانة، ولاية منوبة، ولاية بن عروس، ولاية زغوان، ولاية نابل، أما في الشمال الغربي تقع ولاية جندوبة، ولاية باجة، ولاية الكاف، ولاية سليانة ، وفي الوسط الشرقي تقع ولاية سوسة، ولاية المنستير، ولاية المهدية، ولاية صفاقس ، أما في الوسط الغربي تقع ولاية القيروان، ولاية القصرين، ولاية سيدي بوزيد ، والجنوب الشرقي تقع ولاية قابس، ولاية مدنين، ولاية تطاوين ، الجنوب الغربي: ولاية قفصة، ولاية توزر، ولاية قبلي.
- وعن المناخ في "تونس" ، فهناك ثلاث أصناف من المناخ هم مناخ متوسطي في الشمال تفوق كمية التساقطات 400 مم سنوياً ، مناخ شبه جاف في الوسط تتراوح فيه كميات الأمطار بين 200 و 4000 مم سنوياً ، ومناخ جاف بالجنوب تقل فيه الأمطار عن 200 مم سنوياً.
- ويتميز الإعمار والتنمية في "تونس" بعدم التكافؤ على المستوين الاقتصادي والاجتماعي ، حيث يوجد تدرج بين داخل البلاد وسواحلها ، فالولايات الساحلية البالغ عددهم ثلاثة عشر ولاية من مجموع أربعة وعشرون ولاية ، تحتضن 65.3% من مجموع السكان بكثافة سكنية عالية ، حوالي مائة وأربعون ساكناً في الكم مربع مقارنةً ب 66.3 في كامل البلاد ، كما أنها تتميز بتنوع اقتصادي ، فهي تستحوذ على 85% من المؤسسة الصناعية في البلاد و 87.5% من اليد العاملة في هذا القطاع.
- وقد بلغت نسبة التحضر في "تونس" 66.3% عام 2008، وتتمركز الشبكة الحضرية على السواحل الشرقية بين مناطق "بنزرت" ، "ڨابس" ، مروراً بالعاصمة "تونس" والوطن القبلي والساحل و"صفاقس" ، حيث تتمركز أهم المنشآت الاقتصادية وكذلك 80% من السكان المتحضرين.
- أما عن الديانة في دولة "تونس" ، فإن حوالي99% من التونسيين يعتنقون الديانة الإسلامية ، 85% منهم سنة من أتباع المذهب المالكي و 155% على المذهب الحنفي وهناك أقلية عبادية ، كما أن هناك الصفريون ، مع وجود ألفي يهودي في جزيرة "جربة" التونسية الذين قدموا من المشرق العربي بعد حرق معبدهم من قبل نبوخذنصر قبل 2500 سنة ، أما يهود العاصمة "تونس" فقد قدموا من إسبانيا في أواخر القرن الخامس عشر للميلاد بعد اضطهادهم من قبل الأسبان.
- وعلي الرغم من عدم وجود أرقام رسمية تحصي عدد المسيحيين في تونس إلا أنه يقال أنه يوجد حوالي خمسين ألف مسيحي من فرنسيي تونس ، وكذلك تونسيون من أصول إيطالية وفرنسية ومالطية ، حوالي 80،% منهم كاثوليك ومن كبار السن ويقيمون ب"تونس" العاصمة ومدينة "صفاقس" وهناك عدد ضئيل من الأرثوذوكس ، وأقلية بروتستانية تقيم بجزيرة "جربة".
- أما عن اللغات واللهجات ، فيتحدث التونسيين اللهجة التونسية وهي لهجة مفرداتها عربية وتحوي على العديد من الكلمات كالتركية والإيطالية وبدرجة كبيرة الفرنسية ، وتعتبر العربية اللغة الرسمية ، أما اللغة الفرنسية فهي لغة الإدارة والأعمال بحكم الأمر الواقع ، كما أن الإيطالية لها حضور قوي في اللهجة التونسية من خلال مفردات يعود أصلها للمهاجرين القادمين من جزيرة "صقلية".
- أما أهم دمج حصل في تاريخ اللهجة التونسية عندما أضيفت كلمات أندلسية (الأسبانية حالياً) بعد طرد المورو من الأندلس بين القرنين 17 و 18، كما لازالت مناطق متعددة من "تونس" تتحدث الأمازيغية ، مثل "مطماطة" و "الدويرات".
