- 6 -
بعد خمسين عاماً من معاشرة القصيدة, أعترف لكم أنها امرأةٌ مُتْعِبة. امرأة مزاجية, متسلطة, ولا تصير كلمتها كلمتين .. تغازلك متى تريد .. وتتزوجك متى تريد .
وترسل إليك ورقة الطلاق متى تريد.
وليس صحيحاً أن الشعر هو الذي يبدأ الغزل, وهو الذي يستدعي القصيدة. بل القصيدة هي التي تشير بأصابعها .. فيمتثل.
ثم ليس صحيحاً أن الشاعر (بيده العصمة) في العمل الشعري .. إن القصيدة وحدها هي التي تملك العصمة.
القصيدة هي التي تهيئ غرفة النوم .. وهي التي تعد كؤوس الشراب .. وهي التي تختار نوع الموسيقى .. وهي التي تخلع ثيابها .. وتفترسك بلا مقدمات .. وكاذبٌ كل شاعر يقول لك أنه (اغتصب قصيدة) . فنحن جميعاً مُغْتَصَبُون …
ورغم أن بعض الشعراء في سيرهم الذاتية , يحاولون أن يظهروا بمظهر ( الدونجوانات) .. ويوحون لك بأنهم ( القوامون على قصائدهم), إلا أن هذا الادعاء باطل, لأن الشاعر كملك السويد يملك ولا يحكم.
في حين أن القصيدة هي التي تأمر , وتنهى, وتقول للشعر : ( كن فيكون).