الكاتب : ستار كريم مظلوم صناعة الصابون ارتبطت باستعمالات المرأة..
كانت تعتمد صناعة الصابون في العراق بالدرجة الاولى على الشحوم والدهون ، حيث انها تذوب وتغلي في قدور كبيرة ثم تخلط (بالتيزاب) و (الجلو) او الرماد بمقادير معينة ثم يصب ذلك الخليط الذائب الذي يميل الى الزرقة في صحون كبيرة ويترك تحت وهج الشمس حتى يجف ، ومن ثم يقطع بالسكين الى قطع وحجوم معينة ويستعمل بعد ذلك في غسل الالبسة والاواني وما اليها ، وبعد ذلك تطورت هذه الصناعة بعض الشيء فأخذ القوم يستعملون مادة القلي بدلاً من الرماد و (القلي) هذا نوع من الاعشاب غليظ الورق غامق الزرقة تفوح منه روائح عطرة رخيص الثمن وكانت تكثر زراعته في مدن خانقين وكفري وسامراء وتكريت فكانت القوافل من البدو والاعراب يجلبون منه كميات كبيرة لبيعها في المدن المشهورة بصناعة الصابون او مقايضته بالسكر والشاي والبن والاحذية والنحاس وما الى ذلك ، والطريقة التي يعملون بها هذا العشب للاستفادة منه في صنعتهم . وهي ان يغلي كثيراً بعد اضافة الماء اليه وبعد ذلك يقطر في قدر كبير مصنوع من النحاس عادة ويسمى (تيان) والذي يكون مملوءاً بالشحوم وليّة الاغنام ثم يعاد غليان هذا الخليط مرة اخرى حتى ينضب اكثر من ربعه ويترك بعد ذلك حتى يبرد ويجف حيث يقطع ويتحول الى صابون للغسيل والاستحمام ومما لا شك فيه ان توفر المواد الاولية (البسيطة مثل الشحوم وامعاء الحيوانات والدهون ورخص ثمنها يومذاك علاوة على مهارة الايدي العاملة قد ساعدت على توسع انتشار هذه الصناعة الى حد كبير في العراق ، وفي بدايات العقد الثالث من القرن العشرين اخذت هذه الصناعة تتطور بصورة واضحة حيث تأسست شركات خاصة ساهم في رأس مالها عدد كبير من الممولين وتبنى العمل في تلك الشركات عدد من العراقيين الذين عادوا من بعثاتهم العلمية في اوروبا بعد ان تخصصوا في معاهدها ردحاً غير قليل من الزمن ، فبنوا تلك المؤسسات الصناعية على اساليب حديثة منظمة من حيث الانتاج والتوزيع وبصورة علمية وفنية دقيقة ، كما انهم عملوا على تصريف منتوج هذه الصناعة بمقياس واسع على اساس اقتصادي يتناسب مع تكاليف الانتاج والظروف السائدة يومذاك مما كان لذلك الاثر الكبير في مزاحمة ما كان يستورد الى العراق من الصوابين المستوردة من مدينة حلب السورية وغيرها ، وقد كان لباعة الصابون وجود ظاهر في كل سوق ومحلة في بغداد والمدن الاخرى لكثرة الحاجة اليه في البيوت والمحلات ومن انواعه التي كانت مشهورة ما يقال له (صابون ركي) و (صابون ابو الهيل) و (صابون حلب) ، ويكون القالب منه طويلاً بطول قدم او اكثر ، يقصون منه على المقدار الذي يسهل استعماله وقد اختفى هذا النوع في هذه الايام لانصراف الناس عنه وذلك يعود لاستيراد الدولة لانواع حديثة من الصابون الاجنبي وبيعه في في الاسواق المحلية ، ومن انواع الصوابين التي كانت تصنع في بغداد وتستعمل في غسل الملابس (صابون شماش) ، واتخذت لهذا الصابون ماركات واسماء يعرف بها منها (ابو التفاحة) ...
ستار كريم مظلوم