حدائق تيفولي الدانماركية.. اقدم مركز ترفيهي في العالم
]حدائق تيفولي في كوبنهاغن هي ثاني أقدم مركز ترفيهي في العالم، وأول عامل جذب سياحي في العاصمة الدانمركية. سحر خاص، مياه عذبة، وطبيعة خلابة تعيد الى الذاكرة حدائق تيفولي الايطالية وحدائق ليوبليانا (سلوفينيا)، لكنها تتميز، كما الدانمرك كلها، بنكهة خاصة هي نكهة الفايكنغ سكان الدانمرك القدامى.
تقع في الدانمرك وتحديدا في العاصمة كوبنهاغن، ويتخطى عدد زوارها أربعة ملايين سائح سنويا معظمهم من داخل البلاد. اما اكبر نسبة من السياح من خارج الدانمرك فتأتي من السويد. والحدائق هي ثاني مركز ترفيهي من حيث عدد السياح في اوروبا بعد «ديزني لاند» في باريس.
تاريخ هذه الحدائق يعود الى 15 آب (اغسطس) من العام 1843 ما يجعلها المركز الترفيهي الثاني في العالم من حيث القدم. واول اسم عرفت به هو «حدائق التيفولي فوكسهال» وذلك نسبة الى حديقتين اوروبيتين معروفتين التيفولي في باريس وفوكسهال في لندن. لكن ثمة من يقول ان اسم «تيفولي» يعود الى الحدائق الرائعة التي احاطت بفيلا ديستي في منطقة تيفولي في ايطاليا.
ويروى ان احد الضباط العسكريين في الدانمرك، ايام الملك كريستيان الثامن، نصح الملك ببناء مراكز ترفيهية للشعب عله ينسى السياسة ويبتعد عنها. فما كان من الملك الا ان خصص 61 الف متر مربع في ضواحي كوبنهاغن كي يبني فيها حدائق ومراكز ترفيهية. ومع توسع المدينة اصبحت الحدائق اليوم تماما في وسطها.
منذ افتتاحها حوت حدائق تيفولي مباني بتصاميم مختلفة، منها ما يذكر بالاجواء الشرقية او الافريقية ومطاعم ومقاه وصالات للحفلات وأحواض من الزهور وبعض الالعاب كدوامة الخيل والسكك الحديدية، وقد زينت بالاضواء الملونة وكانت سماؤها تتلألأ بالالعاب النارية في ايام محددة مخصصة لهذا العرض.
هتنس كريستيان وهو مؤلف موسيقي تولى ادارة الحدائق من العام 1843 حتى العام 1872، كان يقيم فيها الحفلات الموسيقية ويؤلف معظم معزوفاته بين أشجارها وقد اشتهر عدد كبير من معزوفاته في الدانمرك ولا تزال «الاوركسترا السيمفونية لحدائق التيفولي» تعزف بعضا منها حتى اليوم.
في العام 1874 اضيف الى الحديقة مسرح مفتوح بتصميم صيني مشهور بستائره الهائلة الحجم التي تشبه ذيل الطاووس، وهي تتطلب جهد خمسة رجال لفتحها واغلاقها. وغالبا ما يشبه السياح هذا المسرح بلعبة نظرا لألوانه وغرابة تصميمه، وهو معروف بأنه المسرح الاول في اوروبا الشمالية والشرقية الذي يقدم عروضا من فن التمثيل الايمائي مقتبسة عن مسرح شعبي ايطالي وهو Commedia dell’arte. هذا التقليد بقي حيا حتى اللحظة، وعروضه اليومية هي المفضلة على الاطلاق في صفوف الشباب في الدانمرك الذين يحبون شخصياتها ولا يملون مشاهدتها. كما يقدم المسرح ايضا عروضا في رقص الباليه والرقص الحديث لأشهر مصممي الرقص الاوروبيين.
في العام 1943، أحرق النازيون معظم مباني حدائق تيفولي، لكن سكان المدينة مالبثوا ان اعادوا ترميم بعضها بشكل مؤقت كي تعود الى عملها في غضون ايام. في الواقع حدائق تيفولي لم تكف عن التجدد من دون ان تفقد التقاليد التي طبعتها على مدى قرنين من الزمن، تماما كما قال الضابط العسكري الذي اشادها: حدائق تيفولي مشروع لن ينتهي ابدا. والت ديزني قال الشيء نفسه عن «ديزني لاند» لكنه بعدما زار حداق تيفولي اقتنع بضرورة ان يضفي شيئا من أجوائها المرحة والمريحة الى «ديزني لاند». وحدائق تيفولي مازالت تحافظ على مدخلها الرئيس منذ العام 1843 وهو على شكل قوس يرتفع على مجموعة من الاعمدة تضيئه اكثر من مئة وخمسة عشر الف لمبة.
