بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ
الَلَّهٌمَّ صَلَِ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْ
الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
مقتل علي الاكبر عليه السلام
عمره : 25 سنة
امه: ليلي بنت ابي مرة بن مسعود التقفي وجده لامه احد سادات الاسلام الاربعة وهوالرجل الذي كانت تعظمه العرب وهو الذي عناه القران بقوله ( لولا انزل هذا القران على رجل من القريتين عظيم) اسلم سنة التاسع من الهجرة بعد رجوع الرسول (ص) من الطائف وقد استئذن الرسول ان يدعو قومه للاسلام فرجع ودعا قومه للآسلام فرماه احهم بسهم وهو يؤذن للصلاة فقتل رضوان الله تعالى عليه وهو الذي قال فيه الرسول (ص) ( مثل عروة مثل مؤمن آل يس دعا قومه الى الاسلام فقتلوه ) وفي رواية يمدحه الرسول (ص) فيقول ( رأيت عيسى ابن مريم فاذا من اقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود )
اولاده : واحد
كان علي بن الحسين من أصبح الناس وجها واحسنهماخلاقا فتنقل هذه القصة في صغره .
انه دخل رجل نصراني مسجد رسول الله (ص) ، فقال له الناس : ياهذا ما يحل لك دخول مسجد رسول الله فأنت رجل نصراني فأخرج من المسجد .
فقال لهم : اني رأيت البارحة في منامي رسول الله (ص) ، ومعه المسيح عيسى بن مريم (ع) ، فقال لي عيس اسلم على يد خاتم الانبيآء محمد بن عبدالله ، فانه نبي هذه الامة حقا ، واني اسلمت علىيده البارحه ، وأتيت الان لأجدد اسلامي على يد رجل من أهل بيته .
فجآءوا به الى الامام الحسين (ع) ، فوقع على قدمي الامام يقبلهما فلما أستقر به المجلس قص رؤياه الى الامام الحسين عليه السلام ، وجدد نطق الشهادتين عنده. فقال له الامام : اتحب ان آتيك بشبيه رسول الله (ص) ؟
فقال النصراني : نعم يا سيدي .
فدعا الحسين عليه السلام بولده علي الاكبر وكان اذ ذاك طفلا صغيرا قد وضع على وجهه برقع فجيئ به الى ابيه ، فلما رفع الحسين البرقع من على وجهه وقد بان جمال وجههه وسطع نوره أصيب النصراني بحالة من البهر والاغمآء من شدة نور وجه علي بن الحسين وعظمة جماله وهيبته .
فقال الحسين لبعض خاصته : صبوا على وجهه المآء . ففعلوا فرجع الى ما كان عليه فقال له الحسين عليه السلام :يا هذا ان هذا شبيه جدي رسول الله (ص) .
فقال النصراني : أي والله كأنه هو الذي رأيته مع المسيح عيسى (ع) البارحة .
فقال الحسين (ع) : ياهذا فما تفعل اذا كان عندكولدمثل هذا قداصيب بالاذى والحمى او تصيبه شوكة او جرح بسيط ما كنت صانع ؟
فقال النصراني : افجع به يا سيدي ولعلي أموت !
فقال الحسين عليه السلام : اخبرك ياهذا أني أرى ولدي هذا بعيني مقطعا بالسيوف اربا اربا .
ولذا ينقل الخطبآء انه بعد ان قتل اصحاب الحسين(ع) ولم يبق معه الا أهل بيته خاصة وهم ولد علي وجعفر وعقيل وولد الحسن وولده – الحسين(ع)- عليهم السلام اجتمعوا يودع بعضهم بعضا وعزموا على الحرب دفاعا عن الحسين وحرمات الحسين - وقد ذكرني هذا بحديث عن رسول الله (ص) انه ذات مرة نظر الى شباب من قريش كأن وجوههم سيوف مصقولة من وضآئتها وجمالها فسر ثم رأي كأن في وجهه كآبة حتى عرفوا ذلك منه .فقالوا يار سول الله ما شأنك ؟ فقال لهم : انا أهل بيت أختار الله لنا الآخرة على الدنيا واني ذكرت ما يلقى اهل بيتي من بعدي من أمتي من قتل وتشريد - .