- وتتميز "تونس" سياحياً بشواطئ جميلة وكنوز أثرية وتنوّع ثقافي، وهو ما يجلب إليها ما يقارب الخمسة ملايين سائح سنويا من مختلف أنحاء العالم ، وترتبط تونس بالعالم الخارجي عن طريق سبعة مطارات دولية وثمانية موانئ ، "تونس" العاصمة تقع على بعد ساعتين بالطائرة من العاصمة الفرنسية "باريس" والعاصمة الإنجليزية "لندن" و50 دقيقة فقط من العاصمة الإيطالية "روما" ، وهناك رحلات يومية تربط تونس بالبلدان الأوروبية والإفريقية وبلدان الشرق الأوسط والخليج العربي.
- وتمتلك "تونس" على طول سواحلها الممتدة على قرابة 1300 كلم عدّة مراكز سياحية بحرية معروفة عالمياً مثل الحمامات وسوسة وجربة وطبرقة ، كما تحتل ضاحية "سيدي بوسعيد" بشمال العاصمة موقعاً خلابا بجبلها الشامخ المشرف على البحر، وقبابها المتلألئة، وجدرانها البيضاء، وأبوابها وشرفاتها الزرقاء الناصعة.
- وبإمكان الزّوار من هواة الفروسية والغطس والصيد في مياه البحر العميقة أن يمارسوا رياضتهم المفضلة في العديد من المواقع السياحية الجميلة. كما توجد محطات سياحية أعدّت خصّيصا للراغبين في التداوي بالمياه المعدنية.
- كما يجذب الفنّ المعماري العربي الإسلامي أنظار الزائرين ، ومن المعالم الجديرة بالزيارة الجامع الكبير بالقيروان وجامع الزيتونة المعمور والمدينة العتيقة ب"تونس" العاصمة بالإضافة إلى غيرها من المعالم العربية والإسلامية الموجودة في كل أنحاء البلاد.
- وتزخر تونس بعدة مواقع تاريخية، بونيقية ورومانية، منها حمامات أنطونيوس في "قرطاج" والمعابد الرومانية في "دُقّة" ، "زغوان" و"سبيطلة" ، والمقبرة البونيقية في "أوتيك" والمساكن الرومانية في "بلاّريجا" والمسرح الروماني بمدينة "الجمّ"، وهو أهم مسرح من نوعه بعد مسرح روما.
- ويتيح الجنوب التونسي مشاهدة مناظر صحراوية رائعة وواحات عديدة ، وتجتذب هذه المنطقة عدداً متزايداً من كبار المخرجين السينمائيين الأجانب الذين يقصدونها لالتقاط مناظر وتصوير أفلام عالمية نخص بالذكر منها فلم "حرب النجوم" الشهير، وتوجد في الجنوب الشرقي للبلاد جزيرة "جربة" ، التي أصبحت قطباً سياحياً بارزاً في المنطقة ويتمتّع بسمعة عالمية.
- أما عن السياسة الداخلية لدولة "تونس"، فقد تم إعلان "تونس" جمهورية كما نُشر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 26 يوليو 19577.
- ودولة "تونس" ذات نظام رئاسي، وينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمس سنوات ويقوم باختيار رئيس الوزراء، الذي يسهم في تنفيذ سياسات الدولة ، كما يتم تعيين الحكام المحليون للولايات والممثلون المحليون من قبل الحكومة المركزية، في حين يتم انتخاب مجالس البلدية.
- ويوجد بدولة "تونس" هيئتان تشريعيتان هما مجلس النواب ومجلس المستشارين، مجلس النواب يتكون من 182 مقعداً ، وتحتل أحزاب المعارضة 9% من جملة مقاعده. كما جرت أول انتخابات رئاسية تعددية في أكتوبر 1999 وفاز بها بن علي بغالبية ساحقة بنسبة 99%.
- وأول رئيس جمهورية لدولة "تونس" هو الرئيس "الحبيب بورقيبة" الزعيم الوطني الذي ولد في الثالث من أغسطس لعام 1903بحي "الطرابلسية" بمدينة "المنستير" الساحلية.
