- 4 -
حين دخلت إلى بحر الشعر قبل خمسين عاما لم يكن لدي فكرة عن فن الغوص … وعن أخلاق البحر …
ظننت أن الماء لن يصل إلى ما فوق ركبتي … وأنني سوف ألعب بالرمل والموج والأصداف … وآخذ حمام
شمس لبضع ساعات … ثم أعود إلى قواعدي …
ولكنني لم أعد إلى البر أبدا ..!!
وحين جاءت أمي بعد غروب الشمس لتبحث عني قال لها رئيس دورية خفر السواحل :
- العوض بسلامتك .. يا سيدتي . ابنك مخطوف … خطفته إحدى جنيات البحر وتزوجته ولا أمل بعودته …
صرخت أمي باكية :
- ولكنه ابني .. أتوسل إليك يا سيدي أن تعيد لي ابني .
أجابها رئيس الدورية :
- إنني أفهم أحزانك يا سيدتي وأتعاطف معك ..
ولكن تجربتي الطويلة مع البحر تسمح لي أن أصارحك أن الزواج من حوريات البحر زواج كاثوليكي ….
ولا توجد في سجلات مخفرنا أية سابقة لحورية اختطفت رجلا وأعادته إلى أحضان أمه …
قالت أمي: أستحلفك بأولادك يا سيدي, افعل شيئاً لإنقاذ ابني.. إنه لا يزال صغيراً على الحب .. وصغيراً على الزواج. إنني أعطيك كل خواتمي, وأساوري, لتقدمها إلى الحورية, علها تطلق سراح ابني.
قال لها رئيس الدورية:
إن حوريات البحر, يا سيدتي, في حالة عري كامل صيفاً وشتاءً. لذلك فإن الأساور, والخواتم, والساعات المطعمة بالماس .. لا تثيرهن .. ولا تعني لهن شيئاً .. إن رشوة حوريات البحر, مهمةٌ مستحيلة ..
قالت أمي: ولكن ولدي لا يعرف شيئاً عن الحب … وعن الزواج .. إنه لا يزال تلميذاً في الثانوية العامة.
أجابها رئيس الدورية, وهو يخفي ابتسامة ماكرة:
لا تقلقي .. لا تقلقي يا سيدتي .. فسوف تعلمه حورية البحر أسرار الحب تحت الماء .. إلى أن يتخرج أميرالاً من أكاديمية البحر.