تقدم ولده على الاكبر يستئذن والده الحسين للقتال والمبارزة ولم يكن خروج الولد البار بوالده بالهين على قلب الوالد العطوف على ولده وكانالاكبر من احسن الناس اخلاقا وخلقا ، نظر اليه الامام الحسين وقد ارخى عينيه الى الارض وأخذ يبكي حتى تساقطت دموعه على الرمضآء وقد ارخى برأسه الى الارض كيلا يراه العدو فيشمت به ثم فتح ذراعيه قائلا : ولدي حبيبي علي هلم الي الي أودعك وتودعني ، واشمك وتشمني.
فتعانقا ساعة حتى اصيبا بغشية البكآء فتساقطا الى الارض وامه ليلى تنظر اليهما من بعيد فعلا صوتها بالبكآء والنحيب.
فلما ذهب عن الحسين بهر البكآء وغشيته رفع رأسه الى السمآء بعين هاطلة يشير بسبابتيه اليها قائلا : اللهم اشهدعلى هؤلآء القوم فقد برز اليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك محمد (ص) ، وكنا اذا اشتقنا الى نبيك نظرنا في وجه هذا الغلام . اللهم امنعهم بركات الارض وفرقهم تفريقا ومزقهم تمزيقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترض عنهم الولاة ابدا فنهم دعونا كي ينصرونا فغدو علينا يقاتلوننا
ثم رفع الامام الحسين عليه السلام صوته صائحا في عمر بن سعد بن ابي وقاص : ياعمر بن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله ، و لا بارك الله لك في امرك ، وسلط الله عليك من يذبحك على الفراش .
ثم تلا الامام قوله تعالى (( ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم )) .
فعلم علي الاكبر عليه السلام ان هذا علامة اذن والده له بالمقاتلة فخرج يشد على القوم ويقاتلهم وهو يرتجز ويقول :
انا علي بن الحسين بن علي ... نحن وبيت الله أولى بالنبي
اضربكم بالسيف أحمي عن ابي ... ضرب غلام هاشمي علوي
فلم يزل يقاتلهم قتال الابطال جمعا ومبارزة حتى فنى منهم على عطشه الكثير قيل مئة وعشرين رجلا ستون منهم مبارزة والحسين بفنآء الخيمة ينظر الى شجاعة ولده وبسالته ووجهه يتهلل نورا ، وليلى تنظر الى وجه احسين مطمئنة تزداد سرورا كلما ازداد وجه المولى الحسين ابتهاجا وهي تدخل خيمتها وتخرج بين الفينة والاخرى قلقة على ولدها ، حتى بدأ يتغير لون وجه الحسين عليه السلام فانقبض قلب ام الاكبر فأخذت تخاطب الحسين : سيديومولاي ارى وجهك قد تغير لونه بالله عليك اخبرني هل اصيب ولدي بسوء ؟
اجاب الحسين (ع) : لا يا ليلى ولكن برز اليه من يخاف منه عليه . يا ليلى اني سمعت جدي رسول الله (ص) يقول ( دعآء الام بحق ولدها مستجاب ) يا ليلى ادخلي الفسطاط وأدعي الله بان لا يصيب ولدنا علي بسوء .
دخات ام علي الاكبر الى الخيمة نشرت شعرها ورفعت يديها نحو السمآء ودعت بدعآء المفجوع الذي يوجع القلوب الهي بغربة الحسين الهي بوحشة الحسين الهي بكسيرة الحسين الهي بمصيبة الحسين وعطشه ياراد يوسف الى يعقوب اردد الي ولدي علي سالما فلا زالت تدعو وتدعو دعآء الام الثكلى اتي نحر بحضنها وليدها حتى اغمي على هذه الام من شدة البكآء .
قال الراوي : فاستجاب الله لدعائها وقتل علي الاكبر عليه السلام بكر بن غانم وأطار رأسه عن جسده مذكرا بشجاعة جده علي بن ابي طالب فأخذ يرتجز ويقول :
صيد الملوك اسود وارانب ... وصيدي اذا انا برزت الابطال
ثم رجع الى ابيه بعد ذلك فرحا حتى وصل اليه : ابه جهد الحديد قد اثقلني والعطش قد قتلني فهل الى شربة مآء من سبيل أتقوى بها على الاعدآء وأعود للميدان.