- ينتمي "بورقيبه" لعائلة من الطبقة المتوسطة ، فقد كان والده ضابط متقاعد في حرس الباي ، وتلقـّى تعليمه الثـّانوي بالمعهد الصادقي ، ثم معهد "كارنو" ، حتى توجه إلى "باريس" عام 1924 بعد حصوله على البكالوريا وانضم إلي كلية الحقوق والعلوم السياسية وحصل على الإجازة في سنة 1927، وعاد إلى "تونس" ليشتغل بالمحاماة.
- انضم إلى حزب الحر الدستوري عام 1933 ، وأقيل منه في نفس العام ، ليؤسس في الثاني من مارس 1934 بقصر هلال حزب الحر الدستوري الجديد برفقه "محمود الماطري" ، "الطاهر صفر" و"البحري قيقة" ، ولكن تم اعتقاله في الثالث من سبتمبر عام 1934 لنشاطه النضالي وأبعد إلى أقصى جنوب تونس ، ولم يفرج عنه إلا في مايو 1936 ، فسافر إلى "فرنسا" التي أعتقل فيها عام 1938، بعد سقوط حكومة الجبهة الشعبية ، ونقل "بورقيبة" إلى "مرسيليا" وبقي فيها حتى العاشر من ديسمبر عام 1942، عندما نقل إلى سجن في "ليون" ثم إلى حصن "سان نيكولا" ، حيث اكتشفته القوات الألمانية التي غزت "فرنسا"، فنقلته إلى "نيس" ثم إلى العاصمة الايطالية "روما"، ومن هناك أعيد إلى "تونس" حراً طليقاً في السابع من أبريل عام 1943.
- سرعان ما حكم علي الزعيم التونسي بالنفي فسافر إلى المنفى الاختياري "القاهرة" عاصمة "جمهورية مصر العربية" في مارس 1945، وتنقل بين الولايات المتحدة ، فرنسا ، الهند ، اندونيسيا ، إيطاليا ، بريطانيا والمغرب قبل أن يعود إلى تونس عام 1952 معلناً انعدام ثقة التونسيين بفرنسا ولما اندلعت الثورة المسلحة التونسية ، اعتقل الزعيم "الحبيب بورقيبة" وزملاؤه في الحزب وتنقل بين السجون في تونس وفرنسا ثم شرعت "فرنسا" في التفاوض معه فعاد إلى "تونس" في عام 1955 ليستقبله الشعب استقبال الأبطال ويتمكن من تحريك الجماهير، لتوقع فرنسا في الثالث من يونيو عام 1955 المعاهدة التي تمنح تونس استقلالها الداخلي ، وفي العشرين من مارس عام 1956، تم توقيع وثيقة الاستقلال التام وألف "بورقيبة" أول حكومة بعد الاستقلال.
- وفي الخامس والعشرين من يوليو عام 1957 ، تم إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية فخلع الملك "محمد الأمين باي" وتم اختيار "الحبيب بورقيبة" أول رئيس للجمهورية ، وتواصلت في العهد الجمهوري أعمال استكمال السيادة فتم جلاء آخر جندي فرنسي عن التراب التونسي في الخامس عشر من أكتوبر عام 1963 وتم جلاء المستعمرين عن الأراضي الزراعية، كما تم إقرار عديد الإجراءات لتحديث البلاد كإقرار مجانية التعليم وإجباريته وتوحيد القضاء.
- أظهر "الحبيب" شراسة شديدة في مواجهة خصومة السياسيين حتى لو كانوا رفاقه في الكفاح، فقد استغَل تأسيسه للدولة ليُجْهِزَ على المؤسسة الزيتونية الإسلامية التي كانت سنداَ لخصمه اللدود "صالح بن يوسف" المدعوم من الشرق العربي ، فطارد من عُرِفُوا باليوسفيين ، فقتل واعتقل العديد منهم، ولم يُغْلِق هذا الملف إلا بعد اغتيال زعيمهم الذي كان لاجئ بألمانيا.
- كما استغل محاولة الانقلاب التي استهدفته عام 1962 ليجمد الحزب الشيوعي، ويعطل كل الصحف المعارضة والمستقلة، ويلغي الحريات الأساسية، ويقيم نظام الحزب الواحد، ، حتى غاب المجتمع المدني، وهيمنت على البلاد أحادية في التسيير وفي التفكير وفي الإعلام وفي التنظيم.
