النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

قصة وسَهمٌ للصَّـدَقـةِ

الزوار من محركات البحث: 5 المشاهدات : 197 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من المشرفين القدامى
    بياض الثلج
    تاريخ التسجيل: September-2016
    الدولة: ❤ In his heart ❤
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 17,452 المواضيع: 7,913
    صوتيات: 7 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 9612
    مزاجي: ماشي الحال
    المهنة: موظفة
    أكلتي المفضلة: تشريب احمر
    موبايلي: نوكيا5
    آخر نشاط: 23/May/2020

    قصة وسَهمٌ للصَّـدَقـةِ

    الشَّريكُ الخامِس
    كانت تتحدَّثُ بانفعالٍ يَشوبه حبّ وفخر وحبور ….
    فنبَراتُ صوتِها تنسابُ كنغمٍ عَذب ، ويَداها تتمايَلان كأغصانِ شجرةٍ يانِعةٍ داعَبها الهواءُ العليلُ ، وبريقُ عينيها يَشعُّ كومضَةِ نجم في أعالِي السَّماء ، حتى خلتُ نفسي في واحةٍ غنّاء بين وَردٍ وزَهرٍ وجَداولِ ماء !
    قالت : بالأمس اجتمعَ والدي الحبيب وإخواني الأعزّاء مع المُحامي من أجلِ إرساء قواعد شركتهم الجَديدة على ضوء القوانين المعمول بها ، فسَألهم المُحامي : كَم عدد الشّركاء ؟
    فأجابَهُ والدي ـ حَفظهُ الله ـ : خمسَة ..
    فاندهشَ إخواني !
    فعَددُهم ثلاثة وبإضافةِ والدي يُصبحونَ أربَعة ، فمَنْ هو شريكهم الخامِس ؟!
    راحَت النَّظرات تتبادل الأحاديثَ الصَّامتة ، ومَلامِحُ الوجوهِ تطرحُ أسئلة حَيرَى !
    فيُباغتهم والدي بسؤاله : مَن تظنونَ أن يكون شريكنا الخامس ؟
    يبتسِمون دونَ أن تنبسَ الشّفاه بكلمَةٍ ، فيتابع : – أتحبّون ـ يا أبنائي ـ أن يُباركَ الله لكم في رزقكم ؟
    – هذا ما نرجوه من الله دائمًا .
    – أتطمعونَ برضا الله سبحانه ؟
    – بكلِّ تأكيدٍ ، فرضاه غاية كلّ مُسلِم .
    – أترغبونَ بظلٍّ ظليل ، وصحَّة وعافيَة ، ونقاء مِن ذنوبٍ ؟
    – بَلى ، بَلى .
    – إذا رحبّوا معي بشريكِنا الكَريم ، صاحِبَ السَّهم الخامِس : الصَّدقة .
    ثمَّ تَلت بصوتِها النّديّ قولَ الله تعالى : “إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ”] – الحديد:18]
    وقوله سُبحانه وتعالى: “مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ”] – البقرة:245[
    حَصَّالة
    أقبَلت علينا تتلمَّسُ مكانها بين الصُّفوف ، فالتَفَتَت إليها أنظارُنا متفحِصَّة العضو الجديد الذي سينضَم إلى أسرة “فصلنا” …
    ملامُحها لطيفة ، تشي بروح طيّبة تستتِر بين الحَنايا ، وحديثها مهذّب يدلُّ على حُسْنِ تربيَة وتوجيه ، استطاعَت في غضونِ أيامٍ قليلةٍ أن تكسبَ حبّنا واحترامَنا بحُسنِ تعاملها ورِقَّّته .
    ذاتَ يوم ـ مِن أيّام شهر رمَضان المُبارك ـ وزَّعَت علينا وَرَقة و”حَصّالة” ، أخذناهما ونحنُ في حيرَة من أمرنا !
    لقد اعتدنا على توزيعِ الأوراقِ التي تحمِلُ بين طيّاتِها وعظًا طيّبًا ، وعلى إهداءِ “الشّريط” الدَّعوي ، أمّا أن يُقدَّم لنا “حَصَّالة” فهذا أمرٌ جديدٌ !
    نظرتُ إليها ، وكلّي فضول لمعرفةِ سرّ هذه “الحَصَّالة” ، فأومَأت أنَّ السِّرَّ يَكمُن فيما كُتبَ على الوَرقةِ ، فشَرَعتُ أقرَأ :
    ]هل بينكَ وبين الله صِلة ؟ …
    والصِّلة التي أقصدُها هي اتخاذكَ عمَلا صالحًا تداوِم عليه دونَ أن يعلمَ بكَ أحدٌ ، فهوَ العَهدُ الذي بينكَ وبين الله سُبحانه .
    لا تستغرب سُؤالي ، ولا تستثقله …!
    فقد تنوَّعَت الطاعات التي فرَضها الله علينا ، واختلفت الأعمال الصَّالحة التي حبّبنا الله فيها ، فلمَهْ كان هذا الاختلاف والتنوّع ؟!
