تنظرُ باتجاه الأرض بينما أنت سائر، تلتصق عيناك بشيء ما، تمرِّر إصبعك عليه يميناً ويساراً، لأعلى وأسفل، تتغير ردود فعل وجهك كأنك تكلّم أحداً، تتباطأ خطواتك، ويرمُقك المارة بنظراتِ اشمئزاز، إذاً قد تكون بعض الأمراض في انتظارك.
قد يرى الكثيرون أن التحديق بالهاتف في أثناء المشي عادةٌ سخيفةٌ تُظهر صاحِبها كأنّه أبله، ولكن الأمر هنا لا يتوقّف فقط على المظهر، حيث ثبت مؤخراً أن استخدام الهاتف في أثناء المشي يجلب إلى قائمة الأمراض التي تُصيب المرء جرّاء الاستخدام الكثيف للهاتف أمراضاً جديدة، ولعل أهمها ما يلي:
1- تغيير طريقة حركتك إلى الأبد
أجرى علماء جامعة ديلاوير الأميركية دراسة لبيان التأثير الضار الذي يسببه استخدام الهواتف في أثناء المشي على صحة الإنسان.
وقام العلماء في الدراسة بعدّة تجارب، طلبوا فيها من متطوعين كتابة أرقام على هواتفهم الذكية في أثناء المشي، ووجدوا أن خطواتهم كانت بطيئة بشكل مبالَغ فيه؛ خوفاً من الوقوع أو الاصطدام بشيء في طريقهم.
وخلُص العلماء في دراستهم إلى أنّ استخدام الهاتف في أثناء المشي كثيراً لا يجعل مظهر الإنسان سخيفاً فحسب؛ بل يغيّر جسدياً من طريقة حركة ساقيه، ويجعله بطيئاً طوال حياته إن لم يتخلّص من تلك العادة!
2- مِخلَب النص
“Text Claw- مخلب النص“، ليس اسماً لتشخيصٍ رسميّ؛ بل هو مصطلح أطلقه بعض الأطباء على مجموعة الأمراض المرتبطة بالكتابة الكثيفة على الهاتف.
من المعروف أنّ الكتابة على الهاتف تتطلب ثنْي اليدين والأصابع بشكل يجعل الإنسان كأنه حيوان ذو مخالب، الأمر هنا لا يتوقّف على المظهر فحسب، وفقاً لـ”آرون داليوسكي”، جراح العظام بمركز وايل كورنيل الطبي في مدينة نيويورك الأميركية.
بل إنّ الكتابة على الهاتف بكثافة تؤدي إلى التهاب الأوتار، وهي الحبال التي تربط العظام بالعضلات، وتصيب المرء بآلام في الرسغ والساعد، ويتطور الأمر أحياناً ليصل إلى حالة من التشنجات، حسب داليوسكي.
3- عُنُق النص
“Text neck- عُنُق النصّ”، هو مصطلح يُستخدم لوصف الآلام التي تصيب من يجلس أمام شاشة هاتفه فترةً طويلةً من الوقت، ويُعرف هذا المصطلح باسم ثانٍ هو “iPosture”، والذي يشير افتراضياً إلى اسم برنامج يجعلك منحني الرقبة أطول فترة ممكنة.
تزن رؤوسنا من 4.5 إلى 5 كيلوغراماتٍ، ويتسبب شدّها إلى الأمام فترات طويلة في وضع ضغط إضافي على الرقبة والعمود الفقري، فعلى سبيل المثال إذا قمت بشدّ رأسك 15 درجة، فهذا يضع وزناً إضافياً على رقبتك بمقدار 12 كيلوغراماً تقريباً، ومن ثمّ تعرض العنق والعمود الفقري للانحناء.
“عُنُق النص” أصبح ظاهرة خطيرة، وبحسب تقرير أشارت إليه صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، تحول إلى وباء يمكنه أن يؤدي إلى ضرر دائم.
4- تَلَف النظر
حذّر أطباء العيون من أنّ الاستخدام المفرط للهواتف الذكية قد يؤدي إلى تلف النظر على المدى الطويل، وذلك كما جاء في تقرير جريدة الـ”بي بي سي” البريطانية ، بالإضافة إلى أن الضوء الأزرق المنبعث من شاشاتها يؤثّر سلباً على الجزء الخلفي من العين.
وذكر التقرير أيضاً أنّ إطالة النظر تسبب أيضاً جُملة من الأمراض مثل جفاف العين، وزيادة قصر النظر والصداع؛ هما من الأمراض المرتبطة بالفترات المتواصلة التي يقضيها المرء أمام هاتفه الذكي.
5- متلازمة اهتزاز فانتوم
“Phantom vibration syndrome- متلازمة اهتزاز فانتوم”، ليس مصطلحاً لاهتزاز هاتفك أو رنينه؛ بل هذا ما يظنه دماغك، حيث وجدت الأبحاث التي أجرتها جامعة إنديانا الأميركية أن 89% من الطلاب الجامعيين يشعرون بأن هواتفهم تهتزّ أو تَرنّ بينما كانت هواتفهم صامتة!
وتذكر هذه الأبحاث أنّ هذه المتلازمة تُصيب صاحبها بحالةٍ دائمةٍ من القلق والهلوسة، فالاهتزاز والرنين الذي يدور في دماغه ما هما إلا “وهم” ناتج عن الاستخدام المُفرط للهاتف الذكي والارتباط به.
6- تسمم غذائي
وجدت دراسة نُشرت في جريدة “ذي أتلانتيك”، والتي أجرتْها كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، أنّ 16% من الهواتف الذكية تحتوي على بكتيريا “E coli- الإشريكية القولونية”، وهو ما يعني أن واحداً من 6 هواتف ملوّث بمواد “بُرازية”!
وهذا يشير ببساطة إلى أن النّاس ما زالوا لا يغسلون أيديهم بصورة جيّدة، خاصة بعد الخروج من دورات المياه، ما يفتح الباب إلى نشرهم العدوى، خاصة أن بكتيريا “الإشريكية القولونية” يُمكنها التسبب في تسمم غذائي، ومن ثم الوفاة!
في النهاية، لا يؤثر الاستخدام المفرط للهاتف على صحتك فحسب؛ بل إنّه قد يأخذ الكثير من حياتك الاجتماعية، ووقتك، وربما سعادتك، لذا فمن الأفضل استخدام هاتفك بالشكل الصحيح والمتوازن، فصحّتك هي الأهم في نهاية المطاف.