الحدائق معروفة ايضا بالجبل الروسي المصنوع من الخشب الذي بني في العام 1914 في مالمو في السويد ووضع في الحدائق في العام 1915، وهو أقدم جبل روسي خشبي على الاطلاق مازال يستخدم حتى اليوم. في الحديقة ايضا جبل روسي آخر يعرف بـ«الشيطان» (The Demon) وهو متطور نسبيا يعتمد على التكنولوجيا، وغالبا ما يستمتع به السياح الذين لا يهابون الخطر اذ انه فائق السرعة وسكته فيها تعرجات ومرتفعات ومنخفضات خطرة بكل ما للكلمة من معنى. وقد اضيف الى الحدائق في شهر نيسان (ابريل) من العام 2004.
في العام 2006، افتتحت في حدائق تيفولي دوامة خيل هي الاطول في العالم اذ يصل طولها الى ثمانين مترا فتشاهد من على متنها المدينة كاملة تحت انظارك، وقد صممتها احدى الشركات النمسوية. اما في العام 2010، فقد اضيف الى الحدائق فندق التيفولي.
الى جانب الالعاب والترفيه والتسلية تهتم الحدائق بجانب منها بالثقافة والفنون خصوصا بالمسرح والموسيقى ما يجعلها مركزا مثاليا للرحلات العائلية، وهي تخصص مساحة لاكتشاف الميثولوجيا الاسكندينافية. اما قاعة العروض فيها، فقد اشيدت في العام 1956 لتتسع لأكثر من الف وستمئة شخص وهي تحظى بسمعة وشهرة عالميتين. في العام 2005، تم ترميم القاعة وتوسيعها مع الحفاظ على طابع الخمسينيات الذي يغلب عليها. الا أن الشركة التي تبنت المشروع اضافت اليها بعض الالوان الحية كما صممت اطول حوض للاسماك من المياه المالحة في أوروبا ليصبح هو ايضا عاملا رئيسا في جذب السياح من مختلف انحاء القارة العجوز إذ يحوي على حوالي ألف وستمئة نوع من الاسماك والمرجان الاستوائي.
للحدائق ايضا فرقة من الفتيان تتراوح اعمارهم بين ثماني وست عشرة سنة، وهم يرتدون زيّ الحرس الملكي في الدانمرك ويؤدون عروضا موسيقية يومية واخرى في الرقص. والفتيان ايضا يتولون، منذ العام 1844 عندما تم تأسيس الفرقة، حراسة الحدائق وكل المباني الواقعة في نطاقها، كما أنهم هم من يمثلونها في مناسبات مختلفة داخل البلاد وخارجها. وما أن يبلغ الفتى المنتسب الى الفرقة ستة عشر عاما حتى يستقيل، وغالبا ما يتوجه هؤلاء الشبان الى التخصص في الموسيقى نظرا الى كثرة التدريب الذي تلقوه اثناء خدمتهم. معروف ايضا ان فتيان الفرقة كانوا يكافأون بالطعام والمشروبات الكحولية في كل مرة اقاموا فيها عرضا او اي شيء آخر، وهم ما زالوا حتى اليوم لا يتقاضون اجرا بل تمارين موسيقية مكثفة ورحلات في الدانمرك وحول العالم لتقديم الحفلات.
مهرجانات كثيرة تنظم في الصيف في هذه الحدائق أشهرها مهرجان Friday Rock وهو مجموعة من العروض والحفلات الموسيقية تجري في كل نهار جمعة من فصل الصيف. وفي السنة الحالية سيركز المهرجان على موسيقى الجاز في البلدان الاسكندينافية وذلك في ثلاثة وعشرين عرضا تقدمه اكثر من تسع وعشرين فرقة موسيقية اوروبية.
ثمانية وعشرون مطعما تنتشر في الحدائق منها ما يقدم الاطباق الدانمركية التقليدية ومنها ما يختص بمطابخ عالمية اخرى.
هذه هي حدائق تيفولي بكل ما فيها من خضار ومراكز ترفيهية وتاريخ وعادات وتقاليد عرفت السلطات كيف تحافظ عليها كي تجذب ليس السياح وحسب بل الشباب الذين لازالوا يتحمسون الى الانضواء تحت لواء فرقة الفتيا، أو حتى مشاهدة مسرحيات الفن التمثيلي الايمائي يوما بعد يوم. انها حدائق تستحق عن جدارة ان تعتبر نقطة تكامل بين التاريخ والتقاليد والتطور والحداثة.
]
.
]
.
]
.
.
.
[/font]
.
.