    أيكون أحدُ هذه الأسبابِ أن تجدَ كلَّ نفسٍ الوسيلة التي تناسِبها في التَّقربِ إلى الله ، فيسهلَ عليها إيجاد تلك الصِّلة بينها وبينه ـ سبحانه وتعالى !
    قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ” أحبّ الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قلّ ” ، فقليلٌ دائمٌ خيرٌ مِن كثير مُنقطِع .
    سأبوحُ لك بسرّ ، ولا جُناح عليك إن أذعته …
    إنّني أستقطعُ ـ كل شهر ـ من راتبي مبلغًا زهيدًا ، وأصرفه إلى فئة ” العشرين فلس ” ، ثمَّ أضعُ تلك العشرينات في علبة خاصَّة ، وبجانبها “حصَّالة” للصَّدقات ـ تلكَ التي توزّعها اللّجان الخيريَّة ـ ، وأقوم كلّ صباح بوَضعِ “عشرين فلسًا ” في “الحصَّالة” كصدقة عن نهاري ، ثم أمضي إلى متابعة يومي وأنا مطمئنة إلى أنَّ الله سيحفظني ، و”عشرين فلس” أخرى في المساءِ صدقة عن ليلتي لأشعرَ بذاتِ الطَّمأنينة ، فصنائعُ المَعروفِ تقي مَصارعَ السُّوء ، وصَدقة السَّرّ تطفئ غضبَ الرَّب … [
    ثمَّ ختِمَت الوَرَقة بـدعاء : اللهمَّ يا واصلَ المُنقطعين أوصلني إليكَ .
    إيمانٌ
    كنتُ صَغيرًا عندَما كانت ترسُلني أمِّي بطعامٍ إلى جارتنا العَجوز ، وإلى ذلكَ العامِل ـ الشَّيخ المُسنّ ـ الذي يَقوم على تنظيفِ مسجدِ حيّنا ، كان واجبًا يوميًا أقوم به بعدَ عودتي من المَدرسةِ ، لم تتأخَّر أمُّي يومًا عن موعدِها ، وكنتُ لا أمانِع بالذهابِ ، فجارتنا العَجوز طيّبة القلبِ ، كانت تعطيني قطعة من الحلوى ، ثم تشكرني وتطلب مني أن أهدي أمُّي السَّلام ، وذلكَ العامل كان يُصافِحني كرجلٍ رِشيدٍ ويشدّ على يَدي وهو يقول : جزاكم الله خيرًا ، فأفرحُ أيَّما فرحٍ وقد غدَوتُ رجلا وأنا لم أبلغ الثامِنة مِن عُمري بَعد !
    ذاتَ ليلةٍ أصابتني وعكة صحيّة ، فلزمْتُ السَّرير ولم أذهب إلى المَدرسة ، وخضَعتُ للعلاج الذي وصَفه الطبيب لي ، معَ ما كانت تعدّه أمُّي الرَّؤوم مِن عصائر طبيعيّة ومشروبات دافئة .
    جاءت خالتي الحَبيبة للاطمئنانِ عليَّ ، وهي جارة لنا ، لا يفصلُ بينَ بيتنا وبيتها سِوى شارع ضيّق وبعضَ المَباني ، وبينما هي تسامِرني نادت عليَّ أمُّي :
    – يا يوسُف ، اقبل إليَّ يا بنيّ .
    – حسنًا يا أمُّي .
    ساعدَتني خالتي الحَبيبة بالنُّهوضِ ، ثم مَضيتُ وحدي نحوَ المَطبخ حيث أمُّي .
    – يوسُف أيا حبيبي ، هل أنت قادرٌ على أداءِ مهمَّتك اليوميَّة ؟
    – أشعرُ بتعَبٍ يا أمَّاه !
    – إن جاهدت نفسَك قليلا ، وسَارعتَ في فعل الخيرات فقد يكون ذلكَ سببًا في شفائكَ العاجل .
    وقبلَ أن أجيبَ ، أقبلت نحونا خالتي ، وسألت أمّي باستنكار : إلى أينَ تريدينَ إرسالَ هذا الصَّغير ؟ ألا ترَين حاله !
    – هو بخيرٍ بإذن الله ، وفي أداءِ مهمَّتهِ هذه كلّ الخيرِ .
    – دعيهِ يذهبَ ليستريحَ في فراشِهِ ، سأقومُ بمهمّته نيابَة عنه حَتى يتمِّمَ الله شفاءَه .
    – لا بأس ، جزاكِ الله خيرًا .
    عانقتُ خالتي وقبّلت وجنتها بامتنانٍ ثمَّ مضيتُ إلى سَريري ، فتلحَّفتُ بلحافي وغططت في دفء ودِعَة .
    صوتُ أمُّي وخالتي مُرتفع ، والبيتُ ضيّق ، و حوارَهما مَسموع بوضوح ، قالت خالتي : – أعجبُ منكِ يا أختي !
    – وممّا العَجب ؟
    – أعلمُ جيدًا أنّكم تعيشونَ عيشة الكَفافِ ، فمَا الذي يُلزمُك بإرسالِ جزء مِن طعام أهلِ بيتك إلى الآخرين ؟ أيتصدّق فقيرٌ على فقيرٍ ؟
    – سأجيبُكِ ، لكن عليكِ أن تسمَعي القصَّة مِن أوَّلِها .
    – كُلي آذانٌ مُصغيَة ، فتفضّلي ..