فقيل ان علي وضع لسانه بلسان والده فاذا هو يابس جلد اجشب من شدة عطش الحسين
فقال له والده الحسين : بني علي اصبر قليلا سيسقيك جدك المصطفى بكأسه الاوفى شربة لا تظمأ بعدها ابدا.
ثم قال الامام الحسين : بني علي ادرك والتكقبل ان تموت فانه غشي عليها من شدة البكآء .فهرول الاكبر راكضا نحو خيمة امه فاذا به يراها ساقطة على الارض مغشيا عليها قد على التراب صفحة وجهها قعد الاكبر عنها ورفع رأسها ووضعه في حجرة - كفعال الولد البار العطوف لامه الحنون – وأخذ يبكي لما حل بأمه حتى تساقطت دموعه على خدها فافاقت منادية بصوت ضعيف مبحوح وقد آيست من رجوع ولدها له : أأنت ولدي علي فقال لها : نعم يا أماه انا ولدك فقالت : ياثمرة فؤادي ومهجة قلبي قد رددت روحي علي
ثم قالت له : بني علي قم كي اتزود من النظر اليك يا نور عيني امشي امامي كي اتودع منك .
فقام بين يديها يتخطى في تلك الخيمة جيئة وذهابا وهي تبكي وهو يبكي وكلاهما يتجرع الغصة والألم فنادته بنية علي هلم الي فجائها و تعانقا فأخذت تشمه وتقبل نحره وصدره ويديه وتوادعا
رجع علي الاكبر الى المعركة وهو يرتجز ويقول :
االحرب قد بانت لها الحقائق ... و ظهرت من بعدها مصادق
والله رب العرش لا نفارق .. .. جموعكم او تغمد البوارق
يقول حميد بن مسلم : خرج الينا علي الاكبر وهو يطرد كتيبة من المقاتلة ويشد عليهم يمنة ويسرى وكنت واقفا والى جواري لعين يسمى مرة بن منقذ التميمي فقال : علي آثام العرب ان مر علي هذا الغلام ولم اثكل به اباه .
فقلت له : لا تقل هذا الايكفيك هؤلآء . فقال : والله لأفعلن .
فمر بنا علي الاكبر وهو يطرد كتيبة امامه فجآئه اللعين من الخلف اذ لم يجرؤ ان يواجهه وجها لوجه فطعنه برمح وضرب فلقة رأسه بسيف فخر الاكبر على قربوس فرسه وقد انحدر الدم وجه الفرس فحمله الى معسكر الاعدآء فاحتوشوه من كل جانب فهذا يضربه بسيفه وآخر يطعنه برمحه فقطعوه اربا اربا فلما دنا الموت من علي الاكبر صرخ صرخة أبه يا حسين ادركني
تقول سكينة : لما سمع ابي صوت اخي علي الاكبر يطلب الغوث اصبح مدهوشا – كأي اب ولده في خطر لا يقدر على عونه - احتار ابي فتارة يقوم واخرى يقعد لايدري ما يفعل وهو يقول وا ولداه وا علياه وا حبيباه وا مصيبتاه .
فانحدر اليه الحسين (ع) ومن معه من أهل البيت حتى وقف عليه فرآه وقطعا بالسيوف اربا اربا فألقى بنفسه عليه وقد غلبته عاطفة الابوة يقول الراوي : فرفع الحسين صوته بالبكآء ولم يسمع احد الى ذلك الزمان صوته بالبكآء ثم قال : بني علي على الدنيا بعدك العفا ، اما أنت فقد استرحت من هم الدنيا وغمها وبقى ابوك لهمها وغمها ، بنيقتل الله قوما قتلوك ، ما اجرأهم على الرحمان ، وعلى انتهاك حرمة الرسول
ثم صاح الحسين لفتيانه : يا فتيان بني هاشم احملوا ولدي علي الى الخيم فوالله لا طاقة لي على حمله ، فجآءوا يحملونه فأخذت اعضاءه تتساقك فكلما رفعوا جزءا تساقط آخر فناح الحسين وا ولداه واعلياه فأمر باحضار حصير فجمعوا اوصاله ورفعوه به وغدو به نحو الخيم
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين
عظم الله مصابنا ومصابكم في الحسين عليه السلام