- وعلى صعيد السياسة الخارجية، فقد تحالف "الحبيب" مع الغرب وكان من أوائل السياسيين العرب الذين رحبوا بالسياسة الأمريكية في المنطقة، ففي خطاب ألقاه في مايو عام 1968، قال "إننا نعتبر أن نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية يشكل عنصر استقرار يحمي العالم من نوع من الأنظمة الاستبدادية". ، كما قال ذات مرة:"لو خيرت بين الجامعة العربية والحلف الأطلسي لاخترت هذا الأخير".
- ويعرف أنه في الثالث من يناير عام 1984 قامت "ثورة الخبز" التي سقط خلالها مئات الضحايا ، وشهدت صراعات دموية حادة بين المواطنين ورجال الأمن بسبب زيادة في سعر الخبز واستخدمت فيها القوة ضد المتظاهرين ولم تهدأ تلك الثورة إلا بعد تراجع الحكومة عن الزيادة بعد يوم واحد فقط من إقرارها.
- استدعي "زين العابدين بن علي" من "وارسو" ليشغل منصب مدير عام الأمن الوطني ، وفي السابع من نوفمبر عام 1987 وأمام الحالة الصحية المتردية للرئيس "بورقيبة"، قام "زين العابدين" الذي كان شغل منصب رئيس الوزراء في أكتوبر 1987 ، أي قبل شهر واحد بتغيره في انقلاب غير دموي ، وأعلن نفسه رئيساً جديداً للجمهورية فيما عرف باسم "تحول السابع من نوفمبر" ، وبعد هذا التغيير أقام الرئيس الأول لتونس "الحبيب بورقيبة" بمسقط رأسه بمدينة "المنستير" حتى وفاته في السادس من ابريل عام 2000.
- قفز "زين العابدين بن علي" الرئيس الثاني لجمهورية "تونس" للسلطة في السابع من نوفمبر لعام 1987، وقد ولد بمدينة حمام سوسة ، في الثالث من سبتمبر عام 1936.
- عندما كان "زين" طالباً في ثانوية سوسة ، انضم إلى صفوف المقاومة الوطنية ضد الحكم الفرنسي ، مما آل إلى طرده من المدرسة ودخوله السجن ، ثم نال "بن علي" الدبلوم من مدرسة عسكرية خاصة في "سان سير" ، وأكمل تعليمه بمدرسة مدفعية في "شالون سور مارن" بفرنسا، وأرسله حماه الجنرال "كافي" إلى المدرسة العسكرية العليا للاستخبارات والأمن في "بلتيمور" بالولايات المتحدة، ثم مدرسة المدفعية الميدانية بولاية "تكساس" الأمريكية ليستلم بعدها الأمن العسكري التونسي ، الذي تولى رئاسته لمدة عشر سنوات، ثم خدم لفترة قصيرة كملحق عسكري في "المغرب" و"اسبانيا" ، ثم عين مديراً عاما للأمن الوطني في عام 1977، في 28 ابريل 1986 ، عين وزيراً للداخلية ، وفي اكتوبر 1987 تم نعيينه رئيساً للوزراء في حكومة الرئيس "الحبيب بورقيبة".
- وعندما تولى مهامه كانت "تونس" تعاني من أزمة اقتصادية خانقة كادت تعصف بالبلاد ، ويعتبر "بن علي" من الرؤساء المنفتحين على الغرب، فقد غير من تونس كثيراً وجعلها من أكثر الدول العربية المنفتحة على أوروبا، في عهده منع الحجاب الذي يصفه بالزى الطائفي، كما يتهمه خصومه السياسيين بشن حرب على الإسلام السياسي ورموزه ،كما أنه قام بخطوات تجاه بعض التيارات الإسلامية حيث أعاد الصوفية إلى البلاد، وسمح للكنائس في تونس بالقيام بعباداتها.
