دَلَّت على مَلِكِ الملوكِ ، فلم تَدَعْ |
لأَدلَّة الفقهاءِ والأَحبار |
مَنْ شَكَّ فيه فنظرة ٌ في صُنْعِه |
تمحو أثيمَ الشكِّ والإنكار |
كشف الغطاء عن الطرول وأَشرقت |
منه الطبيعة ُ غيرَ ذاتِ سِتار |
شَبَّهْتُها بلقيسَ فوق سريرها |
في نَضْرَة ٍ، ومواكبٍ ، وجواري |
أو بابن داوُدٍ وواسعِ مُلكه |
ومعالمٍ للعزّ فيه كبار |
هُوجُ الرِّياح خواشعٌ في بابه |
والطيرُ فيه نواكسُ المِنقار |
قامت على ضاحي الجنان كأَنها |
رضوانُ يُزجي الخلْد للأَبرار |
كم في الخمائل وهي بعض إمائها |
من ذاتِ خلخالٍ ، وذاتِ سوار |
وحَسِيرَة ٍ عنها الثيابُ، وبَضَّة ٍ |
في الناعماتِ تجر فضلَ إزار |
وضحوك سنٍّ تملأُ الدنيا سنى ً |
وغريقة ٍ في دمعها المِدْرار |
ووحيدة ٍ بالنجدِ تشكو وحشة ً |
وكثيرة ِ الأَتراب بالأَغوار |
ولقد تمرُّ على الغدير تخاله |
والنَّبْت مرآة ً زهتْ بإطار |
حلو التسلْسُل موجُهُ وجريره |
كأَنامل مرَّت على أَوتار |
مدّت سواعد مائه وتأَلقت |
فيها الجواهر من حَصى ً وجمار |
ينساب في مُخضلَّة ٍ مُبتلَّة ٍ |
منسوجهٍ من سُندُسٍ ونُضار |
زهراءَ عَوْنِ العاشقينعلى الهوى |
مختارة ِ الشعراءِ في آذار |
قام الجَليدُ بها وسالَ ، كأنه |
دَمعُ الصبابة ِ بلَّ غضنَ عذار |
وترى السماء ضحى ً وفي جنح الدجى |
مُنشقَّة ً من أَنهرِ وبحار |
في كلِّ ناحية ٍ سلكتَ ومذهبٍ |
جبلانِ من صخر وماءٍ جاري |
من كلِّ مُنهمرِ الجوانبِ والذُّرى |
غَمْرِ الحضيضِ، مُجلَّل بوقار |
عقد الضريبُ له عمامة َ فارعٍ |
جَمِّ المهابة ِ من شيوخ نِزَار |
ومكذِّبٍ بالجنّ ريع لصوتها |
في الماءِ منحدراً وفي التيار |
مَلأَ الفضاءَ على المسامع ضجَّة ً |
فكنما ملأ الجهاتِ ضَواري |
وكأَنما طوفانُ نوحٍ ما نرى |
والفلكُ قد مُسِخَتْ حثيثَ قِطار |
يجري على مثل الصِّراط ، وتارة |
ما بين هاوية ٍ وجُرْفٍ هاري |
جاب الممالكَ حَزْنَها وسهولَها |
وطوى شَعابَ الصرب والبلغار |
حتى رمى برحالنا ورجائنا |
في ساحِ مَأْمولٍ عزيز الجار |
مَلِكٌ بمفرقه إذا استقبله |
تاجان : تاجٌ هدى ً ، وتاج فخار |
سكن الثريّا مستقر جلالِه |
ومشت مكارمُه إلى الأَمصار |
فالشرقُ يُسْقى ديمة ً بيمينه |
والغرب تمطره غيوثُ يَسار |
ومدائنُ البرَّيْنِ في إعظامه |
وعوالمُ البحْرَينِ في الإكبار |
الله أَيّده بآساد الشّرى |
في صورة المُتَدجِّج الجرّار |
الصاعدين إلى العدوِّ على الظُّبى |
النازلين على القنا الخطَّار |
المشترين الله بالأبناء ، والـ |
ـأ زواج ، والأمول ، والأعمار |
القائمين على لواء نبيِّه |
المنزَلين منازلَ الأَنصار |
يا عرش قسطنطين َ ، نلت مكانة ً |
لم تُعطَها في سالف الأَعصار |
شرِّفتَ بالصِّدّيقِ، والفاروقِ، بل |
بالأقربِ الأدنى من المُختار |
حامي الخلافة ِ مجدِها وكِيَانِها |
بالرأي آونة ً وبالبتَّار |
تاهَتْ فروقُ على العواصم،وازدَهت |
بجلوسِ أَصْيَد باذِخِ المقدار |
جَمِّ الجلالِ، كأَنما كرسيُّه |
جُزءٌ من الكرسي ذي الأَنوار |
أخذت على البوسفور زُخرفَها دُجى ً |
وتلألأت كمنازلِ الأقمار |
فالبدرُ ينظر من نوافذِ منزل |
والشمس ثمَّ مُطِلُّة ٌ من دار |
وكواكبُ الجوزاءِ تخطرُ في الرُّبى |
والنَّسْر مطلعُه من الأَشجار |
واسم الخليفة في الجهاتِ منوّر |
تَبدو السبيلُ به ويُهْدَى السَّاري |
كتبوه في شُرف القصور ، وطالما |
كتبوه في الأسماع والأبصار |
يا واحدَ الإسلام غيرَ مُدافَعٍ |
أَنا في زمانك واحدُ الأَشعار |
لي في ثنائك ـ وهو باقٍ خالدٌ ـ |
شعرٌ على الشعرَى المنيعة ِ رازي |
أَخلصتُ حبي في الإمام ديانة ً |
وجعلته حتى المماتِ شِعاري |
لم أَلتمس عَرَضَ الحياة ِ، وإنما |
أَقرضْتُهُ في الله والمُخْتار |
إن الصنيعة لا تكون كريمة ً |
حتى تُقَلِّدَها كريمَ نِجار |
والحبُّ ليس بصادق ما لم تمن |
حسنَ التكرُّم فيه والإيثار |
والشعر إنجيلٌ إذا استعملتَه |
في نشرِ مكرُمَة ٍ وستر عَوار |
وثنيتَ عن كدر الحياضَ عِنانَه |
إنّ الأَديبَ مُسامحٌ ومُدارِي |
عند العواهلِ من سياسة دهرهم |
سِرٌّ، وعندك سائرُ الأَسرار |
هذا مُقام أنت فيه محمدٌ |
أَعداءُ ذاتك فِرقة ٌ في النار |
إن الهلالَ ـ وأنتَ وحدّك كهفهُ ـ |
بين المعاقِل منك والأَسوار |
لم يبقَ غيرك مَنْ يقول: أَصونُه |
صُنه بحول الواحدِ القهَّار |