أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ** * {تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ** سورة ابراهيم.
من مفاتح السعادة في القرآن وما حثنا الله عليه في هذه الآية الكريمة، ان نلتزم بأن لا نقول إلا الكلام الطيب، حيث يمثل الله تعالى الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة الثابت أصلها والعالية والدائمة الثمر بإذن ربها، بالمقابل ذكر تعالى الكلمة الخبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض مالها من قرار.
إن للكلمة آثارا نفسية على المتكلم والمتلقي، سواء كانت ايجابية ام سلبية، لذلك ينهى الله في آيات كثيرة عن الكلام الخبيث حيث يقول سبحانه (اجتنبوا قول الزور)، أي علينا ان نتكلم بكلام طيب او لا نتكلم، لما في الكلام من اهمية وتأثير على المتلقي، وقد قدم الله الكلام الطيب حتى على الصلاة والزكاة، حيث يقول تعالى في سورة البقرة (قولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة).
الكلمة الطيبة ترفع صاحبها
لذلك فإن للكلمة أهميتها في الدين الاسلامي، فربما ترفع صاحبها الى أعلى الدرجات، وقد تهوي به في النار، فهي كالبلسم على قلوب الاخرين، أي أن الكلمة الطيبة بمثابة الدواء الذي يمتص الغضب والحقد من قلوب الاخرين، وهي تقضي على الضغينة وتمحو ملفات الماضي، وتفتح ملفا او صفحة جديدة عنوانها الحب والخلق الفاضل، لقد كان نبينا الكريم أحسن الناس خلقا وأطيبهم كلاما، حتى مع الاعداء، وقد قال عنه القرآن (وانك لعلى خلق عظيم)، ومن الخلق العظيم هي الكلمة الطيبة، لا بل من أهم الخلق العظيم، فكما جاء في الحديث الشريف (الكلمة الطيبة صدقة).
فهل الكلمة الطيبة مثل الصدقة أم هي صدقة من نوع آخر، أم فعلا هي صدقة؟. يجيب القرآن الكريم عن هذا السؤال بأنها: (قول معروف ومغفرة خيرا من صدقة يتبعها أذى)، هنا يقول القول بمعروف أفضل من الصدقة، فما بال الكلمة الطيبة اذا كانت صدقة؟؟.
لقد قال الله عز وجل (الكلمة الطيبة) ولم يقل العمل الصالح، لان العمل يكون في الغالب بين العبد وربه، اذا كان صالحا فهو يطلب به وجه الله، اما الكلام فيكون مع الناس، فهو يأمرنا ويحثنا على القول الحق والعدل والاحسان في كلامنا لكي يكون كلاما طيبا.
من مفاتح السعادة في القرآن، يعلمنا الله كيف نكون سعداء، وننشر السعادة على من حولنا، إذ لا نتلفّظ إلا بالكلام الطيب، لأنه بالكلمة الطيبة تتآلف القلوب، وبالكلمة الخبيثة تتفرق.
كذلك الكلمة الطيبة تنفع صاحبها في حياته الدنيا، بالذكر الحسن وتكون صدقة له، وبعد موته تعود عليه بالدعاء الصالح، فهي ثابتة لا تعصف بها رياح الباطل.
لهذا ذكر القرآن الكلمة الطيبة، وتحدث عنها النبي ، والأئمة ، إذاً فمعناها كبير وتعني الكثير منها إفشاء السلام، وإصلاح ذات البين، وأن تذكر الله، وأن تعلم الناس خيرا، وأن ترشد ضالا، وهناك الكثير من الكلمات الطيبات، وكل واحدة لها ثوابها مع ثواب الصدقة.
تأثير الكلمة الطيبة
كم من جمع ممزق، جمعته الكلمة الطيبة؟ فهي لها اثرها في قلوب السامعين، وتفتح لهم ابواب الخير وتثمر عملا صالحا، وتألّف بين القلوب، وتلم الشمل، ولها الكثير من الآثار الايجابية على صاحبها، وعلى المتلقي أيضا.
علينا ان نعرف ان الكلمة التي نتلفظ بها لها آثارها الكبيرة، فتترك اثرا في نفس الشخص المقابل، وفي نفس المتحدث ايضا، اذا كانت سلبا فسلبا، وان كانت إيجابا فإيجابا. وهذا الاثر قد لا يزول في مرور الايام، بل يبقى دائما، لذلك يجب ان نحرص على ان نترك اثرا طيبا وايجابيا في نفوس الآخرين ومسامعهم.
علما أن هناك الكثير يجهلون تأثير الكلمة على الاخرين، فالكلمة قد تكون سببا في شفاء انسان، او سعادة اخر، وعلينا ان نعلم ان الكلمة الطيبة او الكلام الجميل لن يكلفنا كثيرا انما هو تعوّد وممارسة، إذاً لنكن من المتصدقين الدائمين من خلال الكلام، وما اكثر الكلام الطيب، اذا اردنا ان نجعله صدقة، وعلينا ان لا ننظر لمن نقول له الكلام الطيب، بل علينا ان نلتفت الى نقول، ولا نجعل الكلام الجميل لمن يستحقه فقط، بل لنجعل الصدقات الى الكل، والجزاء من الله كما ضمن تعالى ذلك لصاحب القول الطيب، من خلال هذه الآية الكريمة: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)، وما عند الله باق وما عند الناس ينفذ.
ألهم ليّن ألسنتنا بذكرك واجعلنا من المتصدقين، ولنكن من الملتزمين بهذه الآية حتى نحظى بسعادة الدنيا والاخرة ولتكن هذه الآية منهاجا في حياتنا، حتى نفوز بالدارين، وعلينا أن نلتزم بحديث الرسول الأعظم (ص)، بالإضافة الى هذه الآية (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا او ليصمت).
إذاً أما الكلام الطيب وإلا فالصمت أولى.