- كما فتح الرئيس "بن علي" لأول مرة قصر "قرطاج" في وجه الأحزاب والمثقفين من غير المُـنتمين للحزب الدستوري الحاكم منذ استقلال البلاد عن فرنسا في مارس 1956، ولكن في أجواء حرب الخليج الثانية، اندلعت المواجهة بين السلطة وحركة النهضة، فكان ذلك إيذانا بنهاية سريعة لفُـسحة نادرة وبداية تغيير جوهري لأسلوب تعامُـل النظام مع المعارضة والمجتمع المدني.
- أقام "زين العابدين" أول انتخابات تعتبر قانونيا تعددية سنة 1999 ، أي بعد 12 سنة من استلامه للحكم وصفها البعض بأنها انتخابات تعددية مخلصة للأحادية ، حيث أن نتائجها كانت قد اعتبرت محسومة سلفا لصالحه ، خاصةً بعدما أجرى تعديل دستوري بالفصلين 39 و 40 من الدستور لإزالة الحد الأقصى لتقلد المنصب الرئاسي ومنحه الحق في الترشح لانتخابات.
- ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، فقد اندلعت أحداث دامية في تونس منذ قرابة شهر ونصف الشهر عندما أشعل الشاب "محمد بو عزيزي" من ولاية "سيدي بوزي" النار في جسده يوم الجمعة الموافق السابع عشر من ديسمبر عام 2010 م بجسده تعبيراً عن غضبه على بطالته.
- ثم توفي يوم الثلاثاء الموافق الرابع من يناير عام 2011 متأثراً بحروقه , مما أدى لاندلاع شرارة المظاهرات وخروج آلاف التونسيين الرافضين لما اعتبروه أوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم.
- ثم تحولت هذه المظاهرات إلى انتفاضة شعبية شملت عدة مدن في تونس وأدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى من المتظاهرين نتيجة تصادمهم مع قوات الأمن، وأجبرت الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على إقالة عدد من الوزراء بينهم وزير الداخلية وتقديم وعود لمعالجة المشاكل التي نادي بحلها المتظاهرون، كما أعلن عزمه على عدم الترشح لانتخابات الرئاسة عام 2014.
- فمن الشرارة اندلع اللهب ، فبعد مصادرة سلطات البلدية عربه الخضار اليدوية التي كان الشاب "محمد" حامل الشهادة الجامعية ، يجمع رزقه من خلالها في إحدى الشوارع التونسية ، فذهب ليشكو ويحاول استردادها فصفعه شرطي أمام الملأ ، فغادر البلدية وأشعل النار في نفسه ، دون أن يدري أن الشرارة الأولى التي أشعلها في نفسه ، ستكون سبب الإطاحة بالرئيس "زين العابدين بن علي" الذي حكم البلاد أكثر من ثلاثة وعشرون عاماً ، خاصة أن زيارة الرئيس التونسي ل"بوعزيزي" في المستشفى ، لم تفلح في إخماد نيران الاحتجاجات التي امتدت إلى كافة أرجاء المدن التونسية.
- وبعد أسبوعين من إشعال "بوعزيزي" النار في نفسه ، فارق الحياة مع بداية العام الجديد ، وذلك في الرابع من يناير عام 2011، مما أسفر بعد ذلك بأيام عن فرار الرئيس التونسي "زين العابدين بن علي" البلاد ، مع أسرته التي اشتهرت بالفساد بعدما كان يحكم البلاد بقبضةٍ حديدية ، متوجهاً إلى "المملكة العربية السعودية" وتسليم السلطة لرئيس الوزراء "محمد الغنوشي"، ولكن هذه المرة خلع "بن علي" بقوه الغضب الجماهيري وليس بقوة الجيش كما فعل هو.
- وبعد مغادرة "بن علي" البلاد يوم الجمعة الموافق الرابع عشر من يناير 2011 م ، تولى الوزير الأول "محمد الغنوشي" رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة إضافة إلى منصب الوزير الأول ، وأعلنت حالة الطوارئ مع حظر التجول التي تمنع أي تجمع يزيد على ثلاثة أشخاص, مع فرض حظر التجول بين الخامسة مساءً والسابعة صباحاً.
محمد الغنوشي
- وفي صبيحة اليوم الأول بعد فرار "بن علي" تولى فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب رئاسة الحكومة مؤقتاً والذي أعلن عن تشكيل حكومة وحدة وطنية وتكليف محمد الغنوشي تشكيلها.
فؤاد المبزع