في جرحِ بغـدادَ أبْحِرْ أيها الألمُ
واسْكُبْ كنهْرِ الفُرَاتِ الشِّعْرَ يا قلمُ!
**
تجتاحُني كلّ يومٍ ألفُ داهيةٍ
فأحْتَويْها وما تـَخـتلّ لي قـَدَمُ!
**
وتغرسُ الآهُ في الأعماقِ خنْجَرها
فأدْفنُ الجُرحَ في صَدري وأبتـسِمُ!
**
لكنَّ أركانَ صَدْري كلّها انهَدَمَتْ
كل مّا رَأتْ ذلك البُـنـيانَ يَـنهدمُ!
**
بغدادُ يا فـتنةَ الدنيـا وبسمتَها
يا لـَوْحةً بـِيَـدِ الرّحمنِ تَرتسمُ!
**
يا روضةً مِنْ جِنان الخُلدِ أنَزَلها
كي يَعْرفَ الناسُ ما الأنهارُ والنِّعَمُ !
**
هذةالنجومُ إذاغَنيْتِ أغنيةً
وجدْتُها عِنــدَ بابِ الليلِ تزدحمُ !
**
هذه المآذنُ لولا الشوق ما وقفَتْ
ترنُو إليك وفـيها الحُبُّ يَضطرمُ!
**
هذه قصورُ بني العباس ما هَرِمَتْ
هل يُعْرَفُ الشَّيْبُ في بغدادَ والهَرَمُ
**
بغدادُفي كلِّ حَرفٍ باسْمِك التَحَفَتْ
بحورُ ذِكرى وبـدءٌ لـيسَ يُخْتتمُ!
**
في كلّ شِبرٍ روى التأريخُ ملحمةً
من الجُدودِ وأبـدَتْ زَهْوها القِممُ!
**
واليومَ في كلّ شبـْرٍ طفلةٌ لبِسَتْ
أسْمـالَ بُؤسٍ وفي أهدَابها ألـَمُ !
**
كم بغلةٍ عَثَرتْ !كم حرةٍ صَرَخَتْ !
وليس في الأرض فَاروقٌ ومُعْتَصِمُ!
**
يا ويحنا لم نكفـْكِفْ بـَعْدُ أدْمُعنا
من فـَقـْدِ أندلسٍ لم تَـْبرأ الكُلمُ!
**
والآنَ أنْدلـُسٌ أخرى تصيحُ بنا
فلـْتَنبَثِـقْ حِـمَمٌ ولتـَشتعِلْ هِمَمُ !
**
فإنّ مَنْ رَبـّهُ الجَـبَّـار مُنْتصرٌ
وإنّ مـَنْ ربـه الطاغُوْت مُنْهزمُ !
**
هيهاتَ يَنْتصِرُ الإظلامُ حين يَرَى
صُفوفَنا في صلاةِ الفجْرِ تَنْتظمُ
**
ستشرِقُ الشمْس يا بغدادُ فانتظري
صُبحاً تُـبَلِّجُه "الأنفالُ" و"القلمُ"!
....
م