    – حضرتُ ذاتَ صباح حلقة ذِكر ، تحدَّثت فيها الدَّاعية الفاضلة عن الصَّدقة وفضلها ، فتألمتُ وكتمتُ دمعًا كادَ أن يسقط مني رغمًا عني ، ثمّ انفضَّ المجلسُ وعدتُ إلى بَيتي ، لأستقبلَ زوجي وأولادي لكنّني لم أكن كعادتي ، فقد اختفت ابتسامتي ، وسَكنَ الحُزن عينيّ ، فلاحظ زوجي العزيز تغيّر حالي ، فانتهزَ فرصة وجودِنا وحدَنا ليسألني : – ما بكِ ؟ لمَهْ كلّ هذا الحزن في عينيكِ ؟
    لم أستطع هذه المرّة الإمساك بدمعتي فقد سبقتني وسَقطت ، فزادَت حيرة زوجي ، وراحَ يلحّ بالسّؤال : ما بكِ ؟ هل هناك ما يسوء ؟
    – لا ؛ لا تقلق ، الأمرُ ليسَ كما ظننتَ ، إلا أنّني حزينة كوني لا أستطيع أن أبرهِنَ على إيماني .
    – أنا لا أفهمُ شيئًا !
    – كنتُ اليوم في حلقةِ الذكر ، وتحدَّثت الدَّاعية الفاضلة عن الصَّدقة وفضلها ، فقالت : يقولُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ” والصَّدقة بُرهان ” فهي دليلٌ على صدق العَبد وإيمانه ، فتألمتُ وكادَت عينيَّ تفيضانِ بدمعِها حزنًا ألا أجدُ ما أنفِق .
    – ألم تخبركنّ أن الصّدقة نوعين ؟
    – كلا ؛ حثَّتنا على بذلِ المال فقط .
    – إذا لا تحزني ، وكفكفي دَمعك ، فأنتِ قادرة ـ بإذن الله ـ على أن تبرهِني على صِدق إيمانكِ .
    – أخبرني ـ بربّك ـ كيفَ ، كيفَ ؟!
    – عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ أنَّ ناسًا من أصحابِ النَّبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قالوا للنَّبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : يا رسول الله ! ذهب أهل الدُّثور بالأجورِ ! يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدَّقون بفضول أموالِهم . قالَ : ” أو ليسَ قد جعلَ الله لكم ما تصدَّقون ؟ إنَّ بكلِّ تسبيحةٍ صدقة ، وكلّ تكبيرة صدقة ، وكلّ تحميدة صدقة ، وكلّ تهليلة صدقة ، وأمرٌ بالمعروفِ صدقة ، ونهيٌ عن منكرٍ صدقة ، وفي بضعِ أحدكم صدقة ” . قالوا : يا رسول الله ! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : ” أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرًا ” – (رواه مسلم)
    فالصَّدقة نوعان : صدقة بالمالِ ، وصدقة بغيرِ المال ، وهذه أيضا تنقسم إلى قسمين .
    – ما هما ؟
    – الأول : ما فيه تعديَة الإحسانِ إلى الخلق ، كتعليم العلم النَّافع ، وإزالة الأذى عن الطريق ، والسَّعي في جلبِ النَّفع للنّاس ، ودفع الأذى عنهم ، وغيرها …
    والقسم الثاني : ما كان نفعه قاصر على فاعلِهِ ، كأنواعِ الذّكر من تسبيح وتهليل وتحميد ، وكذلك المشي إلى المساجدِ صدقة .
    – كريمٌ ربِّي كريم ، وهو أرحم الرَّاحمين .
    ومنذ ذلك الوقت ـ يا أختي الحبيبة ـ عقدتُ العزمَ على أن يكونَ لي نصيبٌ مِنَ الصَّدقة بما أستطيع ، فأنا أملكُ صحَّة ووقتًا وشبابًا وعلمًا نافعًا ، فلمَهْ لا أتصدَّق بجزءٍ ممَّا أملكُ لأبرهنَ على صِدق إيماني ؟!
    اغرَورَقت عينا خالتي الحَبيبة بالدّموع ، ورفعت رأسَها لتقبّل جبينَ أمُّي ـ أختها الكبرى ـ وهي تعِدها بأن تحذو حذوَها ، وأن تبلّغ غيرها بما تعَلَّمته منها ، ثمَّ استأذنت بالانصرافِ كي لا يتأخر الطعام على جارتنا العَجوز ، وعامل المَسجدِ ذلك الشَّيخ الوَدود

  2. #2
    من اهل الدار
    Moon light
    تاريخ التسجيل: August-2016
    الدولة: في ذكريات الطفوله
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 16,765 المواضيع: 405
    صوتيات: 3 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 7621
    مزاجي: عجوزي ^_^
    شكرا على القصة

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال